دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "رجال السياسة إلى أن يضعوا خير الجمهورية فوق كلّ اعتبار، ويعمدوا إلى التفاهم في ما بينهم بلقاءات عابرة للفريقين السياسيين من أجل إيجاد المخرج التوافقي لانتخاب رئيس للجمهورية، وعدم ربط عملية الانتخاب ونتائجها بالنزاع القائم في المنطقة الذي يبدو طويلاً، فيما مؤسسات الدولة عندنا تتفكك، والفقر يتفاقم، والهجرة تتزايد، لاسيما من صفوف شبابنا وقوانا الحية، وعدد النازحين وعائلاتهم ومتطلباتهم تتكاثر". وشجع "كل مبادرة يقوم بها المجتمع المدني، من أجل تقريب وجهات النظر والإصرار في المطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية، احترامًا ليس فقط للدستور والميثاق، بل وللنظام الطبيعي الذي وضعه الله، مع رفض الواقع الراهن".
كلام الراعي جاء في خلال رعايته حفل تدشين كنيسة "سيدة الدوير" الجديدة في منطقة الفيدار – جبيل وتكريس مذبحها، والتي تبرّع بتشييدها رئيس جمعية المصارف رئيس مجلس إدارة "بنك بيبلوس" فرانسوا باسيل، وذلك في قداس إلهي أقيم في المناسبة في السادسة مساء أمس، ترأسه الراعي وعاونه فيه النائب البطريركي العام المطران بولس الصياح ورئيس اساقفة جبيل المطران ميشال عون ولفيف من الكهنة والرهبان، وحضره الرئيس ميشال سليمان، النائب الاول لرئيس حزب "الكتائب" شاكر عون ممثلاً الرئيس امين الجميل، النائب وليد الخوري ممثلاً رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، النائب انطوان زهرا ممثلا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الوزيرة أليس شبطيني، غبريال جبرايل ممثلاً الوزير جبران باسيل، النائبان عباس هاشم ونعمة الله ابي نصر، الوزيران السابقان العميد مروان شربل وناظم الخوري، الامين العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، محافظ المحكمة العليا للتوقيع الرسولي في الفاتيكان الكاردينال دومينيك مامبرتي، والسفير البابوي غابريال كاتشيا، رئيس المجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان، مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الدكتور فرانسوا باسيل، رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه، نقيب المحامين جورج جريج، القائمقام نجوى سويدان فرح، نائب رئيس المؤسسة المارونية للانتشار المهندس نعمة افرام، رئيس بلدية الفيدار الدكتور نعيم باسيل، رئيس الجمعية الخيرية الاسلامية في جبيل وكسروان الشيخ حسين شمص، عضو المؤسسة البطريركية المارونية للانماء الشامل انطوان أزعور، رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء جبيل المهندس ايلي باسيل، المحامي جان الحواط، وحشد من رؤساء البلديات والمخاتير وفاعليات سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية، ومدعوون . وخدمت القداس جوقة جامعة الروح القدس – الكسليك.
بدأ الراعي الحفل برتبة تكريس المذبح من أمام باب الكنيسة الرئيسي في الخارج فرسم عليه بالميرون ثلاث مرات في شكل صليب طارقاً الباب المغلق ثلاث مرات، فسأل كاهن الرعية من داخل الكنيسة عن الطارق، فأجاب البطريرك: "أنا بشارة بطرس الراعي بطريرك انطاكية وسائر المشرق وكاردينال الكنيسة الجامعة جئت أرسم هذا الهيكل المقدس على اسم العذراء مريم سيدة الدوير في بلدة الفيدار المحبة للمسيح".
ثم بارك الراعي الماء ودخل الكنيسة بمفرده لينضح زواياها الأربع بالماء المبارك، وعاد الى الباب الرئيسي، ودخل الكنيسة مع معاونيه بنظام طقسي على وقع قرع الأجراس وإنشاد مزامير من وحي المناسبة.
