كتب المفكر والإعلامي والديبلوماسي الراحل واجد دوماني في العديد من الصحف والمجلات، وأغنى صفحاتها بما كتب عن الفكر والأدب والثقافة والإعلام والسياسة والصحة والإنسان وشؤون الحياة، بأسلوب يعتمد العمق والبساطة والسلاسة والأناقة في آن، وينبع من غنى الثقافة وغزارة الإطلاع وعمق التجارب. بعض مقالاته يعود إلى الستينيات، ومع ذلك فإنّ القارىء يتفاعل معها وكأنها كتبت اليوم، ولقد اختار"لبنان 24" إعادة نشر هذا المقال، وعنوانه: مع ابن مسكويه في كتابه: "تهذيب الأخلاق":
يقول المؤرخ والباحث الفيلسوف أحمد بن مسكويه في كتابه "تهذيب الأخلاق":
"إن فينا ليس بجسم، ولا بجزء من جسم، ولا عرض، ولا حالاً من أحواله.. بل هو شيء آخر مفارق له بجوهره وأحكامه وخواصه وأفعاله.. ثم يقول: "وقد يظهر للإنسان أن الأشياء التي يشتاقها البدن بالحواس ويميل إليها الجمهور، أعني المآكل والمشارب والمناكح هي رذائل وليست فضائل.. وأنه إذا عقلها في الحيوانات وجد كثيراً منها أقدر على الاستكثار منها، وأحرص عليها.. كالخنزير والكلب وأصناف كثيرة من حيوان الماء وسباع الوحش والطير.. فإنها أحرص من الإنسان على هذه الأشياء وأكثر احتمالاً لها.. ثم ينتقل: ابن مسكويه وهو يعدد فضائل النفس. ويسميها "الفضائل تحت العفة". فيسرد المعاني التالية:
الحياء الدعة، الصبر، السخاء.. الحرية، القناعة الدماثة، الانتظام، حسن الهدى، المسالمة، الوقار، الورع، ثم يتناول كل كلمة من هذه الكلمات ويفسرها على الشكل التالي:
الحياء: هو انحصار النفس خوف إتيان القبائح والحذر من الذم والسب الصادق.
الدعة: هو سكون النفس عند حركة الشهوات.
الصبر: هو مقاومة النفس للهوى لئلا تنقاد لقبائح اللذات.
السخاء: هو التوسط في الإعطاء وهو أن ينفق الأموال فيما ينبغي على مقدار ما ينبغي.
الحرية: هي فضيلة للنفس فيما يكتسب المال من وجهه ويعطي من وجهه ويمتنع من اكتساب المال من غير وجهه.
القناعة: هي التسهل في المآكل والمشارب والزينة.. الدماثة: هي حسن انقياد النفس لما يجمل وتسرعها إلى الجميل.
الانتظام: هو حال للنفس تقودها إلى حسن تقدير الأمور وترتيبها كما ينبغي.
حسن الهدى: هو محبة تكميل النفس بالزينة الحقة..
المسالمة: هي موادعة تحصل للنفس عن ملكة لا اضطرار فيها.
الوقار: هو سكون النفس وثباتها عند الحركات التي تكون في المطالب.
الورع: هو لزوم الأعمال الجميلة التي فيها كمال النفس.
ثم ينتقل: ابن مسكويه في كتابه "تهذيب الأخلاق" فيسرد لنا الفضائل التي هي تحت الشجاعة فيقول:
إنها كبر النفس، النخوة، عظم الهمة، الثبات، الحلم، عدم الطيش، الشهامة.. احتمال الكد.
كبر النفس: هو الاستهانة باليسير والاقتدار على حمل الكرائه والهوان، فصاحبه دائماً يؤهل نفسه للأمور العظام مع استحقاقه لها.
النخوة: هي ثقة النفس عند المخاوف حتى لا يخامرها جزع.
عظم الهمة: هي فضيلة للنفس تحتمل سعادة الجسد، وصدها عند الشدائد التي تكون عند الموت.
الثبات: هو فضيلة للنفس تقوى بها على احتمال الآلام ومقاومتها وفي الأهوال الخاصة.
الحلم: هو فضيلة للنفس تكسبها الطمأنينة فلا تكون شقية ولا يحركها الغضب بسهولة وسرعة.
السكون: تعني عدم الطيش فهو إما عند الخصومات وإما عند الحروب، وهي قوة للنفس تفسر حركتها في هذه الأحوال لشدتها.
الشهامة: هي الحرص على الأعمال العظام توقعاً للأحدوثة الجميلة.
احتمال الكد: هو قوة للنفس تستعمل آلات البدن في الأمور الحسية بالتمرين وحسن العادة.
الكرم: هو إنفاق المال الكثير بسهولة من النفس في الأمور الجليلة هو فضيلة للنفس يكف الإنسان عن بعض حاجاته حتى يبذله لمن يستحقه.
النبل: هو سرور النفس بالأفعال العظام وابتهاجها في الأموال والأقوات.
المواساة: هي معاونة الأصدقاء والمستحقين في الأموال والأقوات.
المسامحة: هي ترك بعض ما يجب.
هذا بعض ما ورد في كتاب "تهذيب الأخلاق" لابن مسكويه.. وقد غاص مؤلفه في أعماق النفس البشرية.. وكان عملاً من هذا الأعمال الجبارة ستبقى رسوخاً مع الأيام".