كتب ابراهيم بيرم في" النهار": قبل أيام كُشف عن ولادة إطار سياسي فلسطيني جديد أطلق عليه اسم "اللقاء التشاوري الوطني الفلسطيني"، وعلى الأثر، انفتح باب التساؤلات والتكهنات عند الراصدين لملف الوجود الفلسطيني في لبنان، وتركزت على ما إذا كانت الخطوة المفاجئة مدخلًا لجولة جديدة من المواجهة بين التيارين اللذين يقسمان عمليًا الشارع الفلسطيني منذ زمن بعيد.
ولقد أعدّ القيمون على استيلاد هذا الإطار العدّة ليكون إطارًا فضفاضًا، فشارك في الإعداد له كل من "قوى التحالف الفلسطيني"، أي الإطار القديم الذي تشكل حركتا "
حماس" و"
الجهاد الإسلامي" ركنيه الأساسيين، إضافة إلى فصائل أخرى محدودة الحضور، مضافًا إليه هذه المرة "
الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين"، وإن كانت دومًا منضوية في إطار منظمة التحرير، إلى جانب "القوى الإسلامية".
حيال تلك المعطيات، كان بديهيًا أن يعتمد كثر تحليلًا يقوم على فرضية أن هذا
التيار الوليد أتى كفعل مرتد على مساعٍ حثيثة تبذلها حركة "فتح" لاستعادة سيطرتها التاريخية على اللاجئين ومخيماتهم الـ 12 في لبنان. وفي هذا السياق، ثمة تخوف في الصف الفلسطيني من إقدام السلطة من جانب واحد على إبرام اتفاق مع
الدولة اللبنانية لتسليم السلاح الثقيل، وتلا ذلك إعلان السلطة إجراءات تنظيمية طاولت حركة "فتح" والمؤسسات المتفرعة منها، وأفضت إلى إبعاد "المتمردين" على توجهاتها أو المترددين، وإحلال آخرين مكانهم.
وإزاء ذلك، وجدت الفصائل والقوى
الفلسطينية الأخرى أن لا بد من رفع لواء الاعتراض على طموحات "فتح" والسلطة، والتي بدت طلائعها من خلال التفرد بقرار تسليم السلاح من مخيمات لبنان من دون أي تنسيق معها، فبدا الأمر بالنسبة إليها كأنه فعل متعمّد لإحراجها أمام الرأي العام الفلسطيني واللبناني معًا، وإظهارها بمظهر العاصي والمتمرد على توجهات السلطة
اللبنانية الجديدة.
وبناء على هذه التطورات، حاولت هذه القوى والفصائل أن تدرأ الهجمة بهجمة مضادة، فانتهجت بداية سياسة اللين والانفتاح مع السلطة اللبنانية، معلنة استعدادها لأي حوار تُطلب إليه معها، ثم كان تحركها الحالي المتمثل في استيلاد الإطار الجديد، بقصد "وضع الأمور في نصابها الصحيح ورسم خط اعتراض أمام المسار الذي أطلقته السلطة وحزبها حركة "فتح".
في هذا الإطار، يقول المسؤول عن "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في لبنان هيثم عبدو: "نحن نرفض رفضًا قاطعًا مقولة إن إطارنا الجديد هو بديل تم استيلاده، أو إضافة جديدة إلى أطر موجودة أصلًا. فهذا الإطار، ونحن جزء منه، أتى بناء على حاجة ملحة طرأت أخيرًا، وتحديدًا بعد تفرد "فتح" بخطوة تسليم سلاحها إلى الجيش، من دون التنسيق معنا، إذ كان عندنا نحن وقوى عدة ملاحظات أساسية، إذ كنا نتمنى أن تكون تلك الخطوة الحساسة ضمن رؤية واضحة ومعمقة تتصل بملف كل الوجود الفلسطيني في لبنان، ونحن نعتقد جازمين أن مسألة السلاح هي جزء وتفصيل من هذا الملف المعقد، ومدخله بالنسبة إلينا هو إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية التي يعلم الجميع، وحتى الدولة اللبنانية، أنها حق مكتسب ومعترف به لكنه يحتاج إلى خطوات وإجراءات من جانب الدولة، ما زالت مفقودة إلى اليوم".
ويضيف عبدو: "اللقاء الذي كانت خطواته الأولى في مقرنا، عقد لقاءات عدة حتى تبلور كإطار، وقد أبلغنا إلى من يعنيهم الأمر أن الإطار مستعد الآن لأي حوار يدعى إليه من جانب الدولة، ونحن في الانتظار".