وسط المخاوف من إمكانية اندلاع حربٍ جديدة موسعة بين لبنان وإسرائيل، يعودُ الكلام عن مصير الإنتخابات النيابية عام 2026 ليبرز مُجدداً على الساحة السياسية.
"بوادر التأجيل غير مُستبعدة"، وذلك وفق ما يقولُ مصدر سياسيّ مقرب من "
الثنائي الشيعي" لـ"لبنان24"، مشيراً إلى أن إجراء الانتخابات من عدمه ليس محسوماً لدى أي طرف سياسي، وبالتالي ما من جهة قادرة على حسم مصير الاستحقاق منذ الآن.
الغموض بشأن مصير الانتخابات لا يحسمه سوى رئيس الجمهورية جوزاف عون، ومن خلاله يُمكن للاستحقاق أن يأخذ طريقه، إما نحو التأجيل أو التنفيذ من دون أي تأخير. هنا، يبرز التحدي الكبير أمام عون خصوصاً أن محاولات "تأخير الانتخابات" قائمة على سياق مُتصاعد، وفي حال حصول هذا الأمر، عندها سيُترجمُ ذلك على أنه "انتكاسة" كبيرة لعهد عون على اعتبار أن الانتخابات النيابية تمثل مفصلاً أساسياً من مفاصل عهده، فيما تُعتبر مرحلة محورية ترسم
آفاق ما ينتظر لبنان في المرحلة المقبلة.
كل ذلك يضعُ رئيس الجمهورية أمام ضغوط، وتقولُ المصادر السياسية إنّ "عون لن يقبل باهتزاز عهده من بوابة سياسية، خصوصاً أنّ هناك استفادة قصوى لدى الأحزاب من تأجيل الانتخابات بغية تثبيت وضعها، لكن الأمر هذا لا يصبُّ لصالح رئيس الجمهورية أبداً، وهنا يكمنُ التحدي".
تحالفات ومشاركة
ما يُحكى في كواليس الانتخابات هو أن "الماكينات" المختلفة التابعة للأحزاب تنشطُ بقوة لتحضير نفسها، لكن الأطراف برمتها تُراقب إمكانية حصول تأجيل حتى وإن كانت الدولة "مُستنفرة تقنياً" لإجراء الانتخابات في موعدها خلال شهر أيار 2026.
من ناحيته، فإن رئيس الجمهورية سيكون متمسكاً بالمُهل القائمة والمواعيد المرسومة، لكنه في الوقت نفسه قد لا يكونُ بعيداً، وفق المصادر، عن المشاركة في الانتخابات من خلال دعم وتزكية أطراف ومرشحين يمثلون قاعدة سياسية خاصة به يمكن من خلالها التأثير نيابياً، وهو ما تعتبرهُ المصادر خطوة مشروعة تحتاجُ إلى دراسة معمقة حول الشخصيات التي ستقود هذا التأثير ودورها، علماً أن البحث الأساس يتمحور في مدى إمكانية وصول تلك الشخصيات إلى الندوة البرلمانية.
لا تستبعد المصادر السياسية إمكانية ذهاب عون نحو دعم تحالفات مع مرشحين للانتخابات من طوائف مُختلفة، لكن لهذا الأمر حساباته الدقيقة. فمن جهة، فإن عون ولدى اختياره أي "حليف" أو جهة ليكون على تماسٍ بها إنتخابياً، فإن البحث سيتركز حول خلفية وأهداف هذا الحليف وارتباطاته، وعندها سيُبنى الموقف تجاه رئيس الجمهورية من الأطراف الأخرى.
المصادر تشرحُ الأمر أكثر، وتقول إنه في حال أراد رئيس الجمهورية حقاً المشاركة بالاستحقاق النيابي عبر دعم وترشيحات، سوف تُقرأ بداية خارطة الشخصيات التي ستحظى بالإحاطة من عون، ففي حال كانت مناوئة لـ"الثنائي الشيعي"، عندها سيكون هذا الأخير أمام موقف جديد من
العهد، وفي حال كانت تلك الشخصيات مرتبطة بأطراف أخرى، فلكل ذلك حسابات. أما الأمر الأهم فيتمحور حول مدى وجود نية لدى عون، في حال أراد المشاركة
الانتخابية، بالتحالف مع قوى حزبية تقليدية، وبالتالي تكريس الأطراف السياسية كقاعدة لإيصال شخصيات مختلفة تُناصر عون وتشكل "قاعدة نيابية له".
في خلاصة القول، فإن مصير الانتخابات مُعلق بين حبلين، إما التأجيل أو التنفيذ، بينما خيارات
الرئيس عون تبدو غير واضحة وهي ستتبلور مع الأيام، لكن ما هو ثابت يرتبط بإصرار عون على إجراء الاستحقاق، ولكن السؤال الأساس: هل سيكون التأجيل التقني أو المطول بمثابة أمر مسموح بالنسبة للرئيس عون، وهل سيضحي بثبات عهده حقاً في سبيل هدف يخدم الأطراف السياسية وحدها؟