كتب طوني عيسى في" الجمهورية": على الأرجح، كانت قمّة «مارالاغو » صداماً صامتاً بين رجلين يجمعهما التحالف وتفرّقهما الأساليب والأهداف: نتنياهو يرى في القوة العسكرية حلاً وحيداً لكسر المعادلات، وترامب يرى أنّ «الصفقات الكبرى » هي الضمانات الحقيقية لاستمرار السيطرة. ولكن، بالتأكيد، خلف الجدار السميك المحيط بالنقاشات، توصلت القمة إلى صفقات بقيت طي الكتمان، وستظهر نتائجها في
الشرق الأوسط تباعاً، بعد أسابيع أو أشهر أو سنوات.
يرى
ترامب أنّ «حزب الله» هو الآن في أضعف حالاته بعد سقوط
الأسد. وخسارة الإيرانيين ممرهم البري. والأفضل هو إكمال المسار بدعم الحكومة
اللبنانية والجيش لاستكمال إزالة تأثير «حزب الله» وتحويل
لبنان شريكاً تجارياً إقليمياً.
في المقابل، يعتقد نتنياهو أنّ ضعف «حزب الله» لا يعني زواله، وأنّ مقدراته الباقية والمخبأة حالياً ستنمو مجدداً إذا رُفع الضغط عنه. ولذلك، يطلب نتنياهو ضمانات بأنّ نهر الليطاني أو ربما نهر الأولي هو الحدود التي يجب تأمينها تماماً، كما يجب أن تبقى لإسرائيل القدرة على الضرب في لبنان من دون استئذان أحد.
وليس مستبعداً أن يكون نتنياهو في القمة قد شكّك في صدقية الحكومة والجيش اللبناني، الذي قال الإسرائيليون مراراً إنّ بعض ضباطه وعناصره ينسقون مع «الحزب».
وعلى الأرجح، جدّد ترامب الوعد بوضع مستشارين أميركيين في كل غرف العمليات في الجنوب. فالميكانيزم هي التي تقوم اليوم مباشرة بتفتيش المنازل في الجنوب. وفوق ذلك، سيؤكّد ترامب أن لبنان لن يحصل على أي مساعدات ما لم يبدأ بمصادرة مخازن «الحزب». ووفق الخبراء، يفترض أن يكون النقاش في الملف اللبناني قد حُسم باتفاق على منح لبنان فرصة لتنفيذ الجدول الزمني الخاص بنزع السلاح، على أن يمارس ترامب ضغطاً اقتصادياً، فيما يمارس نتنياهو
ضغطاً عسكرياً، أي تهديداً بالاجتياح. وفي السيناريو الختامي لملف لبنان، من المؤكّد أنّ نتنياهو حصل على تفويض باستمرار العمليات العسكرية، بدعم أميركي صامت، فيما تواصل
واشنطن وضع لبنان في غرفة العناية المركّزة، سعياً إلى تبديل هويته من «جبهة» تتحدّى
إسرائيل إلى منطقة استقرار وازدهار اقتصاديين. وهذا المسار يمكن أن يقود إلى انقلابات هائلة داخلية وخارجية، لأنّ من الصعب إدراك الأهداف
الإسرائيلية الأخيرة في لبنان.