لم تكن صورة الدولة مشرقة خلال الاحتفال بعيد الجيش بقدر ما طبع الارباك أركان السلطة من الرؤساء الثلاثاء الى حشد الوزراء في حالة تصريف أعمال الى أمد غير منظور وحشد أكبر من النواب الذين باشروا ولاياتهم ببطالة مقنعة .
فرغم الطابع الاحتفالي لمناسبة الأول من آب لكن لا يختلف اثنان في لبنان بأن الدولة مفككة، وهي عاجزة عن أبسط مهامها تجاه مواطنيها، فيما الآمال كانت معقودة على العهد الحالي في إحداث صدمة إيجابية تعيد الحياة للإدارة والمؤسسات، وبعيد الانتهاء من الانتخابات الحالية ساد شعور عام بأن تشكيل الحكومة سيجري بالسرعة القصوى، ولكن المفاجئة كانت بتعقيدات وعقبات تحول دون بارقة أمل لولادة حكومية قريبة .
الرئيس ميشال عون فاتح اللبنانيين بان انطلاقة عهده فعلياً ستبدأ بعد تشكيل الحكومة الحالية، لكن وفق الاجواء السياسية فإن فصل الصيف قد ينقضي دون حكومة، وهو خيار جدّي للغاية إلا إذا حصل تطور ما يجبر القوى السياسية على التواضع ووضع "النكد السياسي" جانبا، والانصراف نحو مواجهة سيل من الازمات المصيرية وابرزها الوضع الاقتصادي الذي بات على شفير الانهيار.
في هذا السياق، كشف قطب سياسي بارز في لبنان بأن حسابات الانتخابات الرئاسية هي نقطة الارتكاز في عدم تشكيل الحكومة، فكل الصراع السياسي ما بين القوات والتيار ليس على حصص وزارية في الحكومة الحالية بقد ما هو معطوف حول المرجعية السياسية للمسيحيين تمهيدا للاشتباك السياسي قبل الوصول للاستحقاق الرئاسي المقبل .
نفس الامر، في العقدة الدرزية الظاهرة بينما باطنها هو عدم ترك التمثيل مفاتيح ميثاقية الحكومة الحالية التي ستستمر حتى نهاية العهد بيد وليد جنبلاط، الذي تسبب بأزمة كبيرة عند اعلانه فشل العهد الحالي ويجاهر بمعارضته استكمال عهد الرئيس عون عبر "التيار الوطني الحر".
ووفق هذه الصورة القاتمة يقفز الى الاذهان السؤال البديهي حول قدرة لبنان على الصمود وعدم الانهيار الشامل؟، هنا لا يسقط القطب السياسي من حساباته الذهاب نحو حالة طوارئ وتشكيل حكومة انتقالية تفرضها ظروف خارجة عن المألوف وبالتالي خروج الامور في لبنان من سيطرة الحكم وفرض أمر واقع يجبر الطبقة السياسية على ما لا ترغب فيه، خصوصا اذا ما وقع تطور مفاجئ متصل بعوامل داخلية تهدد الاستقرار السياسي، أو جراء تطورات اقليمية متصلة بأزمة سوريا أو الصراع القائم بين لبنان وسوريا.