استضافت جامعة
الحكمة رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي في زيارة تضمنت لقاء حواريًا مع طلاب من الكليات الثماني
في الجامعة حول مسار القطاع العام في
لبنان، وذلك في قاعة المسرح في الحرم
الرئيسي للجامعة في فرن الشباك، بحضور رئيس الجامعة البروفسور جورج نعمة ونواب الرئيس وأعضاء المجلس وعائلة الجامعة من أساتذة وإداريين وحشد طلابي وفريق من مجلس الخدمة المدنية وExpertise France.
وأكد نعمة أن "جامعة الحكمة تولي، إلى جانب الإهتمام بالمسار الأكاديمي للطالب، أهمية خاصة لمسارهم الإنساني والوطني وانخراطهم في البناء الإيجابي للدولة". وقال: "أهمية اللقاء الطلابي مع رئيسة مجلس الخدمة المدنية تكمن في تعريف الطلاب على الصورة الحقيقية للقطاع العام، خصوصًا أن الشباب اللبناني يبتعدون عن هذا القطاع، الأمر الذي ينعكس سلبًا على لبنان. ولفت في هذا المجال إلى أن الحضور الفاعل لمجلس الخدمة المدنية يسهم في تطور القطاع العام وضمان وصول الكفايات إلى المناصب الإدارية العامة، في حين أن تغييبه كما حصل في العقود الماضية أسهم في التراجع الكبير لهذا القطاع".
ثم كان عرض تفصيلي عن مجلس الخدمة المدنية قدمته مشموشي استهلته بالقول ان "المجلس أنشئ عام 1959 في عهد الرئيس فؤاد شهاب ليكون الإدارة المركزية للموارد البشرية في القطاع العام". وتناولت أهم مهام المجلس كأداة مركزية لإدارة الموارد البشرية والمنظّم المركزي للقطاع العام، وصاحب الصلاحية في إجراء المباريات للإدارات العامة والمؤسسات العامة باستثناء
مصرف لبنان فقط، كما عرضت المشاريع الإصلاحية التي يعمل المجلس عليها والتي أهمها: الإطار المرجعي للوظائف والكفايات، وضع نظام معلومات الموارد البشرية وربطه بإدارات الدولة وأجهزتها ومؤسساتها لا سيما وزارة المالية والهيئات الرقابية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووزارة التربية والتعليم العالي والسجل العدلي، رقمنة اجتهادات المجلس واستحداث تطبيق ذكاء اصطناعي للبحث فيها، تجميع نصوص الوظيفة العامة تمهيداً لتعديلها، وغيرها من المواضيع الأساسية لتحديث عمل مجلس الخدمة المدنية.
وأكدت أن "إطاراً مرجعياً للوظائف والكفايات لتصنيف الوظائف وتوصيفها الذي يعمل المجلس على وضعه - بعد ان قام بتوزيع 28099 وظيفة والتي أصبحت 25642 وظيفة على 22 مجالاً، وتحديد 135 وظيفة مرجعية، يصار حالياً الى وضع توصيف لكل منها تمهيداً لتوصيف جميع المسميات الوظيفية (حوالي 3200)- سيعتمد أساساً للتعيين والترفيع وبناء المسارات الوظيفية وتحديد مهام الموارد البشرية والكفايات المطلوبة منها، وبالتالي تقييم الأداء وتحديد المسؤوليات سنداً للتوصيف الوظيفي، كما أشارت إلى أهمية الدور الذي يمارسه المجلس في إطار الإدارة الترقبية للوظائف والمهام وانعكاسه على التخطيط للموارد البشرية وهندسة الملاكات وبناء هيكليات أفقية".
ولفتت إلى أن "الحكومة وبعد انتهاء مفعول وقف التوظيف بموجب قانون الموازنة العام لعام 2019، أجازت التوظيف هذه السنة وذلك للبدء بسد الشغور الحاد في القطاع العام الذي تجاوز الـ75%، فالملاك الإداري العام كان يتضمن 28099 وظيفة، وقد وافق
مجلس الوزراء بناء لطلب المجلس على إلغاء 2457 وظيفة، فبات يضم 25642 وظيفة، علماً أنّ المجلس يطمح إلى تخفيض هذا العدد تبعاً لإلغاء وظائف أخرى انعدمت الحاجة إليها وفي الوقت عينه استحداث وظائف ومهام جديدة ملحة وضرورية لتلبية متطلبات التحديث ورؤية الدولة في تسيير المرافق العامة التي تتولاها لا سيما تلك المرتبطة بالشراء العام، التخطيط، إدارة الموارد البشرية، التحول الرقمي واستخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات، الاتصالات، الطاقة المتجددة والخضراء، البيئة والمناخ، التنمية المستدامة...، بحيث يتراوح عدد وظائف الملاك بين 13000 و15000 وظيفة".