وفي بداية القداس، ألقى خادم الرعية الخوري طوني الخوري كلمة عرض في خلالها مراحل بناء الكنيسة الجديدة التي وضع حجر أساسها البطريرك الراعي في العام 1996عندما كان مطراناً على أبرشية جبيل "الى أن ألهمت العذراء قلب الدكتور فرنسوا باسيل الذي قرر بناء الكنيسة وبيت الكهنة وأصبحت الفيدار من فيض محبته، أحلى بهذا الصرح الديني وأصبحت جبيل بفضل فيض محبته ايضا أحلى وحصدت ما حصدته من جوائز عالمية". وقال: لقد سبّبت لنا أيها الإبن الروحي الدكتور فرنسوا فرحاً عظيماً وأنت القائل "ليس بإمكان أحد بعد الآن أن يحتفظ بماله لنفسه. علينا كلنا ان نشارك في جزءٍ من أموالنا وأرباحنا وتعبنا ونضعه في خدمة المجتمع. إنَّ الحديث عن رأسماليّةٍ متوحشّة، لا مكان له في عالم اليوم". وفي كلامك هذا صدىً لصوتين: صوتُ الكتاب المقدّس القائل: "لا تَكُنْ يَدُكَ مَبسوطَةً لِلأَخْذِ ومَقبوضَةً عن الرَّدّ" (أبن سيراخ 4\ 31)، وصوتُ السيد البطريرك الذي دعا في المذكرة الإقتصادية إلى "أنّ الكرامة البشرية لا تنحصر في إطار حريّة الفرد وصونِها وحسب، بل وتمتدُّ إلى إطار العلاقة الإجتماعيّة" حيثُ "يستفيدُ كُلُّ فردٍ مما يعودُ إليه من جهة،...ويكون مسؤولاً عن الآخر، بل ومُستعِداً ليَضع ذاته مكانه من جهةٍ أُخرى"، ذلك أن " البُعدُ الإجتماعيّ في اقتصاد السوق لا يكتمِلُ ويستقرّ، من دون إنماءٍ شاملٍ ومُتضامنٍ للإنسان وللمجتمع الذي يعيش فيه" (البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، مذكرة اقتصادية، إقتصاد لمستقبل لبنان، فقرة 14 و24). وبسببكم أيّها الحبيب الدكتور فرنسوا فَرِحنا وستفرح أجيال. وكيف لا وأنتم بُناةُ الجسور والصُّروح والإقتصادية والدينيّة والعلمية والطبيّة والإنسانيّة، ومن فيض محبّتكم الكريمة أصبحت الفيدار أحلى بهذا الصرح الدينيّ الذي سيترك بصمات القداسة في المؤمنين إلى جيل فجيل. وأصبَحت جبيل أحلى وحصدت ما حصدته من جوائز عالميّة ليس آخرها إعلانَها عاصمةَ السياحةِ العربية لِعام 2016.
البركة البابوية
ثم تلا المونسنيور عبدو يعقوب قاضٍ في محكمة الروتا الرومانية، البركة البابوية، وجاء فيها: "لمناسبة تكريس كنيسة سيدة الدوير، إن الأب الأقدس فرنسيس يرسل أحرّ تحياته إلى الرعاة والمؤمنين المجتمعين بمناسبة تكريس هذه الكنيسة، إنه يؤكد لكم أنه بصلاته الحارة إلى سيدتنا مريم العذراء يطلب منها أن تساعدكم بأن تجعلوا من هذا المجمّع الرعوي بيتاً يستقبل الجميع ليساهم في إنماء العالم الجديد حيث الحياة تنتصر على قوى التفرقة والهدم والدمار . إنه يستودع الرعاة والمؤمنين والمحسنين الذين ساهموا في بناء هذا المعبد شفاعة سيدتنا والدة الله. إن الأب الأقدس يمنحكم من صميم قلبه بركته الرسولية الحارة".
وفي ختام الذبيحة الإلهية، كانت كلمة للمطران عون قال فيها: "في كل زيارةٍ راعوية تقومون بها يا صاحب الغبطة والنيافة إلى أبنائكم وبناتكم في مختلف المناطق اللبنانية، تحمِلون إليهم جرعةَ أملٍ ورجاء، وتزرعون في قلوبهم فرحًا يبلسمُ جِراحات الأيام الحاضرة، ويثبّتُهم في محبة الله والكنيسة، ويَزيدُهم تمسّكاً بأرضهم وبالعيش المشترك الذي هو ميزة لبنان الرسالة. واليوم تأتون مُجدّدًا يا صاحب الغبطة إلى الأبرشية التي خدمتموها أسقفًا طيلةَ ثلاثةِ وعشرين عامًا، والتي أحبّتكم وأحببتموها، فكنتم لها خير راعٍ، وهي كانت الخراف التي تعرف صوتَ الراعي وتتبعُه لأنها عبر كلماتِه كانت تُميِّزُ إرادةَ الله وما يطلبُه الله منها لتسيرَ في درب الكمال إلى ملء القداسة. وفي زيارتكم اليوم إلى رعية سيدة الدوير الفيدار صارت لنا نعمةٌ على نعمة، لأنكم تفضّلتم وباركتم ببركتِكم الأبوية والرسولية هذه الكنيسةَ الجديدة الرائعة وكرّستم مذبَحها، لتمتدَّ هذه البركةُ وتصلَ إلى كلّ أبناء الفيدار وبناتِها وإلى كلّ عائلةٍ من عائلاتها، وإلى كل من سيدخل إلى هذه الكنيسة مصلّيًا ومشاركًا في احتفالاتها الروحيّة والرعوية.
