سيُعقد في 18 من الشهر الجاري اجتماع في باريس يشارك فيه قائد الجيش العماد رودولف هيكل، والمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، والمبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، ومستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون
الشرق الأوسط آن كلير لوجاندر، والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، للتوصل إلى أرضية يمكن للبنان البناء عليها خلال مفاوضات هيئة "الميكانيزم"، على خلفية تهديد
إسرائيل لعملية عسكرية ضد
لبنان،
وكتب سمير تويني في" النهار": باريس تعبر، عن مخاوف من تصعيد عسكري إسرائيلي، وتبحث عن الوسائل لتجنب تداعياته. ورغم ترحيبها بتعيين الحكومة
اللبنانية السفير سيمون كرم في هيئة "الميكانيزم"، فإنها تعتبر أن ذلك غير كافٍ لمنع التصعيد العسكري. وقد يشارك الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في الاجتماع المقبل لهيئة "الميكانيزم" الذي سيعقد في 19 كانون الأول الجاري لشرح الموقف الفرنسي.
وسيتم البحث خلال الاجتماع الباريسي في حاجات الجيش اللبناني للقيام بمهمته وللتحضير لمؤتمر لدعمه يفترض أن يعقد لاحقاً. وسيعقد اجتماع في
بيروت خلال الأسبوع المقبل لتحديد الحاجات العسكرية للجيش ولقوى الأمن الداخلي التي تعول باريس على دورها في حفظ الأمن الداخلي ليتفرغ الجيش لمهماته الأولى، أي تأمين السيادة.
ان ما تسعى إليه باريس خلال الاجتماع توفير الحجة لإقناع المشاركين والأسرة الدولية بأن الجيش يقوم بواجبه. وفي هذا السياق تربط الأطراف المانحة العربية والغربية عقد مؤتمر اقتصادي لدعم إعادة الإعمار بتوافر الشروط الضرورية من إصلاحات اقتصادية ومالية. كذلك فإن المانحين المستعدين لدعم الجيش اللبناني يريدون التأكد من أنه يقوم بمهمته جنوب نهر الليطاني، وسيقوم بدوره شماله في المرحلة اللاحقة. وتركز باريس على جنوب الليطاني في المرحلة الراهنة لأن انتشار الجيش في شمال الليطاني سيكون أشد صعوبة، لأن "
حزب الله" لم يتخلّ عن رغبته في عدم تسليم سلاحه وهو يعيد تسلحه. لذلك تبدي باريس قلقها من تصريحات مسؤولي الحزب الذين يعتبرون أن تسليم السلاح محصور بجنوب الليطاني، وانعكاسات هذا الموقف على الوضع الداخلي اللبناني.
كما أن الاجتماع سيتطرق إلى توسيع عمل هيئة "الميكانيزم" الذي تعتبره باريس محدوداً، إذ يعود إلى الهيئة حل المشاكل التي يعاني منها لبنان مع إسرائيل. وقد تتم الدعوة إلى ترتيبات جديدة أكثر استدامة، لأن عمل الهيئة لم يوفر حتى الآن عودة السيادة اللبنانية من جهة، والأمن
الإسرائيلي من جهة أخرى.
الثقة بلبنان تضررت بشكل كبير وفق مصادر فرنسية، ليس عند المانحين العرب فقط، ولكن لدى المانحين في الدول الغربية أيضاً. لذلك تشدد باريس على الاعتماد على النتائج المحققة أمنياً أو اقتصادياً من خلال القيام بالإصلاحات البنيوية. وإذ تتخوف من عودة اللبنانيين إلى الممارسات السابقة التي ستؤدي إلى التعطيل، فهي تسعى إلى وضع حد للجمود السياسي والتشريعي بسبب الخلافات على قانون الانتخابات والإصلاحات لسد الفجوة المالية. وهذا الشلل له انعكاسات سلبية على عقد مؤتمر إعادة الإعمار.
كما أن باريس تعتبر أن ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا عملية ضرورية لدرء الخلافات بين البلدين، وأمنت الخرائط التي تمتلكها منذ زمن الانتداب لترسيم الحدود، لأنها قد تشكل مسألة خلافية قد يلجأ إليها الحزب، معتبراً أنها قد تشكل تهديدات سورية تجعله يتمسك بسلاحه لأنه ضروري للدفاع عن الأراضي اللبنانية.
وكتب ميشال نصر في" الديار": تنكب قيادة الجيش هذه الايام، على التحضير لزيارة العماد رودولف هيكل الى باريس، للمشاركة في اجتماع يضم كلا من الموفدين:
الاميركي مورغان اورتاغوس، الفرنسي جان ابفلودريان، السعودي الامير يزيد بن فرحان في ١٨ الجاري، في اطار تعزيز التنسيق بين لبنان والدول الداعمة، خصوصا فرنسا، في مجالات الأمن والدفاع، بما يضمن تعزيز دور الجيش اللبناني كمؤسسة وطنية مستقلة وفعالة، حيث سيعرض للخطوات التي انجزها الجيش على صعيد "حصر السلاح"، اضافة الى المساعدات التي يحتاجها لاستكمال مهامه. فالاجتماع الذي يعكس رغبة فرنسا في تثبيت حضورها الاستراتيجي في لبنان، يأتي ضمن إطار بحث سبل دعم الجيش اللبناني، كما يشكل منصة لتبادل وجهات النظر حول الإصلاحات الأمنية والإدارية الضرورية لضمان استدامة الدعم الدولي، وللتأكيد على قدرة الجيش
اللبناني على فرض الأمن، والحفاظ على الاستقرار الداخلي في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والتهديدات الإقليمية، ما يجعل الاجتماع محطة مهمة لتقييم الأداء اللبناني، واستشراف مسار التعاون الدولي في المرحلة المقبلة.
مصادر مواكبة للتحضيرات، أشارت إلى
أن فرنسا تسعى من خلال اللقاء إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية المتداخلة، التي تعكس اهتمامها بالملف اللبناني، متوقفة عند ثلاثة أهداف أساسية:
- الهدف الأول: توطيد التعاون بين الجيشين اللبناني والفرنسي، خاصة في جنوب لبنان.
- الهدف الثاني: سعي باريس المتواصل لتأمين انعقاد مؤتمر دعم الجيش اللبناني.
- الهدف الثالث: يتعلق بوضع الجيش اللبناني في قلب استراتيجية حماية البنية الاقتصادية الوطنية.
هذا التوجه يعكس استراتيجية فرنسية متدرجة، لربط الدعم العسكري والمؤسساتي بالشفافية والإصلاحات المحددة، لضمان ألا تسقط أي مساعدة دولية في فراغ سياسي أو إداري، كما أنه يعكس فهما فرنسيا دقيقا لأهمية الجيش ليس فقط كقوة قتالية، بل كمؤسسة مركزية في استقرار الدولة وإعادة الثقة للمستثمرين الدوليين.