يشهد
لبنان مرحلة تهدئة نسبية في الأسابيع الأخيرة قبل نهاية السنة، في انتظار ترقب الاجتماع المقبل للجنةً الميكانيزم في 19 كانون الأول الحالي وما إذا كان سيؤدي إلى أي شيء أم لا.
وذكرت المعلومات أن الجهود الديبلوماسية الغربية والعربية لا تزال تنصب على تجنيب لبنان الحرب، ومن المرجح أن تسعى فرنسا التي زار موفدها جان إيف لودريان لبنان إلى القيام بمساعٍ في هذا الاتجاه ومساعدة لبنان على كسب بعض الوقت لترتيب أموره.
وكان لودريان انهى محادثاته التي شملت رؤساء الجمهورية جوزاف عون، ومجلس النواب
نبيه بري، والحكومة نواف سلام، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، وأبرز القيادات السياسية. وتصدّر جدول أعمالها موضوعان أساسيان:
الأول ضرورة استكمال تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة بوصفه ممراً إلزامياً لعقد مؤتمر دولي يُخصّص لدعم الجيش؛ لتوفير احتياجاته من عتاد وتجهيزات، لتوسيع انتشاره لبسط سلطة
الدولة على أراضيها تطبيقاً للقرار 1701.
والثاني إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2026 للحفاظ، كما نُقل عنه، على الوجه الحقيقي للبنان أمام المجتمع الدولي من خلال الزيارة التاريخية للبابا ليو الرابع عشر الذي تمثّل بتوق اللبنانيين للسلام والاستقرار، وتحييد بلدهم عن النزاعات في الإقليم.
وعلم أن لودريان سمع من الرؤساء الثلاثة تأكيداً بتمسكهم بحصرية السلاح، مبدياً ارتياحه للإنجاز الذي حققه الجيش بشهادة لجنة الـ"ميكانيزم" وقوات الطوارئ الدولية "يونيفيل"، وسفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بخلاف إصرار
إسرائيل على التشكيك بما حققه، وامتناعها عن تنفيذ الاتفاق بكل مندرجاته الذي التزم به لبنان، ومن خلاله "
حزب الله"، منذ سريان مفعوله في 27 تشرين الثاني 2024، وإن كان المطلوب منه الاستجابة لتعهد الحكومة بتطبيق حصرية السلاح، وصولاً إلى حدود لبنان الدولية مع
سوريا، ما يضعه أمام مسؤوليته بتدعيم الموقف اللبناني في الـ"ميكانيزم" لإحراج إسرائيل وإسقاط ذرائعها لاستمرار احتلالها لقسم من المنطقة الحدودية.
وكشفت مصادر سياسية مواكبة لمحادثات لودريان عن أن انعقاد المؤتمر الدولي الذي دعت له باريس لدعم الجيش، يتوقف على وضع جدول زمني لاستكمال تطبيق حصرية السلاح من شمال الليطاني حتى الحدود الدولية للبنان مع سوريا.
وفي سياق متصل، نُقل عن مسؤول أوروبي تأكيده دعم توجّهات الحكومة وسعيها إلى تثبيت الأمن والاستقرار في لبنان، وتوجهها الحاسم نحو تنفيذ قرار حصر السلاح، وفي الوقت عينه "تفهّم موقف الدولة العالقة بين ضغط الحرب واستمرار الاعتداءات
الإسرائيلية والتهديد بتوسيعها من جهة، وبين ضغط الداخل المتمثل بتصلب "حزب الله" ورفضه التخلّي عن سلاحه، ومن جهة ثانية بالقلق من الإخلال بالسلم الأهلي في لبنان ومحاذرة القيام بأي خطوة تمسّ به». وتشير مصادر المعلومات، نقلاً عن المسؤول
الأوروبي، إلى منح الحكومة
اللبنانية الوقت اللازم لتحقيق ما قرّرته حول حصر السلاح بيد الدولة بالطريقة التي تراها مناسبة، والتي تتوافق مع الضرورات اللبنانية وأمن واستقرار لبنان ومصلحة كل مكوناته، مؤكداً أنّ الضغوط على الحكومة اللبنانية قد تترتب عليها نتائج عكسية، ومشدداً على أنّ قرار حصر السلاح الذي تُجمِع عليه الدول يصبّ في مصلحة لبنان، وينبغي مقاربته بموضوعية وواقعية، مستشهداً في هذا السياق بالموقف المتطور الصادر عن الموفد الأميركي توم برّاك، الذي أكد أنّ ليس في الإمكان نزع سلاح "حزب الله" بالقوة. "من هنا يجب إعطاء الفرصة والوقت للحكومة اللبنانية لمعالجة هذه المسألة". وإذ استبعد المسؤول الأوروبي التصعيد
الإسرائيلي الواسع، لكنه لم ينف احتمال استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، إذ لا ضمانة لوقفها، توافق في الرأي مع مسؤول كبير على أمرين: "الأول ضرورة الحفاظ على أعلى قدر من التماسك الداخلي، وعدم تعريض الداخل لأي مؤثرات خارجية أياً كان مصدرها، والثاني أنّ إسرائيل، وفي هذه الأجواء الداعمة لها، لو كانت متيقنة من أنّها قادرة على تحقيق هدفها بنزع سلاح "حزب الله" من خلال تصعيد واسع، لما انتظرت أحداً، وبادرت إلى ذلك فوراً".