Advertisement

لبنان

إنسانية الزيارة اللاوونية و روحانيتها ..!

Lebanon 24
08-12-2025 | 00:57
A-
A+
Doc-P-1452150-639007804736105015.jpg
Doc-P-1452150-639007804736105015.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتب الوزير السابق جورج كلاس: البعد الإنساني في زيارة البابا لاوون الرابع عشر  الى لبنان  طغى على البعدين الروحي و الحضاري ، و تجاهلَ البُعد السياسي ،  مرتكزاً  على  فنيَّةِ ابراز القيم التي تبشر بها المسيحية  ، والتي اساسها السلام الإرادي و المحبة ، و ليس سلام الأقوياء و سلام السلاح و المسلحين الذي يحمل بمضمونه ظروف الهدن الموقتة  المرهونة بتبدل   الظروف و  سقوط  هدنة المصلحة ، لتتجدد النزاعات و تنشب  الحرب من جديد    .
Advertisement
ان  المقاربة  الأنسب لتقويم زيارة قداسته إلى لبنان ، بما يعنيه  من انه الوطن الرسالة ، هو تناول   معنى لبنان و وظيفته  من خلال ثلاثية عناصر  ، روحية و حضارية و حوارية  ، توافقاً مع    شعار ( طوبى  لفاعلي السلام ) الذي أعلنه عنواناً للزيارة ، تاكيدا ً إصرارياً من قداسته في اول زيارة  حبرية له  رسمية خارج الڤاتيكان ،  ان  مواجهة ما تتعرض له هذه الرسالة اللبنانية من مخاطر حادة ،  و ما يتهددها من تحديات قاسية  كونها النموذج النقيض للكيانات الإنقسامية و العنصرية ، لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الانتقال من الإحتفاء بشعارية الرسالة إلى عملية تحصين هذه الرسالة و الدفع نحو تقعيد أسسها ، ترسيخاً للمفهوم الذي إنطلق منه هذا الشعار الحضاري  و تعميماً للقيم الإنسانية التي يحملها  لبنان ، بنهائيات و رسالته  في مجتمع كثير التحولات تحوط به الأخطار المهددة لوجوده من غير إتجاه . 
 
المبادرة البابوية هي  تأكيد و قرار  ان لبنان غير متروك لقدره ، و ان تحصين دوره الحضاري و الروحي و الحواري التلاقوي بين  ابناء الأديان ، هو  تحصين لخيار  الكيانية اللبنانية النموذجية و المثالية و  الطوباوية التي تتشارك بحمايتها الطوائف اللبنانية ، التي تشكل طائفة الطوائف بكل مذاهبها و معتقداتها ، و التي تلتقي لتكوُّن نموذجاً إستثنائياً في تاريخ المجتمعات و الجماعات الروحية و مسار التطورات  العصرية . 
   فالقيمة الحضارية للزيارة انها ليست لزيارة المسيحيين  فقط ، بل للبنان بكل مكوناته و أهله ، في حين ان  الخصوصية  الروحية التي ترافقها تقوم على معادلة واقعية   هي ان الصيغة ترتكز الى أسس تتعاقد فيها الكيانات الروحية و تتشابك قيمها و تتكامل مسؤولياتها لتشكل النمط النموذجي الذي يُبنى عليه لصناعة حضارة السلام الروحي المرتكز على الخصوصية اللبنانية و الرافع شعار الكيانية الوجودية للبنان مشفوعة بتجديد الرجاء و تقعيد أسس السلام ، و تعزيز منطوق الكنيسة الخادمة و رفع شعار الحوار و الكلمة و الحثّ على إعتماد سياسة الخير العام و انتهاج مسؤولية التواضع في ادارة الشأن العام و تشجيع مبادرات جريئة تتصف بفائض السلام .
القيمة الإنسانية للزيارة التي وصفت بالإستثنائية ، هي في زمنيتها و عنوان مهمتها و مفاعيلها التغييرية في نفوس الناس ، اضافة الى انها حفلت بتوجيه  كلام مباشر للشباب ، حيث خاطبهم قداسته و أصغى اليهم و حاورهم و شجعهم على مواجهة تحديات الحياة بفرح و ثقة ، لأن الغد لهم و انهم المؤتمنون على لبنان الغد و ان يكونوا شهوداً للحق و ناطقين بالحق و مدافعين عن الحقيقة و  متقوين بقيمة الحرية ، التي من دونها لا كرامة إنسانية و لا حق بالحياة الشريفة .
و الزيارة بطابعها الرسمي و المجتمعي و الروحي ، سادها التوازن الدقيق في إدارة الإهتمام و الرعاية . فعلى المستوى الرسمي  اثبت الدور  الڤاتيكاني  حضوره كدولة من خلال ما تفرضه الأصول البروتوكولية و الرسمية للزيارة ، من لقاءات و تبادل كلمات مع الرؤساء و المسؤولين .

و على المستوى التكويني للمجتمع اللبناني ، أكدت الزيارة عملياً على دور التلاقي الحواري و التفاعلي و التفاهمي مع رؤساء الطوائف ، كمرجعيات ذات كيانية حضورية و موقعية حضارية ، فكانت اللقاءات مع رؤساء الطوائف ركناً اساسياً في برنامج عمل الزيارة المتقن الإعداد  و التحضير  ، إضافة إلى اللقاء مع الشباب و مخاطبتهم بلغة الرعاية و المسؤولية وتشجيعهم للثقة بوجوهم و تاريخهم و مستقبلهم .
إحتفالية الزيارة التي أعطت دفعاً للبنان السياسي و المجتمعي ، لا بد ان تترك مفاعيل ايجابية على مستقبل الوضع و نشر ثقافة السلام و تجسيد مفهوم السلام في النفوس و الواقع و مستقبل الإنسانية ، التي تتهددها مخاطر إبليسيّة تسعى إلى التسلُّح و التسليح و تشجيع الشرذمة و الانقسام و صناعة الحرب ، نقيضاً لصناعة السلام  المبني على تعاليم  روحية و قيم مجتمعية .
  
هو السلام المُبشَّر به بالصلاة و الرجاء  و المُوَقَّع عليه بالدمع و الترحُّم على شهداء إرتفعوا ضحايا على جلجثات الوطن المثقل بجراح عمَّقها طغيان السياسة على الخير العام . 
الزيارة اللاّوونية إلى لبنان ، تُقرأ بالصورة و تُحلَّلُ بالمضمون و  تُستشعرُ بالدلالة ، و تعاش بتفاعل الناس معها و ما تتركه في النفوس من عزاءات و رجاءات و إستشفاعات ، و التي أكثرها حَرقةً ، دموع اهل ضحايا مرفأ بيروت التي إستدمعت كل من شارك و شهد و واسى و صلّى و ترحَّم . 
الزيارة اللاوونية بإستثنائيتها و زمنيتها ، هي اكثر من حجٍّ إلى وطن الرسالة ، هي تعهد و عهد ان يبقى لبنان في قلب الڤاتيكان و ضمير  الإنسانية و عين الله..! 

جورج كلّاس 
وزير سابق
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك