كتبت" النهار": لم تؤدّ كل الاتصالات واللقاءات للمسؤولين اللبنانيين مع الأميركيين إلى كبح الغارات الإسرائيلية المتواصلة على الجنوب. ويبدو أنه لم يبقَ إلا قرع أبواب مجلس الأمن الدولي بناء على طلب الرئيس نبيه بري.
يجب بأن تطلق مثل هذه الدعوة من الحكومة بواسطة
وزارة الخارجية والمغتربين، والطلب من مندوب
لبنان في
الأمم المتحدة السفير أحمد عرفة عدم الاكتفاء بالشكوى.
لقد أراد بري رفع صوت لبنان في الأمم المتحدة وعدم الاستمرار في السكوت عن خروق
إسرائيل التي لا تكترث لاجتماعات لجنة "الميكانيزم".
وما قصده
بري هو أن رفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي "أمر لا يكفي" ما لم تتم متابعتها والطلب من
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الدعوة إلى عقد جلسة عاجلة بغية "تكريس الحق اللبناني وإدانة الخروق الإسرائيلية.
وفي مواكبة لدعوة بري، تفيد مصادر ديبلوماسية أن الحكومة قد لا تسير بها لأن إشارات أميركية وصلت إلى
بيروت مفادها أنه في حال التئام هذه الجلسة، فإن الفيتو الأميركي سيكون بالمرصاد، "ولا تجبرونا على السير بهذا الخيار".
وفي إطار حملتها على الحكومة والخارجية، ترى مصادر في "الثنائي" أن الجهات المعنية لا تؤدي الدور المطلوب منها كما يجب، وأن عملية توثيق الاعتداءات الإسرائيلية في
وسائل الإعلام وإطلاق بيانات الاستنكار "لا تكفي ما لم تأخذ طريقها إلى جلسة في مجلس الأمن".
ويؤيد سفير لبناني متقاعد توجه لبنان إلى مجلس الأمن وعرض كل الخروق الإسرائيلية "رغم مطرقة الفيتو الأميركي المساند على الدوام لإسرائيل".
وثمة من يذكّر بأهمية عدم الغياب عن مجلس الأمن الذي يبقى الملاذ عند تعرض سيادة الدول للخرق، حيث أقدمت بولندا قبل شهر على طلب عقد جلسة عاجلة، وعقدت سريعاً إثر قيام طائرة روسية بخرق الأجواء البولندية. ومن خلال هذه الواقعة يرى مصدر ديبلوماسي لبناني أن "من الأسلم للبنان عدم الغياب عن مجلس الأمن"، رغم الفيتو الأميركي.
وكتب إسكندر خشاشو في" النهار": شهدت الأيام الأخيرة تطوّراً بارزاً في المشهد الأمني - السياسي اللبناني، مع إلغاء السلطات الأميركية سلسلة اللقاءات التي كانت مقرّرة لقائد الجيش العماد رودولف هيكل في واشنطن. وتلتزم المؤسسة العسكرية صمتاً محسوباً، فيما تؤكد مصادرها أنّ الجيش "يقوم بما يستطيع ضمن قدراته وضمن الواقع اللبناني المعقّد"، مشدّدة على أنّ الخطط الموضوعة لحصرية السلاح "جدّية لكنها تحتاج إلى ظروف داخلية وخارجية مؤاتية". فتنفيذ خطة بهذا الحجم تشمل جمع السلاح غير الشرعي، والسيطرة على مناطق نفوذ متشعبة، وضبط معابر وعُقد أمنية حساسة، يتطلب قراراً سياسياً جامعاً وإمكانات لوجستية أكبر، وعلى الرغم من ذلك هي ملتزمة تنفيذ القرار السياسي وتقوم بواجباتها، وخطتها تسير وفق المرسوم وكما وضعته.
وفي ما يتعلّق بما يُتداول عن "تباطؤ" الجيش في تنفيذ الخطة، ترى مصادر عسكرية أنّ المؤسسة العسكرية لا تملك ترف الانزلاق إلى مواجهة داخلية من شأنها تفجير البلاد. لذلك، يفضّل الجيش مقاربة تدريجية تقوم على تعزيز الانتشار خطوة وراء خطوة.
ويبقى السؤال الأكثر تداوُلاً: هل يميل الجيش إلى "
حزب الله"؟ المعطيات لا تشير إلى "انحياز"، بل إلى إدارة واقعية للتوازنات القائمة. فالجيش يرى أنّ أي مواجهة مفتوحة مع "حزب الله" قد تعني مشكلة داخلية خطرة. فالعلاقة بين الطرفين ليست تحالفاً، بل هي تنسيق اضطراري في بعض النقاط، يقابله غياب الانسجام الكامل في ملفات أخرى. وبين هذا وذاك، تحرص المؤسسة العسكرية على الحفاظ على موقعها، بوصفها قوة الدولة الوحيدة القادرة على الاحتفاظ بشرعيتها الداخلية والخارجية في آن واحد.