تشهد المفاوضات عبر لجنة "الميكانيزم" مرحلة جديدة بعد قرار إشراك السفير السابق سيمون كرم في رئاسة الوفد اللبناني ضمن اللجنة.
ويأتي هذا القرار نتيجة توافق واضح بين الرؤساء الثلاثة على ضرورة تفعيل مسار التفاوض، ولكن ضمن حدود سياسية دقيقة تضمن عدم انزلاق الملف نحو أي شكل من أشكال التطبيع أو النقاش السياسي الواسع. فلبنان يصر على أن جدول الأعمال يجب أن يقتصر على
القضايا الأمنية العاجلة، مثل وقف الخروقات
الإسرائيلية، معالجة الاعتداءات المتكررة، انهاء الاحتلال وإعادة بحث النقاط الحدودية التي يتحفّظ عليها، إضافة إلى ملف الأسرى.
في المقابل، تسعى
إسرائيل إلى توسيع دائرة التفاوض بالاستناد الى ضغط ميداني يتجلى في استمرار الغارات والاستهدافات في الجنوب، غير أن هذا النهج يبدو بعيداً عن تغيير الموقف اللبناني الموحد، الذي يؤكد، بحسب اوساط سياسية أن المفاوضات الحالية ليست مدخلاً لأي تسوية سياسية خارج الإطار الأمني.
وفي سياق المواقف الأميركية من ملف سحب السلاح، وجهت مجموعة من أعضاء الكونغرس الأميركي ينتمون إلى الحزبين،
الجمهوري والديموقراطي، رسالة إلى الرئيس العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، مطالبة إياهما بالتحرك العاجل لنزع سلاح
حزب الله، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه
لبنان وإسرائيل في تشرين الثاني 2024، واستخدام القوة إذا اقتضى الأمر. واتهمت المجموعة الحكومة
اللبنانية بالفشل في الوفاء بوعودها والتزاماتها بنزع سلاح "حزب الله"، وهددت بسحب الدعم الأميركي إذا لم تغير مسارها، قائلة ستجد
الولايات المتحدة صعوبة متزايدة في تبرير استمرار دعمها لحكومة ترفض الوفاء بالتزاماتها.
وأكّد المبعوث الأميركي إلى
سوريا توم برّاك أنّ "السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى في لبنان سيُحسن توجيه حزب الله نحو حوار مدني".وأشار برّاك إلى أنّ "الجيش اللبناني غير قادر على نزع سلاح شريحة واسعة من اللبنانيين بالقوة والموت".الى ذلك، نقلت "بلومبرغ" عن براك قوله أن "إسرائيل لن تتمكن من تحقيق أهدافها بمحاولة سحق حزب الله عسكريا". وتابع براك: "آن الأوان لإجراء حوار بين لبنان وإسرائيل لإنهاء الوضع المتأزم.
وأعلنت
وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) مساء اليوم الجمعة عن موافقة الخارجية الأميركية على بيع محتمل لمركبات تكتيكية متوسطة ومعدات ذات صلة إلى لبنان بتكلفة تقديرية 90.5 مليون دولار.
وأمس زار وفد مجلس الأمن ومن ضمنه الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي اكد التزام لبنان تطبيق القرارات الدولية، داعيًا إلى دعم الجيش في استكمال مهامه. وأوضح أنّ التنسيق مع اليونيفيل قائم، وأنّ لبنان يحتاج إلى دفع إسرائيل للالتزام بوقف النار والانسحاب من الأراضي المحتلة.
واعتبر أنّ المفاوضات تهدف إلى وقف الاعتداءات واستعادة الأسرى وترسيم النقاط المختلف عليها على الخط الأزرق، مشيراً إلى أن نجاحها مرتبط بموقف إسرائيل وباستتباب الاستقرار حماية للبنان ولدول أخرى.
وشدّد عون على أن الجيش ينتشر في جنوب الليطاني منذ إعلان وقف الأعمال العدائية، ويواجه صعوبات بسبب بقاء إسرائيل في مناطق حدودية، مؤكداً استمرار تنفيذ القرار 1701 رغم التضاريس الصعبة. كما لفت إلى عمق العلاقة بين الجيش وأهالي الجنوب، ودعا إلى دعم إعادة الإعمار لعودة السكان إلى منازلهم.
وأكد الوفد الدولي دعمه لاستقرار لبنان وتطبيق القرارات الدولية، فيما شدد
رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه الوفد في عين التينة على أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية يجدد الحرب، معتبراً أنّ تكثيف اجتماعات اللجنة الخماسية يفرض على إسرائيل وقف النار فوراً، ومؤكداً أنّ الاستقرار يبدأ بالتزام إسرائيل بالقرار 1701 والانسحاب خلف الحدود الدولية.
وفي السرايا عرض رئيس الحكومة نواف سلام أمام وفد مجلس الأمن مقاربة حكومته القائمة على الإصلاح والسيادة، مشدداً على ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف الاعتداءات والانسحاب، والعمل على إطلاق الأسرى. وأكد حاجة لبنان إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية اليونيفيل، مقترحاً عملها ضمن إطار UNTSO أو على نمط قوة UNDOF.
إلى ذلك رد حزب الله على تعيين السفير سيمون كرم في رئاسة الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم، فأكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن موضوع السلاح شأن لبناني داخلي لا يحق لأي جهة خارجية التدخل فيه، وأن أي نقاش حوله لا يمكن أن يتم إلا بين اللبنانيين وبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية وتحرير الأراضي المحتلة واستعادة الاسرى. كما انتقد مشاركة وفد مدني لبناني في لجنة الميكانيزم ، معتبرا ذلك خطوة تقدّم مكاسب مجانية لإسرائيل وتزيد الضغط على لبنان.
وربط الشيخ قاسم بين مقاومة حزب الله والبعد الوطني المرتبط بالسيادة والكرامة ورفض الاحتلال، مؤكدًا أن الحزب يرى نفسه جزءًا من مشروع وطني لمواجهة إسرائيل لا مجرد تنظيم يدافع عن سلاحه. وفي السياق الاجتماعي والاقتصادي، اعتبر أن محاولات تقليص الدعم وخفض الخدمات في مناطق نفوذ المقاومة تهدف إلى إضعاف الحزب، إلا أنه شدد على قدرة حزب الله على الصمود ومواصلة رسالته رغم هذه الضغوط.كما تناول التهديدات الإسرائيلية باعتبارها جزءا من مخطط يرمي إلى فرض واقع احتلالي تدريجي، الأمر الذي يتطلب من وجهة نظره تمسكا أكبر بخيار المقاومة واستعدادًا لتقديم التضحيات دفاعًا عن لبنان وأهله.