لا يزال نحو 25% من الأراضي اللبنانية يحتوي على ألغام أرضية وذخائر غير منفجرة خصوصاً في المناطق الجنوبية على طول الحدود مع إسرائيل، وتُعتبر المناطق الأكثر تضرراً تلك القريبة من الخط الأزرق.
فقد سلّمت قوات اليونيفيل مؤخرا حقل ألغام تمّ تطهيره إلى الجيش قرب الخط الأزرق في بلدة بليدا، ويُعدّ هذا أول تسليم لحقل ألغام اكتملت أعمال التطهير فيه منذ اندلاع الحرب الأخيرة، أي منذ تشرين الأول 2023.
وأوضحت اليونيفيل أن أعمال إزالة الألغام التي شملت إزالة المتفجرات المنتشرة على مساحة تقارب 2000 متر مربع بدأت في 12 آب واكتملت مطلع الشهر الحالي، وان خبراء إزالة الألغام عثروا على نحو 393 لغماً تمّ تدميرها في الموقع بالتنسيق مع الجيش ، على ان تسلم القوات الدولية لاحقا حقول ألغام إضافية تمّ تطهيرها.
وفي هذا الإطار، اعتبر الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد ناجي ملاعب عبر "
لبنان 24" ان "أسلوب زرع الألغام ليس جديدا عند جيش
الاحتلال الإسرائيلي، فمنذ عام 2006 وحتى اليوم زرعت إسرائيل في أراضي الجنوب ما لا يقل عن مليون لغم أو قنابل عنقودية".
ولفت ملاعب إلى المساعدة الإماراتية للجيش في عملية نزع الألغام حيث سقط العديد من
الشهداء العسكريين نتيجة دخولهم إلى مناطق ملغمة، وتابع: "ما قامت به قوات اليونيفل مهم جدا، فقد تمكن الجيش من اكتشاف جهاز تنصت مموّه في بليدا، ما يكشف ان إسرائيل بالإضافة إلى الألغام زرعت أجهزة تنصت للتجسس".
وأضاف: "تنظيف حقل ألغام بمساحة 2000 متر يعني ان قوات اليونيفيل تحاول التأكيد بأنها جاهزة بكامل أجهزتها التقنية للمساعدة في تنظيف المناطق الحدودية، فقوات الطوارئ الدولية ستستفيد أولا من هذه الخطوة من خلال التنقل بأمان في المنطقة، وثانيا سيكون حقل بليدا بداية لعمل اليونيفيل في أكثر من مكان لتنظيف المناطق الحدودية على الرغم من ان هذا الأمر يستلزم وقتا طويلا قياسا لما تركه العدو الإسرائيلي بعد عام 2006 ".
وأكد ان "هذا العمل مُساعد للجيش الذي يملك القدرات والتقنيات وعمل سابقا في هذا الإطار وبالتالي لديه الخبرة الكافية ولكن ان تقوم اليونيفيل بهذا الأمر بمثابة انتقال نوعي لعملها من خلال تنظيف الأراضي على الحدود عسى ان تكون بادرة أولى والا تنتهي عند هذا الحد ".
وختم ملاعب بالقول:"نحن كخبراء نعوّل كثيرا على الاجتماع الذي حصل مؤخرا في
باريس وإقرار الكونغرس الأميركي 90 مليون دولار للجيش ، ونحن في بداية طريق جيدة بدأت بتعهد رئيس الحكومة بانتهاء المرحلة الأولى من خطة الجيش لتطبيق "حصرية السلاح" خلال أيام، على ان تبدأ المرحلة الثانية ونحن بالتالي حققنا أمرا كان في الماضي صعبا جدا على الرغم من التهديدات إسرائيلية بتنفيذ عمليات عسكرية، ويبدو ان الجو الديبلوماسي اللبناني فعل فعله وبدأ
لبنان بتنفيذ التزاماته ، كما ان تعزيز قدرات
الجيش اللبناني سيُساعد أكثر في هذا الإطار".
لا بد من الإشارة إلى انه من الصعب تحديد عدد الأراضي الملوّثة بالألغام في لبنان نظرًا للعمليات العسكرية المستمرة على طول الحدود مع إسرائيل، فقد تمكّنت الفرق المتخصصة من تنظيف نحو 84% من الأراضي الملغمة بنهاية عام 2023، ولا تزال تواجه مهمة إزالة الألغام من نحو 16 مليون متر مربع من أصل 26.68 مليون متر مربع.
إذن لبنان أمام تحدٍّ كبير يتمثل في نزع الألغام والعبوات الناسفة المنتشرة في مناطق شهدت عقودًا من الصراعات العسكرية، وهذه المشكلة تؤثر بشكل خاص على المناطق الحدودية حيث اضطر آلاف اللبنانيين للفرار بسبب الاعتداءات الاسرائيلية.