تصفّح بدون إعلانات واقرأ المقالات الحصرية
|
Advertisement

لبنان

عندما زارت بريجيت باردو لبنان.. لحظات استثنائية في عزّ شهرة بيروت (صور)

جاد حكيم - Jad Hakim

|
Lebanon 24
29-12-2025 | 14:00
A-
A+
Doc-P-1461436-639026382437630532.png
Doc-P-1461436-639026382437630532.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في آذار 1967، كانت بيروت تُشبه إعلانًا مفتوحًا عن زمن اللمعان في شرق المتوسط. مدينة تراهن على الفنادق الفخمة، والصحافة المصوّرة، وسهرات الليل الطويلة، وحركة الزائرين القادمين للمتعة قبل أي شيء آخر. في ذلك الربيع، وصلت بريجيت باردو إلى لبنان في زيارة قصيرة تحوّلت سريعًا إلى خبر بحد ذاته. نجمة عالمية تعبر بيروت في ذروة شهرتها، وكاميرات تلاحقها، ومدينة تلتقط المشهد كأنه شهادة دولية على صورتها التي أرادت تثبيتها عاصمة أنيقة تتنفس بحرًا وحداثة.

لم تكن الزيارة مهمة رسمية ولا تصويرًا لفيلم. كانت استراحة عابرة ضمن برنامج سفر متوسّطي، لكنها حملت معنى أكبر من مدتها. باردو، التي كانت يومها أيقونة سينمائية ووجهًا يثير الضجيج أينما حلّ، لم تمر مرورًا عاديًا. الروايات المتداولة عن تلك الحقبة تتقاطع عند نقطة واحدة. وصولها كان حدثًا يجذب الفضوليين والمصوّرين، وكأن بيروت أرادت أن تقول للعالم إنها لا تقلّ عن أي محطة ساحلية أوروبية على خارطة الستينيات.


كان المشهد البيروتي قائمًا على فكرة واضحة. السياحة ليست شواطئ فقط، بل أسلوب حياة. لذلك بدت زيارة باردو كأنها تلتقط الفكرة من قلبها. بين الواجهة البحرية والوسط التجاري القديم، وبين البذخ الهادئ في الفنادق وخفة الأسواق الشعبية، كانت المدينة تعرض طبقاتها كلها في الوقت نفسه.

أقامت باردو في واحد من أشهر فنادق بيروت في ذلك العصر. الفندق الذي كان يختصر مفهوم الرفاهية الحديثة. مسبح مطل على البحر، بهو يلمع بالزجاج والرخام، ومكان تُصنع فيه شهرة إضافية للمدينة بقدر ما تُصنع فيه راحة الضيوف. هناك تحوّلت لحظة الاسترخاء إلى مشهد عام. نجمة تجلس قرب الماء، وعيون تراقب من بعيد، وعدسات تنتظر لقطة واحدة تكفي لتدوير الحكاية.


من الفندق إلى قلب العاصمة، أخذت الزيارة مسارًا طبيعيًا نحو الأسواق القديمة. يومها كانت مساحة مزدحمة بالذهب والساعات والأقمشة، وبالتفاصيل التي تعطي بيروت طابعها الحقيقي بعيدًا عن البطاقات السياحية. ويُروى أنها توقفت عند واجهات المجوهرات وزارت أسعد جورج داو، وهو صائغ مجوهرات مشهور بتصميم قطع للعائلات المالكة ونجوم السينما، وهذا ما شكّل دليلا على سمعة بيروت كمركز للأزياء والأناقة في المنطقة.
ولم تكتف الزيارة بالعاصمة. خرجت باردو إلى جبيل، المدينة التي تحمل في مينائها خليطًا نادرًا، حيث تذوقت المأكولات البحرية المحلية، واستمتعت بأوقات الفراغ على شاطئ البحر. ونقلا عن "آرب نيوز" يروي الروائي حسن داوود  قصةً من صديقٍ له كان يعمل في مديرية الأمن العام آنذاك. قال إنه عندما وصلت باردو إلى بيروت على متن سفينة، واحتاجت إلى الانتقال إلى قارب صغير للوصول إلى الشاطئ، ساعدها بإمساك يدها. لم يغسل يديه طوال اليوم حتى يحتفظ بشعور يدها على يده.


تُروى زيارة باردو اليوم لأنها نافذة على بيروت أكثر مما هي تفصيل عن نجمة. تُذكّر بزمن كانت فيه المدينة تصدّر صورتها بثقة. بحر مفتوح، فنادق تنافس، أسواق تنبض، وفضاء اجتماعي يلتقط أي لحظة ليحوّلها إلى حكاية. لم تغيّر باردو لبنان، ولم يغيّر لبنان مسار باردو، لكن تقاطع اللحظة بينهما ترك بطاقة بريدية لا تزال تُستعاد كلما ذُكر ذلك الربيع. بيروت التي كانت قادرة على أن تكون محطة على خارطة اللمعان العالمي ولو لأيام قليلة.

وفي 28 كانون الأول 2025، أُعلن رحيل بريجيت باردو عن عمر 91 عامًا في منزلها في سان تروبيه، بعد سنوات طويلة من الابتعاد عن السينما والتفرغ لقضايا الدفاع عن الحيوانات، مع إرث فني ترك أثرًا واسعًا وجدلاً لم يغب عن صورتها العامة. هكذا تُغلق سيرة واحدة من أكثر أيقونات القرن العشرين حضورًا، بينما تبقى زيارة بيروت في ربيع 1967 لقطة متوسطية ثابتة في الذاكرة.
Advertisement
المصدر: خاص لبنان24
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

جاد حكيم - Jad Hakim