Advertisement

لبنان

قلق أوروبي من الضغط الأميركي:الجيش هو الضمانة الأخيرة

Lebanon 24
19-11-2025 | 22:47
A-
A+
Doc-P-1444318-638992144987181998.jpg
Doc-P-1444318-638992144987181998.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتب فراس الشوفي في" الاخبار": لم تكن السياسة الأميركية تجاه لبنان خلال العقدين الأخيرين أكثر تشتّتاً ممّا هي عليه اليوم في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب. وبقدر ما تظهر قبضة الأميركيين مُحكمة على عنق لبنان، فإن سياسات الضغط الأقصى التي تتّبعها الإدارة الحالية، وتهديدها بترك لبنان فريسة لإسرائيل والنظام السوري الجديد بينما يسوّق ترامب نفسه «صانع سلام»، تعطي انطباعاً دولياً عن تحكّم بعض وجوه الإدارة من فاقدي الخبرة، وبعض اللبنانيين في واشنطن من خلفيات شخصية، بإدارة الملفّ اللبناني بسذاجة وخفّة.
Advertisement
دوافع الإدارة الأميركية الحالية في تحقيق إنجازات سريعة للعهد الأميركي (الفاشل حتى الآن)، ولا سيّما في ملف الصراع العربي - الإسرائيلي، تجعل الموقف الأميركي شديد التصلّب تجاه لبنان. إلّا أن النظرة الإسرائيلية إلى لبنان هي المحرّك الأساسي في توجّه إدارة ترامب، مع تخلّي واشنطن عن إمساكها بالملفات، وتبنّي الموقف الإسرائيلي من دون هوامش، وهو ما لم يحصل حتى في عزّ حرب غزّة والعدوان الإسرائيلي على لبنان تحت إدارة الرئيس جوزف بايدن، التي أدارت الحرب بنفسها في لبنان وفلسطين معاً، خدمة لمصالحها الدولية والإقليمية في ذاك الوقت. هذه السياسات الأميركية، خصوصاً إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودلف هيكل التي كانت مُقرّرة لواشنطن، تراكم المخاوف الغربية المتزايدة من سياسات الضغط الأقصى الأميركية، والتي باتت ترى فيها خطراً على لبنان بأكمله. صحيح أن الدول الأوروبية الرئيسية، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا (إلى حدّ ما)، لا تمانع في زيادة الضغوط على إيران وحلفائها على خلفية الموقف الإيراني من الحرب الروسية وانهيار الاتفاق النووي والكباش مع الصين، إلّا أن هذه الدول تختلف حساباتها في الساحة اللبنانية، وهي التي لم تنتهِ بعد من الأزمتين السورية والليبية، ولا ينقصها انهيار شامل في لبنان يؤثّر مباشرةً في أمنها ومناطق نفوذها. وحتى البريطانيون، الذين يتبنّون مواقف قاسية تجاه حزب الله، باتوا اليوم في موقف حذِر بعد تطوّر الضغوط الأخيرة إلى المساس بالجيش، وتهديد ما تمّ بناؤه في المؤسسة العسكرية على مدى سنوات. يفهم الأوروبيون أن الاعتراض الأميركي على بيان الجيش الأخير، وهو الذريعة التي اتخذها الأميركيون للتصعيد في وجه هيكل ومن خلفه الرئيس جوزاف عون، ليس إلّا رأس جبل الجليد في الضغوط المُرتقبة على لبنان، والتي برأي أكثر من مصدر أوروبي، ستزيد الأمور تعقيداً بدل حلحلتها، إذ إن بيان الجيش لم يقل ما لم يقله بيان «اليونيفل» قبل أيام عن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
وكان من الممكن إيجاد مخرج للموقف الرسمي للجيش من دون تفشيل زيارة رفيعة المستوى، برنامجها الأساسي لقاء هيكل مع قائد الجيوش الأميركية الجنرال راندي جورج، وقائد القيادة الوسطى الجنرال براد كوبر وشخصيات سياسية وأمنية من البيت الأبيض والمؤسسات المعنية.
