Advertisement

لبنان

مسيرة مميّزة فجراً: "أكيد رح فيق"!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
08-09-2018 | 16:50
A-
A+
Doc-P-509160-636720464788408533.jpg
Doc-P-509160-636720464788408533.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لا روح في العتمة. كلّ شيء يبدو ساكناً، والصمت توّرط مضرّ. مدارج الأسود صعبة ومُتعبة وثقيلة، والظلام يؤجج الوحدة. إنها الخامسة بعد منتصف الليل. ليلٌ يبدده فجر يتسرّب خفيفاً، فينبلج الصبح بألوان وبريق.
Advertisement

ليس هذا توصيفاً لبزوغ الفجر مبدداً الظلام وفق منطق الطبيعة وحسب، بل إنها أيضاً محاكاة لفرص الحياة الجديدة بعد تبديد خطر الانتحار ومسبباته. على هذا النحو، تنظم جمعية "امبرايس" (Embrace) الأحد في التاسع من أيلول مسيرة بعنوان "Into the Dawn Walk 2018" بحيث ينطلق المشاركون عند الخامسة فجراً من أمام مطعم "بيت ورد" في الروشة ويسيرون مسافة كيلومتر وصولاً إلى الصخرة التي انطبع ذكرها تاريخياً في أذهان اللبنانيين بكونها موقعاً للانتحار.

عن هذه المسيرة التوعوية تتحدث المعالجة النفسية والعضو المؤسس في جمعية "امبرايس" (Embrace) ميا عطوي لـ "لبنان 24" فتلفت إلى أنّ الجميعة تُنظّم مسيرات مماثلة كلّ عام في توقيت يزامن اليوم العالمي للوقاية من الانتحار الذي يصادف في العاشر من أيلول، وهذه السنة الموعد يتجدد فجر الأحد في التاسع منه.

وتشرح أنّ فكرة المسيرة تهدف إلى القول إنه يمكن إخراج موضوع الانتحار من العتمة إلى الضوء بحيث لا يعد من التابوهات المحرم التداول بها، وهي أيضاً تحاكي أوضاع كل فرد يمرّ في حايته بفترات عصيبة وسوداء لكنه قادرٌ، مع العلاج الصحيح والمتابعة، أن ينتصر على المرض الذي يعايشه ويوّلد عنده أفكاراً انتحارية".

وتسعى الجمعية أيضاً من خلال هذه المسيرة إلى خلق مجتمع داعم، بخاصة في بلد مثل لبنان حيث يعد انتحار فرد في العائلة وصمة عار لها، وحيث لا تحظى عائلات الضحايا عادة بدعم يشبه الدعم الذي تحصل عليه عائلات ضحايا حوادث السير مثلاً! وتقول عطوي:" عندما يفقد أحدهم شخصاً بسبب الانتحار فإنه يعيش عادة ظروفاً صعبة وقد تطول فترة تأقلمه مع هذا الموت ذي الخصائص المختلفة إذ قد يشعر بنوع من الذنب أو التقصير أو أنه يكون تحت الصدمة سيّما وأن الانتحار يحصل بشكل مفاجئ، وعليه من المهم أن نخلق من خلال هذه المسيرة وغيرها من الأنشطة والحملات نوعاً من الدعم لعائلات الضحايا والقول لهم إنهم ليسوا وحيدين".

وتلفت عطوي إلى أنّ مسيرة الكيلومتر التي ستنطلق عند الخامسة فجراً تحت شعار "#أكيد_رح_فيق" سوف تنتهي أمام صخرة الروشة حيث سيكون هناك حائط يستطيع المشاركون الكتابة عليه أو رفع صورة فقيد، علماً أنّ وراء اختيار الموقع رسالة تهدف إلى تحويله موقعاً لبثّ الأمل والحياة وتشير عطوي إلى أن النائب الياس حنكش سوف يلبي الدعوة ويكون مشاركاً في المسيرة.

لا تخفي عطوي أنّ "السنوات الماضية قد شهدت تغييراً كبيراً في حالة الوعي حول الصحة النفسية والموارد الموجودة في لبنان"، لافتة إلى أنّ الجمعية أطلقت في خلال هذا العام فقط أكثر من 80 حملة إعلامية (في مختلف الوسائل الإعلامية التقليدية والاجتماعية) وكان التجاوب معها ملحوظاً وتمظهر من خلال تغطية الإعلام لها وتسليط الضوء عليها، وزيادة عدد المتطوعين في الجمعية، وزيادة عدد الاتصالات التي ترد على الخط الساخن (خطّ الحياة على الرقم 1564) الذي وضعته "إمبرايس" بالتعاون مع وزارة الصحة في أيلول من العام 2017...

وتلحظ عطوي اهتماماً ووعياً متزايدين من قبل المجتمع اللبناني حيال موضوع الانتحار وهذه نقطة إيجابية جداً، لكنها تلفت إلى أنّ الوصول إلى تغيير حقيقي ملموس يتطلب تطبيق سياسات أخرى واردة في الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية التي وضعتها وزارة الصحة العامة في لبنان في عام 2014. ومن هذه الأمور ما يتعلق بكيفية تعاطي الإعلام مع قضايا الانتحار وطريقة تغطيته لها، ومنها ما يتعلق بانتشار السلاح في لبنان وهنا يكمن دور الوزارات المعنية والبرلمان والقوى الأمنية، ومنها ما يتعلق بالتغطية الصحية المجانية وإتاحة فرص متساوية أمام الجميع للوصول إلى معالج نفسي بشكل مجانيّ...

لكن عطوي تُطمئن إلى أننا "نسير في الدرب الصحيح نحو التغيير"، منوّهة في الوقت عينه إلى أنّ المعدل العام للانتحار في لبنان (كل يومين ونصف ينتحر شخص في لبنان) ليس مرتفعاً مقارنة مع دول أخرى، لكن أيضاً علينا ألا ننسى أنّ هذه الأرقام قد لا تعبر بالضرورة عن الواقع إذ يصار أحياناً إلى تسجيل بعض حالات الوفاة الناجمة من الانتحار على أنها وفاة طبيعية أو نتيجة مرض ما وذلك بسبب ارتباط الانتحار بوصمة العار!
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك