يكشف تقرير World Population Review 2025 عن واقع مقلق في المنطقة العربية، إذ يحتلّ
لبنان المرتبة الثانية عربيًا في معدّلات التدخين بعد
الأردن مباشرة، فيما جاءت مصر في المرتبة الثالثة، تليها
الجزائر ثم اليمن. ويعكس هذا التصنيف انتشارًا واسعًا لظاهرة التدخين داخل
المجتمع اللبناني، بما يتجاوز حدود العادة الشخصية ليشكّل جزءًا من الثقافة اليومية، ولا سيما بين فئة الشباب.
ويشير أحد الشبان إلى "أنّ التدخين تحوّل، في نظر كثيرين، إلى وسيلة للتخفيف من ضغوط الحياة". ويقول: «التدخين ليس رفاهية، ولا عادة للتسلية فقط، إنّه منفذ نفسي في مواجهة وضع اقتصادي غير مستقر، وقلق دائم من المستقبل». وتكاد هذه النظرة تتكرّر لدى مختلف الفئات العمرية، حيث يربط العديد منهم التدخين بمساحة للراحة أو الهروب المؤقّت من ضغوط الحياة اليومية.
وفي المقابل، تكشف آراء مجموعة من الشباب عن جانب اجتماعي آخر للظاهرة. فبالنسبة إليهم، "أصبحت النرجيلة والسجائر جزءًا من اللقاءات العائلية والسهرات، فيما اعتادوا رؤية المقاهي ممتلئة بالمدخّنين بشكل طبيعي". ويؤكّد أحدهم "أنّ النرجيلة أصبحت رمزًا للجلسات، حتى بين المراهقين، رغم التحذيرات الصحية".
من جهته، أكد الدكتور عفيف خضر اختصاصيي صحة عامة "أنّ انتشار التدخين في لبنان مرتبط بثلاثة عناصر أساسية: أولها ضعف تطبيق القوانين التي تقيّد الإعلان والترويج لمنتجات التبغ، وثانيها سهولة شراء السجائر بأسعار تُعدّ منخفضة مقارنة بمستوى الدخل، وثالثها غياب حملات التوعية المستمرة".
ويضيف: «البدء المبكر بالتدخين، خصوصًا عبر النرجيلة بين الأعمار الصغيرة، أدّى إلى زيادة نسب المدخّنين بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة».
وفي ظل هذه الاتجاهات، يبدو أنّ لبنان أمام تحدٍّ حقيقي يتطلّب سياسات واضحة، وتطبيقًا صارمًا للقوانين، وحملات توعية مستمرة، قبل أن تتحوّل الظاهرة إلى أزمة صحية يصعب احتواؤها.