ومن الأمور اللافتة، أن إلغاء موعد هيكل مع قائد الجيوش، يناقض تماماً نظرة كوبر، وسلفه الجنرال مايكل كوريلا إلى ما يقوم به الجيش اللبناني من جهد لتنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما ظهر قبل أسابيع في بيان «سنتكوم» عن مهام الجيش في الجنوب.
ويقرأ بعض الأوروبيين أيضاً بأن التلويح الأميركي بأفضلية استقالة قائد الجيش، سيشكّل الضربة القاصمة للمؤسسة العسكرية، ولعهد الرئيس عون الذي لم يكمل بعد عامه الأول في حال تحوّل التلويح إلى قرار، إذ إن الانصياع للإشارات الأميركية الفاقعة، والتعامل معها كأوامر، يُضعِفان موقف المؤسسة العسكرية أمام غالبية اللبنانيين، ويفتحان باب القلاقل داخل الجيش، وينعكسان سلباً على عون إذا فشل في حماية القائد الذي سمّاه والجيش الذي قاده لسنوات، وعلى الرئيس نواف سلام الذي لم تنجح حكومته بعد في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة أوروبياً ودولياً. وكذلك الأمر، يعتبر الأوروبيون أن الخطوات الأميركية مع الانتهاكات الإسرائيلية اليومية المستمرة، تقوّي الرواية التي يقدّمها حزب الله للبنانيين ولجمهوره، عن أن الأميركيين لا يمانعون تدمير لبنان خدمةً لإسرائيل، خصوصاً أن الخطوات التي طلبها وفد الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي لا تضرّ بحزب الله الذي يملك أفضلية كتنظيم لتجاوز آثار الحصار، بقدر ما تضرّ باللبنانيين الأفراد، الساعين إلى «تيسير أمورهم» في ظل الركود الاقتصادي، بعد أن فقدوا ثقتهم بالنظام المصرفي، ولم تقدّم لهم السلطة الحالية ما يعيد الثقة مع تعذّر تنفيذ خطط الإصلاح المالي.
ليس هذا فحسب. فسياسات الضغوط القصوى الأميركية مع العدوان الإسرائيلي المستمر، التي قد تؤدّي إلى تصدّع الجيش اللبناني وهو المؤسسة الوطنية الجامعة الأقوى والوحيدة في الظروف الحالية، يعني أن البلد سيقع تحت فوضى مناطقية تسيطر فيها الطوائف وتتهدّد فيها الحدود الوطنية ليس في الجنوب وحده. صحيح أن القوى الأوروبية الرئيسية تقرأ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل بقرار نزع سلاح حزب الله في كلّ لبنان وليس في جنوب الليطاني وحده، وكذلك بالنسبة إلى قرار حكومة سلام في 5 و7 آب الماضي. إلّا أن هذه القوى أيضاً تدرك أن القضاء على حزب الله كتنظيم، يتطلّب تدميراً بالمعنى الحرفي للمواطنين اللبنانيين الشيعة على غرار تجربة غزّة التي لم تنجح، على قساوتها، في التخلص من حركة حماس، وهم يرون أن تعاون حزب الله الواضح مع الجيش اللبناني في جنوب الليطاني قد ينسحب على كل لبنان بما يسمح بتحوّله إلى حزب سياسي، إذا سُحبت منه الذرائع للتمسّك بالسلاح، عبر وقف العدوان الإسرائيلي، بدل إدخال لبنان في اقتتال داخلي ستكون نتيجته محفوفة بمخاطر تفكّك الكيان اللبناني، وسط المخاطر العالية في سوريا.ومن الأكيد أن المخاوف الأوروبية على الجيش تزداد خصوصاً مع سعي الجيوش الأوروبية الرئيسية إلى بناء علاقات تعاون أوثق مع المؤسسة العسكرية وعقد اتفاقيات رسمية للحفاظ على الوجود العسكري في البلد، مع قرب انتهاء مهمة القوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفل».
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك