Advertisement

لبنان

انتحاريون على الطرقات ودولة لا تسأل إلا عن ميريام كلينك؟!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
05-09-2018 | 06:47
A-
A+
Doc-P-508145-636717522001863698.jpg
Doc-P-508145-636717522001863698.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
330 قتيلاً و3432 جريحاً هو المجموع العام لضحايا حوادث السير في لبنان منذ بداية العام 2018 وحتى منتصف آب. الأرقام هذه مرجحة أن تتغيّر ارتفاعاً في أي لحظة، وللأسف، ستفعل. أرقامٌ مخيفة هي، ما عاد التغاضي عنها مقبولاً. أن يموت في بلد صغير جغرافياً مثل لبنان، هذا العدد من الناس، على الطرقات والأرصفة، يؤشر إلى أمور خطيرة جداً. قد لا يموت في معارك وحروب هذا العدد، فأي حرب يا ترى نعيشها؟! بل الأجدى أن نسأل:"لماذا الموت الكثيف يحيط باللبنانيين على الطرقات؟!".
Advertisement

سؤال ينبغي أن تجيب عليه الدولة اللبنانية ممثلة بأجهزتها ووزاراتها وإداراتها المعنية كافة. إن معرفة الأسباب هي حتماً مفتاح الحلّ. لكن هل حقاً من نيّة لاستيلاد حلول وإنقاذ الشعب من براثن موت متنقل ومتربص بهم يومياً؟ هل من إرادة ورغبة بذلك؟!

للأسف، لا تبدو هذه هي الحال. في الحقيقة، ما من مكترث لهذا الواقع الدامي، ولا من يُكلّف خاطره مجرد الدعوة إلى اجتماع طارئ للبحث في الأسباب ومحاولة حماية اللبنانيين. لا خطة طوارئ ولا حال استنفار، والأهمّ أنّ أي استراتيجية مستدامة لم تبصر النور بعد، أو بالأحرى، لا يراد لها أن توضع!

ولعلّ أكثر ما يُحزن بل ما يؤجج مشاعر الغضب في النفوس هو أنّ أهل الحكم والسلطة مشغولون كليّاً بعملية تشكيل حكومة، لا نعرف ما إذا كان من أولوياتها تعطيل محرّكات الموت المجانيّ الذي لا يستثني أحداً. فلماذا تكون حكومة ولمن؟!

على أي حال تبدو أسباب ارتفاع حوادث السير في لبنان المباشرة معروفة ولا تحتاج ربما إلى خبراء وفلاسفة لرصدها، فقانون السير الجديد الذي أبصر النور بعد طول انتظار منذ ثلاث سنوات لا يُطبق، أو أنه يطبق باستنسابية أو استسهال أو اعتباطية بما لا يخدم الأهداف التي وضع من أجلها وعلى رأسها تأمين السلامة العامة والحدّ من حوادث السير. فهل من يخبرنا مثلاً لماذا لا يزال معظم السائقين يستخدمون هواتفهم أثناء القيادة، وهو مشهدٌ فاضح وواضح ومتواصل على مدار الساعة؟! وهل من يفسّر لنا كيف ما زال هناك من ينقل عائلته بأفرادها جميعاً، صغاراً وكبارا ورضع، على متن دراجة نارية صغيرة، على مرأى من الجميع؟! وماذا عن كلّ المخالفات الأخرى بما فيها عدم وضع حزام الأمان والقيادة تحت تأثير الكحول والسرعة الزائدة والمرور بعكس السير والتجاوز غير المسموح وعدم التقيّد بالأوزان المسموحة (للشاحنات) وعدم الالتزام بإجراء المعاينة الميكانيكية...ألا تعدّ كلّ هذه الأفعال خروجاً عن القانون ومجازفة بالأرواح إلا إذا صودف والتقطتها عدسة هاتف محمول وتناقلت على وسائل التواصل الاجتماعي، أم إذا كانت المرتكبة تدعى ميريام كلينك مثلاً؟!

إنّ مسؤولية تطبيق قانون السير وفرضه ملقاة حتماً على الدولة اللبنانية بأجهزتها قبل أن تكون من مسؤولية المواطن، فالإنسان بطبعه ميّال إلى التفلّت من القيود والقواعد متى سنحت له الفرصة بذلك. ومن مسؤولية الدولة أيضاً تحسين أوضاع الطرقات وإنارة الشوارع وتأمين وسائل نقل عام...وكل هذه الأمور لا تتطلب سوى توافر الإرادة والوعي… بل بالأحرى تتطلب وجود دولة حقيقية!

دولة تعي أيضاً أن من الأسباب غير المباشرة  لحوادث السير والموت المتنقل على الطرقات معاناة اللبنانيين المتفاقمة يوماً بعد يوم، وهي معاناة آتية من كل حدب وصوب ومسؤولة عن تخزين كميات من الغضب والحقد والميل إلى التفلّت من القانون. لبنانيون شاهدون على "كوما" المؤسسات واهترائها. لبنانيون يعايشون أوضاعاً معيشية صعبة وقاسية حدّ أنّ بعضهم يموت على باب مستشفى أو لا يجد لقمة يسدّ بها جوع أطفاله. لبنانيون يحشرون على الطرقات كالسردين في العلب ولا يبدو لمعضلة السير أي نهاية. لبنانيون غاضبون لدرجة أنهم يضحون، على الطرقات، انتحاريين مستعدين لنسف الحزام الملغوم من دون أي تردد!


المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك