يتعاظم القلق على كل مستويات اللبنانيين في الداخل والخارج الاغترابي على حد سواء من حرب كارثية جديدة باتت تطغى انعكاساتها بقوة قبل شهر من نهاية المهلة الأميركية نهاية السنة الجارية والتي تلوّح بها اسرائيل على قاعدة أن هذه المهلة هي الحد
الأقصى الذي لا يزال متاحاً أمام السلطة
اللبنانية.
وكتبت روزانا بو منصف في "النهار":السلطة تحركت على أكثر من مستوى في الأيام الأخيرة في إطار تظهير جديتها وعدم تساهلها وبدت في سباق حقيقي مع الوقت لتجنيب
لبنان الاحتمالات الأسوأ.
الجيش اللبناني عرض للإعلام المحلي والخارجي إنجازاته في نزع سلاح الحزب في جنوب الليطاني دحضاً للسردية
الإسرائيلية في هذا الإطار ودحضاً للمعلومات عن حاجته إلى تمديد مهمته في هذه المنطقة وتظهيراً للخارج المشكك في طبيعة هذه الإنجازات عزمه وإصراره على متابعة مهماته.
جوهر الموضوع
التزام الحزب بموقف الدولة وخطة الجيش صراحة ومن دون مواربة فحسب، إذ إن المطلوب والمنتظر إجماع لبناني معلن وحاسم لا يخرقه اعتراض شيعي وإيراني من المحتمل أن يرمي لبنان في أتون حرب سيُسكت عنها كلياً في الخارج بعد سلسلة التحذيرات للبنان والدفع في اتجاه أن تحسم الدولة أمورها بالكامل. فسلاح الحزب صار عبئاً حقيقياً على الدولة اللبنانية وعلى اقتصادها وعلى أمنها وحتى على مستقبل أبناء الطائفة الشيعية وحاضرهم، إذ صادق
الأمين العام للحزب نعيم قاسم على التقويم الذي قدّمته
إسرائيل حول القائد العسكري للحزب الذي اغتالته إسرائيل أخيراً هيثم علي الطبطبائي على نحو يعطي صدقية لكل السردية الإعلامية الإسرائيلية التي كشفت الحزب وقياداته خلال العام الأخير من الحرب ولا تزال تثبت مدى قدرتها على اختراقه.
لا تملك السلطة في لبنان المعطيات عن جدية التحذيرات التي وصلتها فحسب بل تستطيع أن تقرأ الإدانات الإقليمية العربية والغربية لانتهاك إسرائيل سيادة
سوريا وتوغلها في بيت جن في جنوب سوريا ولا تسمع أي إدانة لما يحصل من انتهاكات إسرائيلية لسيادة لبنان على رغم التصديق عليها من القوة الدولية في الجنوب. ولذلك تجهد لأن تشكل هذه العناصر جميعها نقاط ارتكاز عملانية لا تنظيرية أو مبدئية تستند إليها الدول الصديقة لإبراز جدية لبنان وممارسة ضغوط على إسرائيل لمنع تصعيد حربها على لبنان، ما يفيد بأن التحذيرات ليست عبثية أو إعلامية بل واقعية ومتصاعدة حتى عشية وصول البابا إلى
بيروت، كما لو أن مهلة السماح إذا وجدت لن تتعدّى مهلة اليومين اللذين ستستغرقهما الزيارة، إذ يُخشى أن أي إنجاز يحققه أو يتحقق للبنان ستشكل مفاعيله سريعاً في ظل وضع مضطرب وسريع الاشتعال.
لم ينل تلويح
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالانسحاب من اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان تزامناً مع توقيع لبنان اتفاقاً حول الحدود البحرية مع قبرص بأيّ اهتمام سياسي أو إعلامي لبناني على رغم خطورته. اعتبرته مصادر سياسية عنصراً يندرج في إطار الضغط على الحكومة اللبنانية من جهة وحتى على الثنائي الشيعي الذي فاخر بإنجازه عبر التفاوض الأميركي لتحقيق الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل. وهو شكّل دليلاً بالنسبة إلى هؤلاء على حذر إسرائيلي إزاء التصعيد العسكري ما يدفعها إلى استلال كل أوراق الضغط الممكنة على لبنان. ولكن المنطق السياسي يحتّم عدم تجاهل هذا الإنذار تماماً كما الإنذار الذي شكّله إلغاء مواعيد قائد الجيش في
واشنطن أخيراً.