فالشكرُ لكم يا صاحب الغبطة على محبتكم الأبوية التي نلمُسُها في كل مناسبة، وعلى مواقفكم الوطنية لأنكم ما زلتم تُعلون الصوت فأصبحتم ضميرَ لبنان في مطالبتكم باحترام الدستور والميثاق، وفي العمل الدائم لما يحقّقُ مصلحةَ لبنان وخيرَه وطنًا وشعبًا.
والشكرُ الجزيل أيضًا لصاحب القلب الكبير وصاحب الأيادي البيضاء الدكتور فرنسوا باسيل، ابن الفيدار البار، الذي أخذ على عاتقه بناء هذه الكنيسة المميزة بهندستها وبيت الكهنة التابع لها من ماله الخاص، وقد أنجز هذا العمل بكرمٍ قلَّ نظيرُه بروح المزمور القائل: "ماذا أردّ إلى الربِّ عن كلّ ما كافأني به". وكعربون شكرٍ له وتقديرٍ لِمّا قدّمه لبلدته الفيدار وما قدّمه بسخاء في أماكن مختلفة من لبنان ولا سيما في مدينة جبيل التي لها مكانةٌ مميزة في قلبه، التمسنا له من قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس وسامًا بابويًا، فأنعم عليه قداستُه بوسامٍ رفيع، هو وسام القديس غريغوريوس الكبير من درجة الصليب الأكبر. وسوف يُزيِّنُ هذا الوسامُ صدرَه في احتفال لاحق يُحدَّد موعدُه بالاتفاق مع صاحب الغبطة والنيافة.
والشكرُ أيضًا لكم يا أصحاب السيادة والمعالي والسعادة ولجميع الأحبّةِ الكِرام على مشاركتكم إيانا هذا الاحتفال الفارح، ولرئيس بلدية الفيدار الدكتور نعيم باسيل مع أعضاء المجلس البلديّ ولجنة التحضير لهذا الاحتفال على ما بذلوه من جهدٍ وتعبٍ ومال لإنجاح هذا الحدث الرعويّ الدينيّ، ولكهنة رعية الفيدار الخوري طوني الخوري والخوري باسم الراعي مع أعضاء لجنة الوقف وجميع أبناء الرعية وبناتِها على التزامهم الكبير وأمانتهم وعطائهم السخيّ في مسيرتهم الرعوية وفي العمل الدؤوب الذي لولاه لما كان الاحتفال على ما هو عليه من الجمالية والتنظيم. وهم اليوم يُعبّرون أمام غبطتكم عن إرادتِهم بأن يكونوا على مُستوى انتظارات الكنيسة والوطن، أوفياء لدعوتهم الروحية ولرسالتهم الوطنية في وطن الرسالة.
في الختام، باسم كهنة الأبرشية وأبنائها وبناتِها وباسمي الخاص، التمس بركتَكم يا صاحب الغبطة والنيافة لجميع رعايا أبرشيتنا لتبقى عائلاتُها ثابتة على تقاليد الآباء في الإيمان والسخاء والكرم والضيافة والمروءة، ولتبقى منبعًا للدعوات الكهنوتية والرهبانية ومقلعًا لرجالٍ ونساءٍ يفخرُ بهم الوطن وتعتزُّ بهم الكنيسة. بورِكَ قدومُكم تُباركون هذه الأرض الحبيبة، عِشم يا صاحب الغبطة، ودمتُم للكنيسة وللوطن راعيًا حكيمًا أمينًا، وأهلاً وسهلاً بكم".
