Advertisement

لبنان

الأعمال الصغيرة تنقذ الاقتصاد.. روّاد أعمال ينهضون من قلب الانهيار

زينة كرم - Zeina Karam

|
Lebanon 24
09-12-2025 | 05:30
A-
A+
Doc-P-1452610-639008666644271380.webp
Doc-P-1452610-639008666644271380.webp photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger

وسط الانهيار الاقتصادي الذي ضرب لبنان خلال السنوات الأخيرة، بدا وكأن عجلة الإنتاج توقّفت، وأن فرص العمل تتبخر تباعاً، وأن الهجرة هي المخرج الوحيد للجيل الشاب. لكن خلف هذا المشهد القاتم، كانت تنمو بهدوء حركة اقتصادية مضادة: الأعمال الصغيرة التي أعادت الحياة إلى أحياء ومدن وقرى بكاملها، وقلبت مفهوم ريادة الأعمال من مشاريع ضخمة تحتاج رأسمال كبير، إلى مبادرات محلية صغيرة… لكنها فعّالة، واقتصادية، وذات تأثير مباشر على المجتمع.

 

في غياب قدرة الدولة على إطلاق مشاريع إنقاذية، لجأ اللبنانيون إلى مصادر قوتهم التقليدية: المبادرة الفردية والاعتماد على الذات. فظهرت ورش خياطة عائلية، مصانع صغيرة للمواد الغذائية، مصانع صابون، مقاهٍ محلية، شركات تقنية ناشئة تعمل من غرف المنازل، ومخازن إلكترونية تُدار عبر "إنستغرام". هذه المشاريع ساهمت في تشغيل العشرات، وفي إعادة ضخّ حركة اقتصادية داخل محيطها، مهما كان صغيراً.

 

فالمشاريع الصغيرة تنجح لأن كلفتها قليلة، لا تحتاج إلى رأسمال كبير، ما يجعلها ممكنة في ظل شحّ التمويل وغياب القروض. كما أن مرونتها عالية، ما يعني أنه يمكن تعديل المنتج، الأسعار، أو أسلوب البيع بسرعة، بعكس المؤسسات الكبيرة.

 

فضلاً عن ذلك، تعتمد الأعمال الصغيرة على كل ما هو محلّي وتوصل المنتج مباشرة إلى المستهلك، وتنعش سلاسل التوريد الصغيرة داخل القرى والمدن.

 

وفي زمن فقدان الثقة بالمؤسسات، يميل الناس إلى دعم مبادرات يعرفون أصحابها شخصياً، كما أن ما يميّز هذه الحركة أنّها ليست "بزنس" بالمعنى التقليدي، بل هي آلية بقاء أعادت للناس شعور السيطرة على حياتهم الاقتصادية. إنها أعمال صغيرة، نعم، لكنها مترابطة: المخبز يشتري من المزارع، والمشغل اليدوي يزوّد المتاجر، والمقهى الجديد يجذب حركة إلى الشارع، فيرتفع الطلب على الخدمات حوله.

 

كما بدأت هذه المبادرات تترك تأثيراً أكبر من حجمها. فإلى جانب تحريك الاقتصاد، تساهم في تعزيز الاستقلالية الفردية وتخفيف البطالة، وتعيد بناء الثقة بإمكانات الشباب. وهي في الوقت نفسه تُشكّل نواة لاقتصاد محلي بديل، أكثر عدالة، أقل اعتماداً على الاحتكارات، وأكثر ارتباطاً بالمجتمع.

 

قد لا تنقذ هذه المبادرات الاقتصاد اللبناني برمّته، لكنّها بالتأكيد تبني أرضية جديدة، واقعية، وأكثر استدامة لاقتصاد محلي قابل للحياة. ففي بلدٍ لا يزال ينتظر الحلول من أعلى، هي الأعمال الصغيرة التي تنهض من الأسفل… وتثبت أن الانهيار ليس نهاية، بل بداية شكل جديد من العمل والاقتصاد.

 

يثبت اللبناني يومياً أنه من قلب الانهيار يولد الأمل. ورواد الأعمال الشباب يثبتون كل يوم أن القوة ليست في حجم المشروع، بل في قدرة صاحبه على الصمود والإبداع. وهكذا، تتحوّل الأعمال الصغيرة من مجرد وسيلة للعيش، إلى أداة مقاومة اقتصادية… وإلى بداية طريق طويل نحو التعافي.

 

 

Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

زينة كرم - Zeina Karam