يشير المناخ السياسي السائد إلى مرحلة دقيقة يحاول فيها العهد الرئاسي تثبيت معادلة الاستقرار فيدمقابل انتظام العمل الدستوري. فالتطمينات الدولية التي جرى تداولها أخيرا حول تحييد
لبنان عن حرب إسرائيلية واسعة تعكس قناعة خارجية بضرورة حماية الساحة
اللبنانية من تداعيات التصعيد الإقليمي، وهو ما يتقاطع مع التزام حكومي واضح بهذا الاتجاه.
في هذا السياق، جاء كلام رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من بكركي ليؤكد أن خطر الحرب الشاملة بات مستبعدا، وليضع في الوقت نفسه الاستحقاق النيابي في صلب أولويات العهد.
وعليه، يمكن قراءة هذا الخطاب، بحسب مصادر سياسية، كمحاولة لربط الاستقرار الأمني بالاستقرار السياسي والدستوري، وتوجيه رسالة إلى القوى السياسية بأن المرحلة المقبلة سيكون عنوانها الانتخابات وما ستفرزه من موازين جديدة.
إلى ذلك، لا تبدي أوساط سياسية أي تفاؤل في ظل بقاء بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة
الإسرائيلية، معتبرة أنّ فرص الحل تكاد تكون معدومة، وأن منطق المواجهة يبقى الأكثر حضورا في حسابات المرحلة، مشيرة إلى أن الفترة الفاصلة حتى الخريف مرشحة للبقاء على حالها من حيث الانسداد السياسي والتصعيد الميداني.
وأفادت القناة 13 الإسرائيلية، بأنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم السعي لإقناع الرئيس الأميركي
دونالد ترامب بـ«السماح لإسرائيل بتوسيع عملياتها» ضد
حزب الله، على أن يعرض عليه «معلومات استخباراتية» لدعم هذا التوجّه. وبحسب القناة، ترى
إسرائيل أنّ «الملف اللبناني» بات أكثر إلحاحًا من «الملف الإيراني»، معتبرةً أنّ الضربات الأخيرة على حزب الله «غير كافية» قياسًا بسرعة إعادة بناء قدراته، في حين قالت إنّ تل أبيب لا تتّجه حاليًا إلى «مناورة برّية واسعة» في لبنان بسبب تعقيدات الطقس الشتوي، لكنها تسعى إلى تنفيذ عمليات «ذات تأثير أكبر» من الضربات الراهنة.
واستقبل رئيس الجمهورية جوزاف عون، في قصر بعبدا، السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو، وجرى البحث في الاستحقاقات الراهنة، ولا سيما التحضيرات الجارية لانعقاد مؤتمر دعم الجيش والقوات المسلحة اللبنانية، والذي تمّ الاتفاق على عقده خلال الاجتماع الفرنسي–الأميركي–السعودي الذي عُقد في باريس في 18 كانون الأول الجاري.
كما تناول البحث العلاقات اللبنانية–الفرنسية، وموقف باريس الداعم للإصلاحات التي تُجريها الحكومة اللبنانية، إضافةً إلى الجهود المبذولة لبسط السيادة الوطنية على كامل الأراضي اللبنانية، عبر تنفيذ قرارات الحكومة في هذا الشأن.
ودان رئيس الحكومة نواف سلام، خلال استقباله في السراي الحكومي السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الجنوب والبقاع، مؤكّدًا أنّ الأولوية هي لوقفها، ولانسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها، وعودة الأسرى. وتركّز النقاش بين الجانبين حول دور لجنة «الميكانيزم».
وأقرّ
مجلس الوزراء، خلال جلسته المنعقدة في السراي الحكومي، مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع، إذ صوّت 13 وزيرًا لصالح القانون مقابل اعتراض 9 وزراء. وسيُحال مشروع القانون إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره. وقد عارض المشروع الوزراء المحسوبون على حركة أمل باستثناء وزير المال ياسين جابر، إضافةً إلى وزراء حزب الله ووزراء القوات اللبنانية، والوزير المحسوب على الكتائب عادل نصّار، ووزيرة الشباب والرياضة المحسوبة على حزب الطاشناق نورا بيرقداريان.
ورحّبت فرنسا بإقرار مجلس الوزراء مشروع قانون توزيع خسائر المودعين في المصارف، المعروف باسم «قانون الفجوة»، معتبرةً أنّ المشروع يشكّل خطوة أولى أساسية على طريق استعادة ثقة اللبنانيين بالنظام المصرفي.
وجدّدت فرنسا دعمها للجهود التي تبذلها السلطات اللبنانية لإعادة وضع لبنان على مسار الاستقرار وتعزيز مؤسسات الدولة، لافتةً إلى أنّ إقرار البرلمان قانونًا معدّلًا حول استقلالية السلطة القضائية، وقانونًا يجيز قرضًا من البنك الدولي لإطلاق عملية إعادة إعمار المناطق المدمّرة جرّاء الحرب، يبرز التزام السلطات والطبقة السياسية اللبنانية بتحقيق هذه الأهداف.
وأكدت من جديد دعمها للمؤسسات اللبنانية للمضي قدمًا، بعزم ومسؤولية، نحو الإقرار النهائي لمشروع القانون المعروف بـ«قانون الفجوة»، بما يتيح التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مذكّرةً بأن هذه الخطوات حاسمة لحشد المجتمع الدولي لدعم عملية إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي في لبنان، ومجدّدةً التزامها تنظيم مؤتمر دولي مخصص لهذا الغرض في باريس فور استكمال هذه المراحل.