باسيل: بدوره، ألقى الدكتور باسيل الكلمة الآتية: "صاحب الغبطة نيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى صاحب السعادة سفير الكرسي الرسولي في لبنان المونسيور غبريــال كاتشيا أصحاب المعالي والسعادة والسيادة، أصحاب المقامات الدينيّة الأجلاّء، حضرة رؤساء وأعضاء مجالس بلديات المنطقة ومخاتيرها، السيّدات والسادة المسؤولين الرسميّين، والفعاليّات الإجتماعية، والإقتصادية، والثقافية، والقضائية والإعلاميّة، أيّها الحفل الكريم، يُسعدني ويشرّفني أن ألتقي هذه العشية بهذا الحشد الغفير من مواطني الفيدار والجوار الذين توافدوا بكثرة وحماسة، وبقلوبٍ مفعمة بالغبطة والفرح للإحتفال معاً ببناء كنسيتنا جميعاً، كنيستنا الجامعة، كنيسة سيدة الدوير الجديدة التي كانت حلماً فغـدت حقيقة...
وإنه لشرفٌ عظيمٌ لنا ، نحنُ أبناءُ هذه الرعية ، أن يترأّسَ رتبةَ التبريك هذه صاحبُ الغبطة، نيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، الذي سبق له أن تكرّم بوضع حجرِ الأساس لهذه الكنيسة يوم كان راعي أبرشيتِنا. فأنتم دائماً موضعُ ترحيبٍ وتقديرٍ وتكريم، ووسطَ أهلِكم ومحبّيكم ، يا صاحبَ الغبطة. وتعمرُ قلوبُنا فرحاً واعتزازاً ، بحضور سعادة القاصد الرسولي المونسنيور غبريال كاتشيا ومشاركة الصديق العزيز سيادة المطران ميشال عون، وسائر الأحبار الأفاضل والآباء الأجلاّء وجميع الراهبات والرهبان، الى هذا الجمهورِ الضخم من المؤمنين والمواطنين تتقدّمه الفعاليات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسلطات المحلية والأمنية.
أيّها الإخوة، لقد دخلت المسيحيّة الى هذه المنطقة في آخر القرن الميلادي الأول. وهذا الوادي، وادي الفيدار، كان يحتضن مئات الأديرة القديمة، ومعظمها في المغاور والكهوف، حين كانت المجاهرة بالإيمان وممارسة الشعائر الدينيّة خطراً يتهدّد حياة المسيحيّين. فكان أن صمد أبناء هذه الأرض الطيّبة على مرّ العصور ، في وجه كلّ الغزاة والطارئين المستبدّين، وها نحن اليوم نشيّد للربّ هيكلاً يكون شاهداً على ديمومة شهادتنا وعلى استمراريّة تعلّقنا بمعتقداتنا الدينيّة.
أيّها الأصدقاء، نحن أمام مشروع رياديّ ذي جماليّة معماريّة آسرة ، يعيد تشييد كنيسة الدوير التاريخية العريقة التي ترقى الى القرن الثاني عشر، بحِلّة متجدّدة وبصورةٍ عصريّة أخّاذة ، ساحرةٍ للعين ومُلهمةٍ للروح في آن. ولئن كان هذا المشروع في هندسته المعمارية الجديدة يُضفي على الكنيسة ومجمّعها طابعاً من الحداثة تفرضه مواكبة العصر وضرورات استقبال المؤمنين ، مقيمين ومغتربين، ومتطلبات إقامة الإحتفالات الدينية الكبرى، في مساحة واسعة وراقية للتلاقي بين أبناء الرعية والجوار، إلاّ أنّ أهميّته الأساسية تكمن في كونه مشروعاً يعزّز الهويّة الروحيّة للموارنة، وبخاصة لموارنة الفيدار ومنطقة جبيل. فهذه الرعية تنتمي مارونياً الى جبّة المنيطرة ، حيث أقام البطاركة الموارنة القاعدة المارونية الأولى في لبنان، وقد راح الموارنة ينتشرون في المنطقة ساحلاً وجبلاً، يبنون الأديار والكنائس والمدارس، وينشرون الإيمان والتـقوى ، ويغرسون في النفوس التعلّقَ بالأرض ويرسّخون في الضمائر عشقَ الحرية، بحيث بات لبنان موطن الأحرار في هذه البقعة من العالم.
