في خضم تشابك التحركات الدبلوماسية والضغوط المالية على لبنان، يصل إلى بيروت اليوم الموفد السعودي يزيد بن فرحان في زيارة تحمل أبعاداً سياسية وإقليمية دقيقة، وتتزامن مع سلسلة إجراءات أميركية مشدّدة تستهدف حزب الله على المستويين المالي والاقتصادي.
وتفيد المعلومات بأن الحزب تبلّغ من قنوات معنية بأن المرحلة المقبلة ستشهد تقييداً جديداً لجمعية "القرض الحسن"، يشمل وقف المعاملات المصرفية وتعطيل آلات السحب التابعة لها، على أن يُحصر عمل الجمعية بإيداع الذهب في مقابل الحصول على سيولة، مع منع أي تبادل مالي مباشر بينها وبين مودعيها.
وتؤكد مصادر سياسية مقربة من "الثنائي الشيعي" أن حزب الله يرفض بشكل قاطع أي ضغوط تمارَس عليه من قبل أميركا أو أي أطراف أخرى، ويؤكد أن لبنان يجب أن يكون حراً في اتخاذ قراراته بعيداً عن الإملاءات الخارجية. في الوقت ذاته، يواصل الحزب، بحسب مصادره دعوته للوحدة الوطنية في لبنان ويعتبر أن مقاومته جزء أساسي من المشروع اللبناني المقاوم ضد الاحتلال والتدخلات الأجنبية.
وفيما أنهت مستشارة رئيس الجمهورية الفرنسية لشؤون شمالي أفريقيا والشرق الأوسط، آن كلير لوجاندر زيارتها لبنان، أفادت مصادر سياسية أن فرنسا تسعى إلى تعزيز دورها كمؤثر رئيسي في الشأن اللبناني والإقليمي، وهذه الخطوة تأتي في إطار تحركات باريس المستمرة لدعم الجيش، وهو ما يظهر من تأكيداتها بشأن التقدم الذي أحرزته خطة الجيش في جنوب الليطاني.
وتقول المصادر إن فرنسا التي تعتبر الجيش اللبناني عامل استقرار في البلاد، ترى في دعم الجيش وسيلة لتعزيز الأمن الداخلي في لبنان ومواجهة التحديات التي يفرضها الوضع الإقليمي المعقد. بالإضافة إلى ذلك، فإن إعلان فرنسا عن حماسها لعقد مؤتمر دعم الجيش في أقرب وقت يعكس، بحسب المصادر، رغبتها في الحفاظ على نفوذها في المنطقة، مع تركيزها على تعزيز التعاون مع المملكة العربية السعودية، التي تمثل قوة إقليمية مؤثرة.
وطلب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، تكليف بعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة، رفع شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل لإقدامها على بناء جدار إسمنتي على الحدود اللبنانية الجنوبية يتخطى الخط الأزرق الذي تم رسمه بعد الانسحاب الإسرائيلي في العام 2000.
وطلب عون إرفاق الشكوى بالتقارير التي صدرت عن الامم المتحدة التي تدحض النفي الإسرائيلي لبناء الجدار، وتؤكد أن الجدار الخرساني الذي أقامه الجيش الاسرائيلي أدى إلى منع السكان الجنوبيين من الوصول إلى مساحة تفوق 4 آلاف متر مربع من الأراضي اللبنانية.
ووفق ما نقلت رئاسة الجمهورية، فالتقارير الدولية تؤكد أن قوة "اليونيفيل" أبلغت إسرائيل بوجوب إزالة الجدار لاسيما، وان استمرار وجود اسرائيل في الأراضي اللبنانية وأعمال البناء التي تجريها هناك يشكلان انتهاكاً لقرار مجلس الامن الرقم 1701 ولسيادة لبنان وسلامة أراضيه.
إلى ذلك، يستعدّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي يوم غد لاستقبال السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى والذي سيزور أيضا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون.
وفي المواقف، قال الرئيس نجيب ميقاتي إنَّ "تمنّع إسرائيل عن الردّ على الطرح اللبناني باعتماد خيار التفاوض ومضيّها في العدوان المستمر على لبنان أرضاً وشعباً، يضع الدول الراعية لوقف إطلاق النار أمام مسؤولياتها في معالجة هذا الملف، منعاً لتفلّت الأمور أكثر، وإدخالنا مجدداً في منحى التصعيد الذي لا أفق له".
وقال أمام زواره: "إننا نستغرب الصمت الدولي إزاء الإنتهاكات الإسرائيلية وتقييد عمل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، واقتصار مهامها على أخذ العلم بما يحصل، فيما المطلوب منها اتخاذ قرارات حاسمة لردع العدو الإسرائيلي".
أضاف: "إننا نثمّن ما كشفه الجيش في تقريره الثاني لمجلس الوزراء، عن تقدّم في مهامه جنوب نهر الليطاني، ونعوّل على حكمة قيادة الجيش وعزيمة عديده، في المضي في المهام المطلوبة منهم لبسط الاستقرار ومنع الذرائع التي يستخدمها العدو الاسرائيلي لعدم الانسحاب من المواقع الجديدة التي احتلها، وتحويل البلدات الجنوبية، لا سيما الحدودية، الى منطقة مدمّرة وخالية من السكان. كما أننا نعتبر أن المسؤولية الأولى في هذا الملف تقع على عاتق الدول الصديقة للبنان، والمطلوب منها منع مخطط تحويل البلدات الحدودية المدمّرة الى أرض غير قابلة للسكن وفرض الإنسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان ووقف التهديدات وعودة الأهالي الى قراهم ومناطقهم وبدء ورشة إعادة الإعمار".
وقال: "إننا نؤيد الدعوة إلى التفاوض للتوصل إلى حل ينهي الإحتلال الإسرائيلي ويوقف العدوان، انطلاقاً من اتفاق الهدنة الموقّع عام 1949، والذي لا يزال الإطار الأنسب لإنهاء معاناة وطننا وشعبنا".
ورداً على سؤال قال: "نحن نقدّر الإعلان السعودي أمس بشأن الإستعداد لاتخاذ خطوات وشيكة لتعزيز العلاقات التجارية بين بلدينا ولرفع العوائق أمام الصادرات اللبنانية، ونعتبر هذه الخطوة أساسية لزيادة التعاون مع لبنان، كما نثمّن ما قدّمته وتقدّمه المملكة للبنان، من خبرات ومساعدات، وما تنوي القيام به لدعم لبنان، وهي كانت ولا تزال الشقيق الأكبر للبنان وخير سند وداعم لبلدنا على المستويات كافة".
وعن ملف الإنتخابات النيابية قال: "إن الإصطفافات السياسية الحادة وأجواء التحدي التي نشهدها في هذا الملف تتسبب بأجواء غير سليمة وقد تهدد الإستحقاق برمّته. إذا كان متعذراً التوافق على أي تعديلات يقترحها هذا الفريق أو ذاك، ينبغي العمل على إجراء الإستحقاق في موعده بعد التوافق على أي تعديل يراه مجلس النواب مناسباً، خصوصاً في ظل تأكيد وزارة الداخلية والبلديات أن الإجراءات لإنجاز هذا الإستحقاق جارية بشكل طبيعي".