وتحدثت عن "التوظيف العشوائي في السلك الإداري البالغ 13000 شخص وفق المسح الوظيفي الذي أجراه المجلس، والذي يمكن معالجته تبعاً لحاجة القطاع العام من خلال التعاقد مع المؤهل منهم على مهام محددة بعد مباراة محصورة يجريها المجلس". وأشارت إلى "الموجبات القانونية والتنظيمية التي توجب دمج الطاقات البشرية من ذوي الاحتياجات الخاصة ووجوب استقطاب النسبة المئوية المحددة في القانون رقم 220/2000 على الأقل والإجراءات الواجب اتباعها لتنفيذ موجبات القانون ومندرجات المرسوم رقم 6456 عند الإعلان عن كل مباراة يجريها مجلس الخدمة المدنية".
واشارت إلى أن "مجلس الخدمة المدنية لن يراعي في اختيار الموارد البشرية لأي سلك من أسلاك القطاع العام، سوى القواعد القانونية والأصول التنظيمية في تحديد المؤهلات العلمية والخبرات العملية، ولن يتقيد الا بمبادئ الجدارة والاستحقاق من خلال مباريات تنافسية وموضوعية وعلمية شفافة ونزيهة تضمن تكافؤ الفرص ووصول الأكفاء والأكثر تميزاً، مع أهمية معالجة الرواتب والأجور بما يحفظ كرامة الموظف وعائلته ويضمن له حياة كريمة، مع أخذ واقع الخزينة العامة وقدرة الحكومة المالية بعين الاعتبار من جهة ومنافسة القطاع الخاص في الاستقطاب من جهة أخرى". وقالت: "نحن نحتاج إلى استقطاب الطاقات الشابة المؤهلة والقادرة، فالعاملون في القطاع العام حالياً منهم من أصبحوا في متوسط العمر ومنهم من قاربوا سن التقاعد، عدا عن التسرب الوظيفي الذي حصل في السنوات الخمسة الأخيرة لكفاءات متخصصة. صحيح أن الرواتب فقدت بسبب الأزمة المالية 98% من قيمتها، إلا أننا نعمل على تصحيح الرواتب والاجور، مع التشديد على مسألة أساسية في القطاع العام حيث تقوم علاقة نظامية واضحة بين الموظف وأحد اشخاص القانون العام تحكمها القوانين والأنظمة".
وتوجهت للطلاب: "من المهم أن تدخلوا إلى الإدارة كي يتحقق التغيير، ولن يحصل تغيير دون انخراطكم في القطاع العام، وأشدد على أن تعيدوا النظر بخيارتكم ويكون الانخراط في الإدارة العامة في مقدمة هذه الخيارات، هدفنا إعادة الثقة المفقودة بالقطاع العام وتكريس حوكمة رشيدة ومأسسة أداء الخدمات العامة، وهذا لن يحصل إلا من خلال الطاقات الشابة".
وكان اللقاء الحواري قد بدأ بكلمة لنائب رئيس جامعة الحكمة للعلاقات المؤسساتية والدولية ليلي عساف التي نوهت بما تقوم به مشموشي لتحديث القطاع العام ورفده بالطاقات. وأكدت أن "هذه الندوة تضع الطلاب في صميم
النقاش، وتطرح أسئلة مؤلمة لكنها ضرورية: كيف نعيد الثقة بالوظيفة العامة؟ كيف نُقنع الشباب بأن الدولة تحتاجهم؟ وكيف نُعدّهم ليكونوا قادة التغيير في إدارة عامة حديثة، شفافة، ومنتجة؟" وشددت على "أهمية استعادة القطاع العام دوره المحوري والحديث كونه الركن الأساسي لبناء دولة قوية وفاعلة".
كما كانت كلمة للأستاذ المحاضر في كلية العلوم السياسية ومدير مكتب دمج الأشخاص من ذوي الإحتياجات الخاصة في الجامعة جو رحال ركز فيها على "ضرورة تطبيق القانون الذي ينص على توظيف أصحاب الهمم في القطاع العام بنسبة 3%. وأدار طاولة الحوار الأستاذ المحاضر في كلية الحقوق وكلية
الشرع الكنسي في جامعة الحكمة الدكتور عادل يمين.
وكان نقاش بين مشموشي وطلاب من الكليات الثماني في جامعة الحكمة الذين طرحوا أسئلتهم عن جدوى الإنخراط في القطاع العام في ظل التطورات السياسية التي يشهدها لبنان.