Advertisement

لبنان

خذوا العيد واعطونا الاستقلال!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
22-11-2016 | 04:23
A-
A+
Doc-P-233068-6367054561364525781280x960.jpg
Doc-P-233068-6367054561364525781280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
عيد الاستقلال! نعرفه فرحة وحماسًا يتنقلان بين مقاعدنا الصغيرة. ستُعلّق الدروس لساعة وربما اثنتين :"خي"، نقول متهامسين في ما بيننا بنغمة المنتصر. تُلغى ساعة الرياضايات وتُستبدل بحصة تدريب. تبتكر لنا المعلمات حركات في الرقص. و"الحركات" من ضروريات مخاطبة الوطن بقصيدة أو نثر. سوف تلتفّ يدان حول القلب، وكأن بالأساتذة يقولون لنا : أحبوه فقط. أحبوه! أسبوع يمرّ على هذه الحال. شِعر ورقص وغناء، وعروض قتالية يدربنا عليها استاذ الرياضة. والمدرسة أصبحت محمولة على علم أخضر، ابيض وأحمر.أما نحن، فترانا نتنقل بين صفحات الكتب وصولاً إلى قصص الاستقلال وحكايات الأرزة الخضراء. قبل يوم من 22 تشرين الثاني، يتوافد الأهل الى المدرسة. سوف نقف أمامهم على المسرح، مرتدين ثياب العسكر.على رؤوسنا الصغيرة، نضع أكاليل العزّ والفخر، تعلوها ارزة، صنعناها بأنفسنا من ورق وبراءة! هناك،على خشبة العرض، نرتجف خوفًا من الوقوع في الخطأ. ما كانت ترهبنا وجوه أهالينا المبتسمة، الداعمة. وما كانت لنظرات المدراء والمعلمين والمعلمات الثاقبة أي علاقة باستيلاء القلق على أجسادنا الراقصة. جلّ ما كنا نهابه هو أن نجرح الوطن. ماذا لو وقعت الأرزة أرضاً فأسقطت معها القلوب المحمولة بيدين صغيرتين تمتثلان لأمر "احبوه فقط، أحبوه"؟! وكبرنا. ولا نعرف من الاستقلال الا "العيد". ولا نرى فيه سوى العلم المعلّق على مريولنا بدبوسين من حديد... ولم نعد نضمّ يدينا الى القلب الا خوفصا، وقلقًا...رؤوسنا نحميها من الرصاص، كلّ انواع الرصاص. لم نعد نخاف ان تسقط الارزة على الارض. نخاف ان يسقط الوطن كلّه...وطننا الذي يدّعي الاستقلال. كبرنا وفهمنا أن الاستقلال لم يعل فوق رتبة "العيد" بعد. واذا كان الأطفال يحيوونه بالقصائد والدبكة والعروض البهلوانية، فهذا تماماً ما ينسحب على احتفالياتنا جميعاً، شعباً وسياسيين. والمطلوب فعلاً هو استقلال، لا عيد استقلال. كثيرون قد يرون في هذه المطالبة مع انطلاقة "العهد الجديد" تشويشاً وتشكيكاً ويأساً ومزايدة وافتراء. وهي، في الثاني والعشرين من تشرين الثاني، لؤماً وتجريحاً بالمحتفى به. لكنها في هذه المناسبة التي يلتفّ حولها الجميع، أصدق محاولة لتحقيق الحلم. من دون مجاملات وتلطيفات وقمع للذاكرة. من دون مبالغات وأوهام. من دون تعقيدات وافتراءات. سنقول: خذوا العيد واعطونا الاستقلال. أعطونا وطناً حدوده محصنة وواضحة المعالم، فلا تخترق سماءه طائرات العدو الاسرائيلي متى شاءت، ولا يسرح على برّه ارهابيون وانتحاريون، ولا يؤكل بحره، ولا تُطمر أراضيه بالأوساخ والسرطانات. أعطونا وطناً سيدا حرا مستقلاً، لا سلاح فيه إلا الشرعي الذي يحمله أبطال البزات العسكرية في الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وطناً لا يُمنن جيشه بالمساعدات التي يتلقاها (اذا ما حصل عليها فعلاً)، ولا تُنشأ من أجله فرق شبه عسكرية تؤدي عروضاً بهلوانية لدعمه ومساندته! وطناً لا يذهب شبابه الى الخارج للقتال...ولا حتى الى العمل وكسب الرزق! أعطوناً وطناً مستقلاً لا يرتهن حكامه وأحزابه إلى الخارج، ولا الى الجيوب والحسابات المصرفية. أعطونا وطناً مستقلاً، فلا يبقى مخطوفون ومغيّبون وأسرى خارج أسوار الحرية والحقيقة. ولا يبقى مجرمٌ خارج القضبان. نريد وطناً مستقلاً بمؤسساته الدستورية، فلا يتحوّل الدستور والقوانين ممسحة، ولا يسمح أي نائب لنفسه بسلب حقوق المواطنين في الاختيار والمحاسبة، ولا يجعل أصحاب المعالي من وزاراتهم مغارات "علي بابا"، ولا يُترك قصر بعبدا مهجوراً لأكثر من سنتين... نريد وطناً مستقلاً لا يتحوّل فيه الشواذ قاعدة، ولا يحكمه الفساد. لا يكون شعبه طائفياً، متحزباً الى حدّ التبعية والضرر. ولا تبحر أدمغته في قوارب الهجرة، ولا يموت أطفاله وكباره على أبواب المستشفيات. نريد وطناً بأعياد حقيقية جامعة. نريد وطناً بمجتمع متعدد، يحيا على الاحترام والحقوق الانسانية والقانون، وما عداها ليس إلا هراء... ما نطالب به ليس قصيدة أو شعراً من كتب الطفولة. بل انه تماماً "دستور" المستقبل. أعطونا الاستقلال. خذوا العيد...حينها فقط لن نخاف على أرزة من السقوط، وستدور حول القلب يدان: لبنان، أحبوّه، أحبوّه!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك