يمتدّ فصل الخريف في لبنان من أيلول حتى تشرين الثاني، ويُعدّ من أجمل فصول السنة التي تضفي على البلاد طابعًا ساحرًا يميّزه عن باقي المواسم. فبينما يربطه البعض بفترة انتقالية بين الصيف والشتاء، يراه آخرون موسمًا متكاملًا يستحق الاكتشاف، بفضل ألوانه الدافئة وطقسه المعتدل الذي يجعل السياحة فيه تجربة هادئة ومريحة.
اللقلوق... عروس الخريف
ويبرز بين هذه المشاهد الساحرة اسم بلدة اللقلوق الجبلية، التي تتربّع على علوّ يزيد عن 1600 متر فوق سطح البحر، وتُعرف بمنتجعاتها الشتوية وموقعها الخلّاب الذي يجعلها مقصدًا للسياحة على مدار العام.
غير أن سحرها في الخريف مختلف تمامًا، ولهذا تلقّب بـ "عروس الخريف". في هذا الموسم، تتزيّن البلدة بألوان دافئة تُغري الزائر بالبقاء، فتتحوّل الأشجار إلى مزيج من الأصفر والبرتقالي والبني، وتتناثر الأوراق على الطرقات كأنها بساط طبيعي يُمهّد لرحلة استرخاء في أحضان الجبل. أما الهواء النقي والنسيم البارد الذي ينساب بين التلال، فيضفي شعورًا فريدًا بالسكينة والابتعاد عن صخب المدينة وضوضائها.
أنشطة ترفيهية لعشّاق الطبيعة والمغامرة
لا تقتصر زيارة اللقلوق على التمتّع بالمشهد الطبيعي فقط، بل تشمل أنشطة ترفيهية ورياضية تناسب العائلات والمغامرين على حدّ سواء. يمكن للزوار القيام بنزهات مشي طويلة عبر مسارات آمنة تمرّ وسط الأشجار، حيث تُقام قناطر خشبية صغيرة تشكّل خلفية مثالية لالتقاط الصور التذكارية.
ولعشّاق المغامرة، هناك نشاطات متنوّعة بأسعار معقولة: تسلّق الألواح بـ 5 دولارات، أو تسلّق الصخور ثلاث مرات بـ 25 دولارًا لشخص واحد، 30 دولارًا لشخصين، و35 دولارًا لثلاثة أشخاص. أما تجربة الـ Zip Line، فتتيح للمشاركين التحليق لمسافة قصيرة مرتين مقابل 5 دولارات، في حين تُقدَّم دورة كاملة بـ 10 دولارات.
الخيارات لا تتوقف هنا؛ إذ يمكن استئجار دراجة هوائية لنصف ساعة بـ 5 دولارات، أو لساعة بـ 8 دولارات، أو ليوم كامل بـ 25 دولارًا. كما تتوفر الرماية بـ 30 سهمًا مقابل 20 دولارًا، وملاعب التنس بـ 20 دولارًا للساعة. ولعشّاق الخيول، يمكنهم ركوبها لعشر دقائق بـ 5 دولارات أو نصف ساعة بـ 20 دولارًا، أو لأربعين دقيقة بـ 30 دولارًا، في تجربة تجمع بين الرياضة والمتعة وسط الطبيعة.
أما المطاعم القريبة من الموقع، فتوفّر أجواءً دافئة ومريحة مع إطلالات بانورامية على الوديان والمناطق المنخفضة. أسعارها معتدلة وتشبه عموم المطاعم
اللبنانية، ما يجعلها خيارًا مناسبًا للعائلات والأصدقاء على حد سواء.
ومع اقتراب الغروب، يبدأ مشهد آخر لا يقلّ سحرًا. يزداد الهواء برودة، وتغدو الأجواء مثالية للجلوس في الحدائق المحيطة بالمنطقة، حيث تتوفر مقاعد مريحة وأغطية للدفء، إلى جانب إمكانية الاستمتاع بمشروب ساخن يمنح شعورًا بالراحة والسكينة.
وبهذا، يشكّل فصل الخريف في لبنان فرصة مثالية لاكتشاف جمال البلاد بعيدًا عن زحمة الصيف وبرودة الشتاء. فمع اعتدال الطقس وتنوّع الأنشطة، تتحوّل الوجهات الجبلية مثل اللقلوق إلى محطات جذب رئيسية للسياحة الداخلية والخارجية على حد سواء. إنه الموسم الذي يجمع بين الراحة والمغامرة، بين دفء الألوان ونقاء الهواء، ليؤكد أن لبنان ليس مقصدًا صيفيًا أو شتويًا فحسب، بل وطن يمكن الاستمتاع بسحره في كل فصل، ولا سيّما في خريفه الذي يرسم ملامح الجمال الطبيعي في أبهى صوره.