أيّها الأحبّة، أمنيتي الوحيدة، الى إخواني وأخواتي الجبيلييّن والجبيليّات ، بأنْ إبتعدوا عن النزعةِ الفردانيّة وعن الأنانية ، تكاتفوا وتعاضدوا في سبيل الخير العام والمصلحة العامة. وحّدوا صفوفكم خلفَ أهدافٍ سامية ومبادىء وبرامج عمل ، لا خلفَ أشخاصٍ وأصحابِ خطاباتٍ رنّانة ، غوغائية ، جوفاء، خالية من أيّ التزام فعلي بمشاريع ملموسة، مشاريع ذات أثرٍ واضح وحقيقي على الحياة اليومية المُعاشة لكلِّ مواطن منكم. فالبلادُ شبعت كلاماً وهدماً ، وهي توّاقة الى الأفعال والبناء ليس إلا.
أعزّائي أبناء بلدتي الحبيبة، مباركةٌ لكم كنيستكم ، بوركت كلّ السواعد التي تضافرت وتعاونت في سبيل هذا الإنجاز العظيم، أيّاً كان نوع مساهمتها ، منذ وضع حجر الأساس عام 1996 حتى هذه الساعة، من رجالات دين وعلمانيّين، من لجان وقفيّة ومهندسين وتقنيّين وعمّال وحرفيّين. فلا شكّ أن أجرهم عند الله عظيم عظيم!
أنا إبن الفيدار الجبيليّة، إبن هذه المنطقة العريقة، التي فيها وُلدتُ، وفيها ترعرعتُ ونشأت، وعلى حُبّ أهلها وأرضها تربّيت. وأنا فخورٌ جداً بانتمائي الى هذه الأرض الخيّرة، والى هذه المنطقة اللبنانية الرائعة، التي ليست فقط رمزاً للحضارةِ والعراقةِ والتاريخ المجيد، بل هي أيضاً وبخاصة رمزٌ للإنفتاح والحيويّةِ والعطاءِ والتسامح والعيش المشترك. من نعَم الله عليَّ ، ومن دواعي اعتزازي وفخري، أنني خرجتُ من الفيدار لا عليها. والسلام".
إعلان أسقفي
وتلا الخوري باسم الراعي الإعلان الأسقفي، وهنا نصه: "بناءً على طلب الخوري طوني الخوري خادم الرعية ولجنة إدارة الوقف في الرعية، إذ التمسوا منا مسك قداس سنوي لابننا الروحي الدكتور فرانسوا باسيل وعائلته، أحياءً وأمواتاً، لإحسانهم اتجاه الكنيسة والوقف، وتكفلهم ببناء كنيسة الرعية وبيت الكهنة، بأسطرنا هذه قررنا ونقرر قبول التماس طلب خادم الرعية ونحدد يوم الأحد الأخير من شهر أيار من كل سنة، موعداً ثابتاً للإحتفال بالذبيحة الإلهية على نيتهم، مع كل ما يترتب على لجنة الوقف من حقوق وواجبات تجاه النية هذه".
وتابع: "نطلب من خادم الرعية إعلان هذا المسك أمام المؤمنين في الرعية يوم الحادي والثلاثين من شهر أيار سنة 2015 لمناسبة تكريس مذبح وكنيسة الرعية على إسم القديسة مريم، ببركة وحضور غبطة أبينا السيد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق، وكاردينال الكنيسة الجامعة الكلي الطوبى، وتُسلم نسخة لعائلة المذكورة أعلاه، ونسخة ثانية تعلق في سكرستيا الكنيسة للذكر المؤبّد. عن كرسينا في عمشيت، في السادس والعشرين من شهر أيار سنة 2015، ميشال عون مطران جبيل".
هدايا تذكارية
ثم تم تقديم هدايا تذكارية لمناسبة تكريس الكنيسة، قدّمها خادم الرعية ولجنة الوقف، إلى كل من البطريرك الراعي، والدكتور باسيل وعائلته، وإلى المطران عون. والهدايا هي عبارة عن أيقونات من الفنّ البزنطي، مشغل الأيقونات للرهبانية الأنطونية – دير مار روكز في الدكوانة. بعد ذلك، أزيحت الستارة عن اللوحة التذكارية تخليداً لذكرى تكريس الكنيسة، ثم حفل كوكتيل في المناسبة.
وختاماً، أقيمت مأدبة عشاء دعا إليها رئيس "امتياز كهرباء جبيل" إيلي باسيل، ضمّت إلى البطريرك الراعي ومامبرتي والشخصيات الرسمية، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عائداً من جولته في بعلبك.