على غرار ما كانت عليه جلسة مجلس النواب أمس والسلاسة التي مرّت بها، ستكون الاستشارات النيابية اليوم في القصر الجمهوري، من دون أن يكون هناك أي مفاجآت تذكر، سوى أن كتلة حزب الله، وبحسب ما ذكرت صحيفة "الديار" لن تصوّت للرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة وسيترك ذلك لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ولكن ما هو أبعد من التكليف والتأليف، كان ما جاء على لسان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، الذي أكد، بحسب ما نقل مراسل "النهار" في واشنطن، أن حكومته ستراجع برامج مساعداتها للبنان بما في ذلك المساعدات العسكرية في ضوء نتائج الانتخابات والدور المتنامي لـ"حزب الله" في لبنان وسوريا. وقال بومبيو خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب "أن حزب الله ليس فقط مشكلة في لبنان ولكنه أصبح أيضاً مشكلة في سوريا وتستهدف استراتيجيتنا قدراته على ايجاد الفوضى والقيام بعمليات ارهابية في جميع أنحاء العالم".
ورداً على سؤال عن تأثير الانتخابات النيابية الأخيرة على الوضع في لبنان، قال بومبيو. "بالتأكيد غيّرت الانتخابات الوضع. ولكن في نهاية المطاف تقديرنا الراهن هو أن مجمل توازن القوى لن يتغيّر عملياً نتيجة لذلك". وأضاف مبتسماً: "هذا شيء جيّد وسيئ في الوقت ذاته، لأن توازن القوى الراهن ليس جيداً. ولهذا السبب أمامنا تحديات تتعلّق بما يمكن أن تقوم به أميركا، وكيف يمكن أن تستخدم نفوذها لجعل لبنان يتقدم في الاتجاه الذي يستحقه هذا البلد العظيم".
وأشار بومبيو الى أن "الولايات المتحدة كانت حتى الآن تعتمد على مؤسستين بما في ذلك القوات اللبنانية المسلحة لمساعدتنا على تحقيق الأهداف الأمنية لجهودنا هناك". ولم يذكر المؤسسة الثانية. وأضاف: "علينا الآن مراجعة ذلك لكي نضمن أننا نستخدم أموال دافع الضرائب الأميركي بشكل سليم في دعم الأطراف الذين يمكن أن يساعدونا على تحقيق أهدافنا" في لبنان.
التأليف على نار حامية
في موازاة التصعيد الأميركي، لفتت مصادر بيت الوسط لصحيفة "الجمهورية" الى وجود تفاهم على أعلى المستويات من اجل استعجال الإستشارات لترجمتها في عملية التكليف فالتشكيل في أسرع وقت، مؤكدة ان الظروف الإقليمية والنصائح الدولية تتحدث عن اجواء اقليمية ضاغطة ومن الواجب استيعابها وملاقاتها بإجراءات عاجلة.
وفي هذا الاطار، تحدثت معلومات لصحيفة "الديار" الى وجود رسائل دولية نقلت الى المسؤولين اللبنانيين بضرورة تحصين الوضع الداخلي والوحدة الوطنية لكي يستطيع لبنان مجابهة هذه التحديات بأقل الخسائر.
وأشارت صحيفة "اللواء" الى أن الرئيس الحريري سيحدد يوم السبت موعداً للاستشارات التأليف، لينصرف بعدها الى مشاورات بعيدة عن الاعلام، وأكدت مصادرها ان الاستعجال سيكون سيّد الموقف لمواجهة التطورات المحيطة في لبنان، في وقت اعتبرت صحيفة "الديار" أن مسألة تشكيل الحكومة ستكون مسألة أيام لا أسابيع.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ"االلواء" في هذا الاطار، ان الأجواء السياسية التي أحاطت بالمشهد السياسي اللبناني، سواء بعيد انتخاب الرئيس برّي أو قبل وخلال وبعد الإفطار الرئاسي في بعبدا، وتُشير إلى ان ملف تشكيل الحكومة سيكون مسهلا، وان لا عراقيل سياسية، بما في ذلك مسألة العقوبات الأميركية والخليجية، وان اللقاء الذي جمع الرئيس عون بالرئيس برّي، خلال زيارته البروتوكولية لبعبدا، بعيد انتخابه، ثم اللقاء الرئاسي الثلاثي بين عون وبري والحريري قبل الإفطار، اتسم بالايجابية، وانعكس خروجهم سوية إلى قاعة الإفطار، مؤكدة بأن هناك رغبة لدى الجميع في الاسراع بتأليف الحكومة، خصوصا وان ما من مصلحة لأي أحد بالعرقلة، على حدّ قول المصادر التي توقعت ان يكون شكل الحكومة الجديدة، التي يرأسها الرئيس الحريري بعد تسميته اليوم من غالبية النواب فضفاضاً وقريباً من شكل الحكومة الحالية.
وليس بعيداً، لفتت مصادر متابعة قريبة من "حزب الله" لصحيفة "اللواء" الى إن لقاءات مكثفة واتفاقات مسبقة عقدت على أكثر من مستوى لترتيب وضعية المجلس الجديد، والاتفاق على حكومة العهد الأولى، والتي يُمكن تلخيصها بالآتي:
أولاً: الاتفاق على تشكيل حكومة جامعة وموسعة من ثلاثين وزيرا، تضم وجوها جديدة تدخل الوزارة للمرة الأولى، قد تكون من داخل المجلس أو من خارجه تبعا للاتفاق على مسألة فصل الوزارة عن النيابة، علما ان "التيار الوطني الحر" لا يبدو انه يميل إلى هذا الفصل لاعتبارات شخصية لديه، خلافا لتوجّه تيّار "المستقبل" ومعه "القوات اللبنانية" و"حزب الله".
ثانيا: بالنسبة للوزارات الاساسية، بقاء وزارتي الدفاع والخارجية من حصة التيار الحر، واعطاء الثنائي الشيعي وزارة الطاقة او العدل الى جانب وزارة المالية، في حين ان وزارتي الداخلية والاتصالات تبقيان لتيار "المستقبل".
ثالثا: تمثيل "المردة" سيكون بحقيبة وازنة، وفي المقابل تمثيل "القوات اللبنانية" بحقيبتين مثلها مثل اللقاء الديمقراطي. علماً ان "القوات" تطالب بأربع حقائب، وان تكون احداها "سيادية" تبعا لحجمها النيابي الجديد (15 نائباً) في حين ان "اللقاء الديموقراطي" اشترط بأن يمثل لوحده الحقائب الدرزية، لقطع الطريق على إعطاء النائب طلال أرسلان حقيبة، بعد ان تم ترتيب كتلة نيابية له تضمه مع اثنين موارنة من "التيار الوطني الحر".
رابعا: الابقاء على البيان الوزاري في صيغته الحالية بالنسبة لثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" ولكن مع توسيع الصيغة لتلحظ التزام لبنان الرسمي بحماية كل مكوناته وتحديدا لجهة التاكيد على عدم امكانية الفصل بين حزب الله السياسي او المقاوم، واضافة فقرات جديدة تتعلق بالتزام الدولة اللبنانية رسميا باعادة النازحين السوريين عبر فتح قنوات مباشرة مع سوريا، والتأكيد على التزام الحكومة جديا بتسليح الجيش اللبناني.
خامسا: اتفاق كل الافرقاء على اعادة احياء طاولة الحوار لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية وتقديم تصور كامل حول كيفية تسليح الجيش لمواجهة العدو الاسرائيلي.