Advertisement

لبنان

مهدئات، عنف وانتحار.. مؤشرات خطيرة من يوميات اللبناني

Lebanon 24
27-08-2018 | 05:45
A-
A+
Doc-P-505589-636709683275871095.jpg
Doc-P-505589-636709683275871095.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

طلب أحمد من والدته أن تُعدّ له الطعام. وأثناء وجودها في المطبخ، سمعت صوت إطلاق نار. هرعت إلى غرفته لتجده ممدداً على الأرض.. لقد أطلق النار على رأسه... انتحر. وقعت هذه الحادثة في إحدى قرى الجنوب

تتدلّى سيدة أثيوبية من شرفة أحد المنازل في منطقة الحمرا. فجأة تُطلُّ سيدة لبنانية من طبقة أعلى لترى المشهد وتصرخ. في المبنى المواجه سيدة أثيوبية تراقب ما يجري بقلق. تمرّ لحظات قبل أن ترمي الخادمة بنفسها من الطبقة السادسة

قبل أسابيع في زحلة، قتل داني زوجته ريتا وانتحر. زرع رصاصة في رأسها ثم أطلق رصاصة على رأسه من دون أن تُعرف الأسباب

هذه الحالات ليست وحيدة على الأراضي اللبنانية التي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المنتحرين ومحاولي الانتحار المسجّلين لدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. ففي العام الماضي، أحصت تقارير قوى الأمن الداخلي 143 حالة انتحار. أما العام الحالي، فقد بلغت الحصيلة 100 حالة انتحار حتى شهر ايار. هذا اذا لم تُذكر محاولات الانتحار التي تحصي قوى الامن منها حالة كل ست ساعات. أما أشكالها فتتعدد من إطلاق نار وشنق وتناول مواد سامة ورمي النفس من طبقات عالية. ناهيك عن أن أحداث إطلاق النار والطعن بالسكاكين باتت جزءا أساسيا من يومياتنا، وجرائم القتل العديدة التي تحصل لأسباب تافهة. وباتت وسائل الاعلام ورسائل الاخبار العاجلة تزخر بأخبار العنف

لماذا؟ ما هي الأسباب؟ هذا ما سنحاول أن نجيب عنه قدر الإمكان في هذا التحقيق. رغم أن لا أرقام أو جهات مختصة أجرت مسحاً إحصائياً ودقيقاً يُحدد اسباب هذه الحوادث الأمنية في لبنان

من المعروف أن الإنسان بمجرد أن يجد نفسه خارجاً عن محيطه الإجتماعي، سواء بالاستقلال المبالغ به عنه، أو شعوره بالاغتراب داخل وسطه الإجتماعي، فإن هذا يعد واحداً من أسباب الانتحار والعنف

عالم الاجتماع الفرنسي الراحل إميل دوركهايم، له دراسة قيّمة باتت مرجعاً للكثيرين للاطلاع على أنواع الانتحار وأشكاله، وكذلك مقاربة الانتحار بوصفه ظاهرة إجتماعية.

ومن المؤكد أن المجتمع اللبناني لا يشذّ عن هذه القاعدة. فالانتحار والعنف المتزايد ظاهرة إجتماعية يجب أن تدرس كل ما يرتبط بها من جوانب تعطينا صورة شبه واضحة عن المجتمع اللبناني. ويبدو أن الدارس سيجد صلة وثيقة بين الفساد السياسي والإرهاق الإقتصادي الذي يتعاظم نتيجة الفساد، فضلاً عن غياب أي نافذة أمل

 

كأن لبنان مكان موصد الأبواب يشعر فيه اللبنانيون أنهم ينتظرون موتهم ... لكن ببطء وبعذاب كبير

يمكن القول إن الإرهاق الإقتصادي الذي تعاني منه العائلات اللبنانية، وارتفاع مستوى البطالة، يدفعان الأفراد إلى كبت الكثير من مشاعر الغضب والحقد والكراهية نتيجة انسداد الافق

ولذلك فإن جزءاً لا بأس به من اللبنانيين، باتوا يمارسون العنف الذي قد يصل إلى حد القتل على الطرقات ولأتفه الاسباب، مثل أفضلية مرور  أو إشكال.

بالاضافة الى ما سبق، بات يلجأ البعض إلى تعاطي المخدرات والأدوية المهدئة للإنفصال عن المحيط والتمتع بقدر من اللامبالاة تجاه ما يقاسيه.  

أما من يجد نفسه غير قادر على التأقلم مع كمّ الضغوط الاقتصادية والتعنيف المعنوي والجسدي أحياناً الذي يتعرض له، وفي ظل غياب أي أمل بغد أفضل، يجد أن لا خلاص سوى بالموت.

 

وبحسب الطبيب النفسي أحمد عياش فإن أي سبب كان بإمكان ان يكون شرارة اشتعال جرمية، لذلك تبدو الأحداث تافهة حقاً، إلا ان الامور تقاس من منطلقات أخرى وأهمّها الحالة العصبية-النفسية لمرتكب الجرم بالإضافة إلى شروط مسرح الجريمة بما فيها عوامل تأثير المجتمع-الدولة-القانون-الاقتصاد-الوضع المالي.

ولذلك تكون الجريمة أسرع وأسهل عند الأشخاص الانفعاليين، الموتورين، العُصابيين، والعدوانيين، المتعاطين لمواد ذي تأثيرات على الجهاز العصبي من أدوية قانونية أو مواد غير قانونية، أصحاب الشخصيات الذهانية المتخفية بأقنعة وسلوكيات  دينية-عقائدية-برمجة فكرية مشبوهة.

 

ويضيف عياش أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت  دورا هاما في نشر الأخبار صورة وصوتا وتعليقا على الاحداث في اللحظة المواكبة للحدث، مما أعطى للأفعال الجرمية تأثيرات أقوى على مشاعر الناس من خبر كانوا يقرأونه في جريدة أو يسمعونه في نشرة الأخبار.

 

ولان اللبناني فقد الثقة بقياداته التي من واجبها تأمين الاستقرار الامني قبل الاقتصادي-الاجتماعي، اصبح  صاحب شخصية مستنفرة دائما، استنفذ فيها كل دفاعاته الواعية وغير الواعية لمواجهة اقداره، آخذاً بعين الاعتبار ان منافذ تنفيس الاحتقانات الانفعالية المتراكمة يوميا شبه معدومة: فالشواطىء مصادرة والمسارح مفقودة والمنتزهات اكوام نفايات والانهار مجارير تصب في البيوت، والأنفس مقهورة؛ فماذا يبقى غير الدواء المهدىء لمنع فورات الجنون ورغبات القتل والانتقام من الآخر قبل الذات والتوق للنوم من دون الصحو في الصباح؟

Advertisement
المصدر: نانسي رزوق - لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك