كتبت السيدة نهال بوجي حكيم ابنة الأمين العام السابق لمجلس الوزراء القاضي الراحل محمد سهيل بوجي رسالة الى والدها في ذكرى عيد الأب وجاء في رسالتها:
"إلى أبي في يوم عيده
لم يخطر ببالي يومًا أنني سأكتب كلماتي هذه وأنت غائب عني. لطالما ظننت أنني سأحتفي بك ومعك بعيد الأب هذه السنة، غير أن المرض كان حكمه ظالمًا جدا فلم يتسنَّ لي ان أحقق أمنيتي.
لطالما كان الله عز وجل كريمًا معنا، وقد علمتني وعلمتنا جميعًا أن نرضى بحكمته وقدره ونحن له مُسَلِّمون.
لكن النفس يا أبي ما زالت تتمنى شهرًا أو ساعةً أو دقيقةً إضافيةً في إحضانك، بالرغم من أن لا الدقائق ولا الأيام ولا الأشهر ولا السنين كفيلة بأن تُشبِعَنا منك أو تعوضنا خسارتك.
أكتب كلماتي هذه وأنا على يقينٍ أن لا كلمات تكفي لتَفيَكَ حقّك أو لتصِفك أو تعبر عن ذَرَّة من مشاعري تجاهك.
لقد كنت يا أبي في حياتك مثالًا للكفاح والعزة والكرامة والأمانة.... مؤمنًا، مرِحًا، حازمًا، ودودًا، محبًا للحق ولا شيء سواه. وحتى عندما حاول البعض ذمّكَ، جاء الذمّ مديحًا لاستقامتك ونزاهتك وحنكتك ودرايتك الواسعة بإدارة الشاردة والواردة دون أن تهمل أي تفصيل هنا أو هناك.
لقد أنعم الله عليك يا أبي بحكمة لم يكن لها مثيل، ومعرفةٍ لم يكن لها بديل، وحنانٍ لم يكن له مثيل ولن يكون له بديل!
ويوم رحلت يا أبي إزددنا فخرًا بك وبمسيرتك المشرِّفة وبمحبة الناس لك، هذه المحبة التي لطالما عملتَ بها ومن أجلها، لأنك كنت تعرف أنها الكنز الأكبر. وها أنا أحمد الله لأنني تعلمت ذلك منك وأفتخر كلما ذكر الناس اسمك أو تحدّثوا عنك. وعزائي اليوم، أن ذكراك خالدة دائمًا في ذكريات الأحبة، وما أكثرهم....
لقد أديت يا والدي واجباتك تجاه الوطن و العائلة حتى آخر يوم في حياتك، وبقيت شامخًا محاربًا صلبًا حتى الرَّمق الأخير.
ستفتقد الدولة وزملاؤك في العمل، علّامة في القانون لن يأتي هذا الزمان بمثله.
وسيفتقد أصدقاء العمر والأقرباء الانسان الحكيم والقلب الجامع لأحبائه.
وستفتقد حبيبتي ست الستات ناهد، الزوج العظيم المحب، الذي استطاع طوال حياته، بقدرة عجيبة، أن يملأ حياتها ويكون شاغل دنيتها وما فيها.
وسنفتقد أنا و زوجي فادي، حبيبي وحبيبكَ، أبًا حنونًا عظيمًا لا تستطيع أن تصفه الكلمات.
وستفتقد كرمة وهيا وسهيل الصغير، جَدًا أعطاهم في حياته حبًّا جمًّا وحنانًا فائضًا واهتمامًا لا مثيل له.
يقال أن الكبار يرحلون عن هذه الدنيا باكرًا. أما أنت يا أبي، فعملاقٌ محاربٌ لم تكفِه الأيّام على هذه الأرض الفانية فانتقل إلى دار البقاء، حيث ستكون إن شاء الله معززًا بجانب الأنبياء والأولياء الصالحين، في جنات الخلود التي تليق بك.
فنَم قرير العين هادئ النفس في دُنياك يا أبي، دنيا الحق التي تستحقّ، دنيا الأمان والراحة التي تستحق...
أما نحن فعلى الوعد يا أبي، باقون كما علمتنا، صابرون كما أردتنا، ولن ينتزع أحدٌ ذكراك منا مهما حيينا.
نَم قرير العين هادئ النفس في دنياك يا أبي، فنحن لذكراكَ مخلصون.
لك شوقي يا فخري و عزَّتي، يا حبيب القلب، يا حبيب نانا
وسلام إليك حيث أنت في دنيا الحق... حتى نلتقي إن شاء الله...
ولروحك الطاهرة أقرأ الفاتحة...
نهال بوجي حكيم".
وباسم "لبنان 24" نقول: "الفارس سهيل بقي على صهوة الفرس حتى اللحظة الأخيرة، احتاجه الكل، احبه الموظفون، خفيف الظل، قوي الشكيمة، يتمسك بما يراه حق ويقاتل من اجله. هو القائل امام جمع الرؤساء و الوزراء و النواب: قلبي يهوى من يشاء لكن لي رب عمل واحد، رئيس حكومة لبنان".