تصفّح بدون إعلانات واقرأ المقالات الحصرية
|
Advertisement

لبنان

طوبى للساعين إلى سلام في لبنان

Lebanon 24
17-12-2025 | 07:00
A-
A+
Doc-P-1456440-639015725704910935.jpg
Doc-P-1456440-639015725704910935.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتبت البروفيسور ندى الملّاح البستانيّ: اكتسبت زيارة البابا لاون الرابع عشر إلى لبنان بُعدًا يتجاوز الطابع الروحيّ، فلامست عمق الأزمة الوطنيّة التي يعيشها البلد منذ سنوات. ففي ظل الانهيار الماليّ، والشلل المؤسّسيّ، وتداعيات انفجار مرفأ بيروت، أتت الزيارة المباركة كرسالة واضحة: السلام ضرورة وجوديّة، لا رفاهية سياسيّة، وهو المدخل الحقيقيّ لأيّ نهوض اقتصاديّ واجتماعيّ.
إنّ أوّل محطّة حبريّة خارج أوروبا في عهد البابا الجديد، سلّطت أنظار العالم على لبنان. فاللقاءات مع المسؤولين أتت في لحظة حسّاسة، لتذكّر أنّ دور السلطة هو خدمة الصالح العامّ، لا تكريس الجمود في المناصب. لكنّ المحطة الأشد جذبًا بقيت لقاء البابا مع الشبيبة، بكلّ الحيويّة الّتي أظهروها في ابتهاجهم وفرحهم العميق، وهذا ما برهن كيف أنّ الحبر الأعظم في رسالته إليهم شدّد على حيويّتهم وقوّتهم في إعادة بناء بلدهم.
كذلك، كان مشهد وقوف البابا في مرفأ بيروت للصلاة بصمت عن ضحايا انفجار ٤ آب، لحظة تختصر الألم وتعيد فتح ملف إعادة الإعمار المادّيّ والإنسانيّ، وقد واست بصمتها المجروحين الذين يبحثون على العدالة، فبحسب البابا لاون: "لا سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون غفران". وقد كانت جميع الوقفات والزيارات الروحيّة، وخصوصًا القدّاس الاحتفاليّ الذي شارك فيه أكثر من ١٥٠ ألف شخص، تذكيرًا بدور الكنيسة التاريخيّ في لبنان، وكيف ما زالت تشارك وتبني وتهِب وتضحّي بالكثير، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، في ظلّ تراجع دور الحكومة، ودوائرها في كثير من القطاعات الاقتصاديّة.
هكذا فهمنا أنّ دعوة البابا إلى السلام هي أبعد من شعار، فالاستقرار شرط أساسيّ لجذب الاستثمار، وتنشيط السياحة، واستعادة الثقة في اقتصادٍ بات يفتقر إلى القدرة على توقّع المستقبل. لذلك تبرز رمزيّة زيارة البابا، في أنّ السلام يُبنى بالشفاء، ويبدأ من الفئات الأكثر هشاشة.
شغل الحبر الأعظم مهمّة إدارة رهبنته عالميًّا لفترة طويلة، وكان حضوره فاعلًا في شركة مع الفقير والأشدّ احتياجًا، وكذلك مع أصحاب القرار. وفي لبنان، شارك الرؤية الصائبة في لقاءاته الخاصّة مع ذوي الشأن، ولو كانت مقتضبة، فيُعرف عن البابا الأميركيّ دوره الفاعل حيثما حلّ كونه رئيسًا عامًّا أو أسقفًا على أبرشيّته، وقد ركّز في فكره العمليّ على عدّة أُسس أعادت توجيه الكنيسة بدورها القياديّ والنبويّ.
فقد ركّز بروفوست على الكرامة الاجتماعيّة كمحرّك اقتصاديّ، عبر الدعوة إلى عدالة وشفافيّة ومكافحة الفساد. وكذلك، شدّد على أهمّيّة دعم الفئات الفقيرة عبر تعزيز شراكات التنمية، خصوصًا في الصحّة والتعليم.بالإضافة إلى تعزيز الثقة الوطنيّة، وإعادة ربط المجتمع بمؤسّساته وتشجيع الحوار بدل المواجهة.
إنّ هذه الأُسس هي تمامًا ما سمعنا صداها في خطابات وكلمات البابا لاون في لبنان. فالبلد الذي ينزلق نحو الفقر وعدم الاستقرار، يمكنه أن يستعيد دوره حين تتوافر رؤية جامعة تدفع بالمجتمع المدنيّ والمؤسّسات إلى العمل المشترك.
ختامًا، قد لا تكون زيارة البابا لبنان إلّا ركيزة سلام اقتصاديّة وسياسيّة لبنان، سنلمس أثرها في إمكانيّتها تشغيل محرّك الثقة، وتذكّر الجميع بواجباتهم، وإلهام كلّ لبنانيّ بقدرته على النهوض. وفي نهاية هذا العام الذي حمل في طيّاته الكثير من التحدّيات، تبقى دعوة البابا إلى سلام جديد يفتح الطريق نحو التعافي والاستقرار، علّنا نبدأ ٢٠٢٦ بهمّة واتّكالٍ على الربّ، فوحده واهب السلام الحقيقيّ.
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك