يمثّل تعيين السفير اللبناني هنري قسطون في دمشق، بعد تقديم أوراق اعتماده للرئيس السوري أحمد الشرع الأربعاء، خطوة أساسية في استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين
لبنان وسوريا بعد 4 سنوات من شغور المنصب، وبداية مرحلة جديدة يُفترض أن تفتح الباب أمام معالجة ملفات عالقة تتصدرها قضية الموقوفين السوريين في لبنان، وملف اللاجئين، والتهريب عبر الحدود، بما يعيد تنظيم العلاقة الثنائية على أسس أكثر وضوحاً.
وأعلنت الرئاسة
السورية، الأربعاء، أن الرئيس أحمد الشرع تقبّل في قصر الشعب بدمشق، أوراق اعتماد السفير هنري قسطون، سفير الجمهورية
اللبنانية لدى الجمهورية العربية السورية، بحضور
وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني.
ويملأ قسطون شغوراً طال 4 سنوات، بعد 17 عاماً على إطلاق التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
وكتبت" الشرق الاوسط": تتيح المرحلة الراهنة فتح صفحة دبلوماسية جديدة قائمة على الندية والاحترام المتبادل، وتلي تعليق المجلس الأعلى في تشرين الأول 2024، بالتزامن مع زيارة وزير خارجية دمشق أسعد الشيباني إلى
بيروت، وتحدث خلالها عن فرصة تاريخية لتحويل العلاقة من مسار أمني مضطرب إلى شراكة سياسية واقتصادية. يومها، تم الإعلان عن تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني – السوري، وهو المجلس الذي شكّل طوال عقود الآلية المركزية لإدارة الملفات المشتركة خلال مرحلة النفوذ السوري في لبنان، بما يوحي بتحوّل في منهجية التعامل بدل استمرار المؤسسات التقليدية في صورتها السابقة.
وبموازاة هذه الخطوة الدبلوماسية، زار وفد قضائي لبناني رفيع دمشق، الأربعاء، لبحث مشروع اتفاقية تتيح تسليم الموقوفين والمحكومين إلى بلادهم، بما لا يتعارض مع القوانين اللبنانية، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.
وترأس الوفد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم، وضمّ القاضيين منى حنقير وجاد معلوف، حيث التقى الوفد وزير العدل السوري مظهر الويس وكبار القضاة.
وأفادت المعلومات عن التوصل إلى مسودة أولية تحتاج إلى تعديلات قبل اعتمادها نهائياً، من دون أن يشمل البحث ملف المحكومين بقضايا مرتبطة بالقتال ضد الجيش
وكتبت" الديار": بموازاة التركيز على اتصالات عمان التي يمكن ان تبدأ في أي وقت، انشغلت جهات سياسية وامنية مسؤولة بالتظاهرات للنازحين السوريين التي جرت في اكثر من منطقة لبنانية، في الذكرى السنوية الاولى لتغيير النظام في سورية، حيث ابدت هذه الجهات تخوفها من تبعات ما جرى، وانعكاس ذلك على المشهد العام في البلاد الى حد التساؤل ما اذا كان النازحون السوريون بمثابة «الجيش السوري البديل» على الارض اللبنانية والذي يمكن ان يؤشر الى تطورات داخلية خطيرة.
وهناك بين الاوساط السياسية من يسأل ما اذا كانت السلطة الجديدة في سورية تستعمل ورقة النازحين للتدخل في المسار السياسي والاستراتيجي للدولة اللبنانية كما كان الحال خلال وجود النظام السابق وحيث تم استخدام الورقة
الفلسطينية ما ادى الى اندلاع الحرب الاهلية عام 1975، وفي ظل ظروف تجعل من اي صدام داخلي اكثر تهديدا للكيان اللبناني برمته ودون ان يبدو في الافق اي مجال لاعادة اكثر من مليون نازح سوري الى بلادهم حتى على امتداد السنوات المقبلة. وتزيد من مخاطر المشهد، التصريحات المتلاحقة للمبعوث
الاميركي توم براك حينا بالكلام عن الحاق لبنان ببلاد الشام وحينا بضم لبنان وسوريا باعتبارهما ينتميان الى حضارة «رائعة».
وكتبت صونيا رزق في الديار": كثرت زيارات المسؤولين السوريين الى لبنان، لبحث قضية سجنائهم وضرورة إطلاق سراحهم، على الرغم من تقديم لبنان مسودّة اتفاقية الى النظام السوري الجديد بقيادة الشرع، تتضمّن الإفراج عن بعض الموقوفين، والإبقاء على المتهمين بقتل عناصر من الجيش اللبناني، لكن الطرف السوري رفض ذلك.
والنتيجة انّ الزيارات المتبادلة بين بيروت ودمشق باتت تناقش ملف السجناء السوريين في لبنان، فيما تغيب كليّاً قضية المعتقلين والمخفيين اللبنانيين في
سوريا، والواقع يؤكد بأنهم متوفون والملف بحكم المنتهي.
في هذا الاطار، يقول رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي ابو دهن لـ "الديار": "مع فتح كل السجون السورية قبل عام تحديداً عُرفت الحقيقة المرّة، اذ لم يظهر من المعتقلين القدامى سوى إبن بلدة شكا وهو سوري- لبناني بقي في السجن 33 عاماً بتهمة القتال في شكا ضد السوريين، إضافة الى 10 سجناء لبنانيين بعضهم اوقف بعد العام 2006، والبعض الآخر اوقف خلال الثورة السورية، وهؤلاء لم تكن اسماؤهم مسجلة لدينا، لاننا لم تعتبرهم موقوفين سياسيين". واشار الى انّ "فتح السجون في كل سوريا، أكد بأن لا أحياء من ضمن العدد الرسمي للمعتقلين الـ 622 ، إضافة الى المخفيين الـ280، وعلمنا انهم دفنوا في مقابر جماعية في محيط السجون التي إعتقلوا فيها، ومعظمها ثم جرفها من ضمنها سجن تدمر، مما يعني ان لا وجود لمعالمها. وقد إختلطت جثث المعتقلين اللبنانيين مع السوريين، بينهم جماعة تابعة للشرع مع شيوعيين وبعثيين عراقيين، مما يصعّب كثيراً عمليات فحص الـ DNA(الحمض النووي)"، ولفت الى "الشهادات التي وثقها معتقلون سوريون خرجوا من تلك السجون، واشاروا ضمنها الى مكان وجود تلك المقابر الجماعية".
وابدى أسفه لغياب الجرأة لدى معظم المسؤولين للتحدث عن هذه القضية، وقال: "من هذا المنطلق اطالب بتحديد يوم وطني للمعتقلين اللبنانيين، مع تقديم المساعدات المادية التي تليق بعائلاتهم وأبنائهم"
موقف متري
وكان
نائب رئيس الحكومة طارق متري، اشار في تصريح تلفزيوني إلى أنّ «الاجتماع الثالث للجنة المشتركة بين لبنان وسورية حول التعاون القضائي لمعالجة السجناء السوريين في لبنان انعقد في دمشق، ولم يكن هناك أيّ أمر استثنائي في الاجتماع، وكان غنياً بالأفكار».
وأعلن أنه «تمّ الاتفاق على أن يضع الجانب السوري ملاحظاته بشأن مسودة لبنانية، ونحن سوف نعدّلها في ضوء هذه الملاحظات، وأثق بأنه في الاجتماع المقبل سيكون هناك تقدم»، وشدّد متري على أنه يجب رفع العقبة بشأن السجناء عبر التعاون بين البلدين، مؤكداً «أننا نبحث عن سند قانوني لحل هذه المسألة».