Advertisement

لبنان

تشكيل الحكومة اللبنانية والمشهد الإقليمي المتغير

Lebanon 24
05-09-2018 | 05:58
A-
A+
ما تغير منذ التسوية الرئاسية عام 2016 إلى اليوم هو المشهد الإقليمي الذي يلقي بظلاله بقوة على لبنان
Doc-P-508125-636717492836106822.jpg
Doc-P-508125-636717492836106822.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كتب الدكتور خلدون الشريف في صحيفة "الأهرام المسائي" مقالا جاء فيه: "أفضت الانتخابات النيابية‏ التي جرت وفق قانون نسبي‏،‏ مع صوت تفضيلي واحد‏، في مطلع شهر أيار الماضي إلى تقدم نسبي لما يمكن أن نطلق عليه القوى اللبنانية المحسوبة على تيار‏8‏ آذار، وارتفاع نسبة الأعضاء المقربين من حزب الله‏، ما حدا بقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى القول في حزيران الماضي إن انتصارا كبيرا قد تحقق بفوز الحزب وحلفائه بأربعة وسبعين مقعدا نيابيا من أصل مائة وثمانية وعشرين‏.‏
Advertisement

لكن وعلي الرغم من فوز تلك القوي بما يعنيه من رمزية سياسية في انتمائها لما يسمي محور8 آذار، أصرت على تسمية الرئيس سعد الحريري رئيسا مكلفا لتأليف الحكومة بمائة وأحد عشر صوتا، في الوقت الذي أبدى فيه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة  التابعة لحزب الله النائب محمد رعد، وعلى الرغم من عدم تسمية الكتلة لأي كان، استعداد الكتلة للتعاون الإيجابي مع من سيكلف بتشكيل الحكومة.

كل هذا يعود بشكل أساس إلى نتائج التسوية السياسية التي أفضت إلى انتخاب الرئيس العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية أواخر تشرين الأول 2016 بعد شغور موقع الرئاسة اللبنانية لتسعة وعشرين شهرا، وأدت إلى اتفاق يقضي بتولي الرئيس الحريري رئاسة الحكومة اللبنانية طيلة عهد الرئيس عون علي أن يتولي الرئيس الحريري نفسه تسويق العماد رئيسا، وهو ما حصل، خاصة بعد توقيع اتفاق معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، الذي أفضى إلى  سير الأخيرة بعون رئيسا للجمهورية.

والواقع أن ما تغير منذ التسوية الرئاسية عام 2016 إلى اليوم هو المشهد الإقليمي الذي يلقي بظلاله بقوة على لبنان بل وأبعد من لبنان:

أولا: تبدل الأوضاع بسوريا بشكل جذري لمصلحة النظام السوري مع قبول القوي الكبري والإقليمية بهذا التبدل.

ثانيا: قمة هلسنكي التي عقدت بين الرئيسين ترامب وبوتين والتي رسمت خطوط نفوذ كل من القوتين دون التوصل إلى صيغة نهائية لذاك النفوذ.

ثالثا: إسقاط الاتفاق النووي مع إيران وبدء تنفيذ سلسلة من العقوبات الأمريكية تبلغ ذروتها في تشرين الثاني المقبل.

رابعا: زيادة النفوذ الروسي في المشرق العربي وتاليا زيادة دور روسيا في لبنان.

خامسا: تعثر التوصل لأي تسوية سياسية للقضية الفلسطينية وتأزم الوضع مع قرار ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس.

يضاف كل هذا إلى التبدل في المشهد اللبناني بتعزيز الحضور النيابي والسياسي للقوي المتحالفة مع سوريا وإيران، ما أفضى إلى إرباك في عملية تأليف الحكومة وتعثر، يعزوه البعض لعقد داخلية والبعض الآخر لتدخلات خارجية تعيق عملية التأليف.

ومهما كانت تلك العقد، ومهما طالت المهلة، لن تفضي إلا إلى تأليف حكومة تراعي نتائج الانتخابات الأخيرة ما يعني أن الفريق المقرب من إيران وسوريا سيحوز علي أغلبية المقاعد الوزارية بالنسبة والتناسب، ما استدعي من رؤساء الحكومات السابقين الالتفاف حول مقام رئاسة الحكومة والتلاقي مع الرئيس المكلف، سعد الحريري، من أجل تثبيت صلاحيات رئيس الحكومة التي أقرت في الطائف، حيث خرج كلام من أكثر من فريق سياسي يطالب بتعديل هذا الاتفاق، أو بعقد مؤتمر تأسيسي يخلف اتفاق الطائف الذي لم تنفذ مندرجاته كلها منذ إقراره عشية وقف الحروب في لبنان عام1989.

ولعل الملفت في لقاء رؤساء الحكومات، هو حضور الرئيس نجيب ميقاتي، الذي تجاوز المعركة الانتخابية التي تواجه فيها مع تيار المستقبل برئاسة الرئيس الحريري، ليضع قوته الشعبية وحضوره السياسي الوطني إلي جانب الرئيس سعد الحريري في تشكيل الحكومة.

في المجمل، المشهد السياسي في لبنان مفتوح علي احتمالين، إما تأليف حكومة في الأيام القليلة المقبلة، وهذا ما يحاول الرئيس المكلف القيام به من خلال سلسلة الاتصالات التي أجراها وسيتابعها قريبا جدا، وما تحاول أوساطه الإيحاء به من خلال طرح تقديمه تشكيلة حكومية خلال أيام، وإما أن أزمة التأليف قد تطول بما قد يفرض استدعاء لقوي إقليمية ودولية للتدخل من أجل تسهيل التأليف ما يربط تشكيل الحكومة بأزمات المنطقة من سوريا إلي إيران وصولا إلي العراق واليمن.

وفي مطلق الأحوال، لبنان يحتاج لصدمة إيجابية، تنتشل واقعه الاقتصادي والسياسي من حال إلي حال أفضل، وبحاجة إلي حكومة تنكب علي معالجة المشاكل الحياتية للمواطنين، بعيدا عن الإغراق في تفاصيل الصراعات الدولية والإقليمية والتلطي خلفها، لتبرير عجز طبقة سياسية عن حماية لبنان ومواطنيه من الفساد والتلوث وغياب الخدمات الأساسية أو ضعف تلك الخدمات إلي حد غير مقبول.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك