شكلت زيارة الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى سلطنة عمان محطة ديبلوماسية لافتة في توقيتها ورسائلها، اذ جاءت لتعيد فتح نافذة عربية جديدة أمام
لبنان، وتؤكّد أنّ
بيروت ما زالت قادرة على بناء جسور الثقة مع العواصم الخليجية، إذا ما توافرت الإرادة السياسية والرؤية الواضحة، على ما تشير مصادر مقربة من بعبدا.
فمن مسقط، حرص الرئيس عون على التأكيد أنّ لبنان «منفتح على كل دعم عربي صادق»، مشدداً على أنّ إعادة النهوض تمرّ عبر تعزيز «الشراكات» الاقتصادية وتثبيت الاستقرار الأمني، حيث لاقت تصريحاته اهتماماً عُمانياً واضحاً، خصوصاً لناحية تأكيده أنّ الجيش سيبقى الضمانة الأولى لوحدة البلاد ومنع الانزلاق إلى الفوضى، وأنّ المؤسسة العسكرية تحتاج إلى دعم مستدام كي تتمكن من القيام بواجباتها.
ويحمل عون معه، وفقا للمعلومات، ملفات اقتصادية وتنموية تتعلق بالطاقة والاستثمار والتعاون في مجالات البنى التحتية، إضافة إلى أفكار حول انخراط الشركات العُمانية في مشاريع حيوية داخل لبنان. أما في الجانب السياسي، فسيشدّد على أنّ أي تسوية داخلية يجب أن تكون لبنانية الهوية، مدعومة عربياً ودولياً، من دون إملاءات أو مقايضات، مؤكدا ان لبنان يبحث عن مظلة عربية تحمي استقراره، وأنّ مسقط تُعدّ إحدى العواصم القادرة على القيام بدور توازني في المرحلة المقبلة.
ومن المقرر ان يواصل الرئيس عون زيارته لسلطنة عمان اليوم حيث يستكمل محادثاته مع السلطان هيثم بن طارق عند الساعة التاسعة صباحا(السابعة صباحا بتوقيت بيروت) على ان تعقد خلوة بين الرئيس عون والسلطان تليها محادثات موسعة بحضور اعضاء الوفد اللبناني الرسمي.
وكتبت" النهار": لأن سلطنة عُمان معروفة برمزيّتها التفاوضية الدولية، لم تكن الزيارة الرسمية التي بدأها أمس رئيس الجمهورية جوزف عون للسلطنة تلبية لدعوة رسمية من السلطان هيثم بن طارق الذي كان في مقدمة مستقبليه، بعيدة عن آفاق الحركة الناشطة على مستويات متعددة لتجنيب لبنان تصعيداً واسعاً جديداً.
وأما في الجانب الثنائي، فأكد الرئيس عون أن زيارته لسلطنة عُمان "ستفسح في المجال أمام تعزيز التعاون الثنائي اقتصادياً وتجارياً وثقافياً وتعليمياً"، لافتاً إلى أن "اللبنانيين يتطلعون إلى آفاق جديدة من التعاون بين لبنان والسلطنة"، منوهاً بعمق العلاقات الثنائية. ومن جهته، شدّد سلطان عُمان هيثم بن طارق على "اهتمام السلطنة بالوضع في لبنان ومتابعتها لآخر التطورات فيه"، مركزاً على "عمق العلاقات بين البلدين وضرورة تعزيز التعاون والتنسيق الثنائي"، ومؤكداً "الدور الإيجابي الذي يقوم به اللبنانيون المقيمون في عُمان". وقد عقد عون والسلطان هيثم بن طارق لقاء قمة في قصر
العلم مساء أمس.
ونوّه عون لدى وصوله "بالدور الحكيم والمسؤول الذي تضطلع به سلطنة عُمان الشقيقة على الصعيدين الإقليمي والدولي"، معتبراً أن "سياسة عُمان القائمة على الحوار والوساطة والتوازن وحسن الجوار قد أكسبتها مكانة مرموقة ودوراً محورياً في تعزيز الاستقرار وحل النزاعات بالطرق السلمية. نحن في لبنان نقدّر عالياً هذا النهج الحكيم، ونثمّن مواقف السلطنة الداعمة للبنان في مختلف المحافل الدولية، ووقوفها إلى جانبنا في مواجهة التحديات التي نمر بها".
وذكرت "نداء الوطن" أن الخلوة الأساسية التي جمعت رئيس الجمهورية جوزاف عون بالسلطان هيثم بن طارق شهدت بحثًا معمقًا في مختلف الملفات، حيث قدّم عون شرحًا مفصلًا حول الوضع اللبناني، لا سيما في الجنوب، وآلية عمل "الميكانيزم" واستمرار الاعتداءات
الإسرائيلية. وبالنظر إلى الدور الذي تضطلع به السلطنة وعلاقاتها المتينة مع مختلف دول المنطقة، وخصوصًا مع
الولايات المتحدة وإيران، تناول البحث إمكانية مساهمة مسقط في تسهيل المفاوضات
اللبنانية - الإسرائيلية عبر لعب دور وساطة يقرّب وجهات النظر ويدفع نحو نتائج عملية.
كما حضر ملف تعزيز العلاقات الثنائية في اللقاء الموسّع، مع التركيز على تفعيل اللجان المشتركة، تكثيف الاجتماعات، وتعزيز التعاون في قطاع الطيران. ومن المتوقع أن تُستكمل المحادثات اليوم نظرًا لأهمية الملفات التي تُناقش.
وكان الرئيس عون خلال عبوره الأجواء
السورية متوجهًا إلى سلطنة عُمان، أرسل برقية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، ورد فيها: "أعبّر عن خالص أمنياتي لكم وللشعب السوري الشقيق، سائلاً الله المولى عز وجل أن يمنّ عليكم بوافر الصحة، ويمكّنكم من مواصلة قيادة بلادكم إلى برّ الأمان والاستقرار"، وفق وكالة "سانا".
ولفتت أوساط سياسية ل" البناء" إلى «تزخيم الضغط السياسي والديبلوماسي على لبنان والزيارات المتتالية للمسؤولين الغربيين والعرب بهدف رفع مستوى الضغط على لبنان لفرض الشروط السياسيّة بشكل تدريجي وأوّلها جرّ لبنان إلى مفاوضات تبدأ غير مباشرة تتحوّل مباشرة وتتوسّع لتشمل ملفات اقتصادية وسياسية وبالتالي جرّ الدولة اللبنانية إلى مزيد من التنازلات الشكلية والجوهرية»، واوضحت المصادر أنّ «»إسرائيل» تريد شرعنة المنطقة العازلة التي تسعى إليها والتي كانت أحد أهداف الحرب الأخيرة ومسلسل الاعتداءات المتتالية منذ عام حتى الآن وبالتالي وظيفة المنطقة العازلة ضمان أمن الحدود الشمالية والتمهيد لإنشاء المنطقة الاقتصادية التي تحدّث عنها توم برّاك ومشاريع الغاز والنفط التي تحضّر لها الولايات المتحدة للدخول على خط استثمار الغاز في البلوكات اللبنانية امتداداً إلى الغاز في المياه الإقليمية السورية وصولاً إلى بحر غزة.