Advertisement

لبنان

عن مشهد السيدة التي تستقوي على شرطي البلدية: يا للهول!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
07-09-2018 | 05:27
A-
A+
ما الجدوى من الكتابة والتعليق على فيديو السيدة التي تهدد وتتوعد شرطي البلدية في جونيه؟!
Doc-P-508732-636719203692567535.jpg
Doc-P-508732-636719203692567535.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
ما الجدوى من الكتابة والتعليق على فيديو السيدة التي تهدد وتتوعد شرطي البلدية في جونيه؟! هل هو التوّقف عنده للتفكير مليّاً بهذه الظاهرة المتفشية في مجتمعنا ومحاولة فهم أسبابها والحدّ منها؟! على الأرجح، هذا هو السبب. مثل هذه المشاهد باتت كثيرة ومتكررة. نساء ورجال لا يتقبلون فكرة أن يتمّ توقيفهم من قبل القوى الأمنية من أجل تسطير محضر ضبط لمخالفة ارتكبوها. بل أكثر من ذلك، إنهم يحوّلون أنفسهم فجأة ضحايا مظلومين فيسمحون لأنفسهم بالاعتراض وسلّ سيوف الدفاع عن النفس إلى حدّ أن ثمة من يبدأ بالتهديد والوعيد وسط موجات غضب صارخة. "اعطيني اسمك، بدي أعرف مين إنت"، أو "أنا بفرجيك شو رح يصير فيك"، أو "مش عارف مع مين علقت" هي عيّنات عن ما يردده هؤلاء على مسمع الشرطي الذي يقوم بواجباته. فلماذا يحصل كلّ هذا حقاً؟!
Advertisement
منذ أيام، انتشرت صورة لعنصر أمني يغطّ في النوم على مكتبه في المطار. لم يسلم هذا الموّظف من انتقادات أغلبية اللبنانيين التي رأت في تصرّفه خطيئة فادحة لا تُغتفر. والحال أنّ من يراقب ردود فعل المواطنين على حوادث مختلفة يلاحظ غالباً أنّهم دائمو المطالبة بأن تبسط الدولة سلطتها وتحكم بالقانون. بل إنهم يبدون أكثر الحريصين على أن تقوم العناصر الأمنية، في مختلف الإدارات والمؤسسات، بواجباتها كاملة وإلا اعتبر ذلك تقصيراً ونسفاً لحقوقهم الذاتية بل مسّاً بكراماتهم وقيمهم! لكن، من المفارقات أنّ هؤلاء أنفسهم يثورون وينتفضون عندما تعمد القوى الأمنية إلى تطبيق القانون عليهم، وهذا واقع يستحق فعلاً المتابعة والتحليل والتدقيق في أبعاده!
بحسب إحدى التفسيرات التي يرددها بعض علماء الإجتماع في لبنان فإن المواطن اللبناني، عندما يتفوّه بعبارات على شاكلة "مش عارف حالك مع مين عم تحكي"، فإنه بذلك يعود في لاوعيه إلى التاريخ حيث كان المجتمع اللبناني مكّوناً من عائلات كبيرة وعشائر والفرد فيها "ليس مقطوعاً من شجرة" ما يعني استقواءه بالسلالة والعشيرة والعائلة لدى مواجهته أي طارئ أو عقبة.
ولعلّ هذا الموروث الاجتماعي الذي صمد بل تناقل عبر الأزمان والأجيال وصولاً إلى حقبة الحرب حيث بات اللبناني يعود إلى زعيمه أو إلى الحزب أو الميليشيا، هو ما يدفعه إلى التباهي بنفسه وكأن "الخالق خلقه وكسر القالب"!
وقد لا يكون "الإيغو" (الأنا) بريئاً من تهمة "الشوفانية" تلك، وقد تكون الشخصيات النرجسية أيضاً مسؤولة ومتوّرطة، وهذه تحليلات وتفسيرات نتركها لأصحاب الاختصاص.
لكن ماذا عن بعض المدلولات الأخرى؟! ألا تنمّ سلوكيات بعض اللبنانيين عن انعدام الثقة بالدولة والمؤسسات وتوقهم في الوقت عينه إلى قيام تلك الدولة التي تحكم بالقانون والعدل؟! ما هذه الانفصامية، ومن المسؤول؟!
قد تكون المعادلة بسيطة وهي بذاتها الحلّ: عندما تفرض الدولة هيبتها وتحترم في الوقت عينه شعبها فسوف يهابها المواطنون ويحترمونها في آن. ولا شيء من هذا سيحصل ما لم تسد العدالة وتُصان الحريات والحقوق ويُعامل الجميع بسواسية من دون أي تمييز أو تفضيل. ولا شيء من هذا أيضاً قد يتحقق ما دام هناك سلاح غير شرعي يحكم، وما دام الدستور وجهة نظر، والقوانين متعفنة أو مرمية في الجوارير، وما دامت الطائفية في النفوس والنصوص، وما دام مفهوم المواطنة ضائع ومتضعضع بين تأليه الزعيم وشيطنة المتحرر من قيود الحزب أو الدين!
ويا للهول! يا للهول لأن لبنان يبدو بعيداً جداً من تحقيق هذه الأمور. في الوقت الراهن على الأقلّ حيث ما من شيء يدعو إلى التفاؤل. لا دولة قوية وذات هيبة واحترام، ولا شعب يثق بدولته ويحترمها. إنها دوّامة خبيثة. إنها فوضى مريبة. ووسط كلّ ذلك، تبرز تعليقات البعض على الفيديو، وهي مكتوبة ليقرأها الجميع من دون خجل أو تردد. تعليقات على شاكلة دعوة شرطي البلدية إلى ضرب السيّدة وشدّها من شعرها، وما إلى هنالك من شتائم تطال العرض والشرف والكرامة. حقاً، من أين على الإصلاح أن يبدأ؟!








تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك