Advertisement

لبنان

رجاء.. اقرأوا "الأكثر قراءة"!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
14-09-2018 | 08:13
A-
A+
Doc-P-510665-636725352683391743.jpg
Doc-P-510665-636725352683391743.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

إضافة إلى أخبار الطقس والعواصف وموجات الحرّ اللاهبة والجنس، دائماً ما يدخل خبر يتعلق بضائقة معيشية أو جريمة قتل صادمة أو فضيحة طالت مسؤول أو زحمة في المطار أو فرض ضريبة جديدة أو بلطجة على الطرقات، على سبيل المثال لا الحصر، قائمة "الأكثر قراءة" التي باتت من أقسام المواقع الإلكترونية الرئيسية. ما جدوى هذا القسم وفائدته على الوسيلة الإعلامية غير التقليدية؟! الأكيد أنه أداة قياس. يستمزج آراء الناس ويكتشف اهتماماتهم، ولعلّه يفضح أوجاعهم وهمومهم. ما عاد اللبنانيون بخاصة يهتمون لأخبار السياسية الضيّقة. أصلاً، هل من سياسة حقيقية في لبنان؟! هل ما يحصل في هذا البلد طبيعي ومعقول؟!

Advertisement

ولعلّ أغرب وأفظع ما يحصل هو أنّ السياسيين وأصحاب السلطة والقرار ليسوا مطلعين على هموم الناس واهتماماتهم. أو أنهم يظنون أنهم يعرفون بها. الكارثة أن يكونوا على اطلاع لكنهم يتجاهلونها أو يهملونها. في كلّ الأحوال، ثمة دعوة جديّة لأن يتفضلوا إلى تصفّح "الأكثر قراءة" بشكل يوميّ. وربما، حينذاك، يعثرون على مصدر الخلل الذي بات يهدد الكيان فينصرفون حقاً إلى العمل.

لكن من المؤسف حقاً الإقرار بأننا في دوّامة. لن يقرأ السياسيون ما تصدح به أصوات الناس في المواضيع الأكثر تصفحاً، ولن يتمكن الناس من كتابة خبر جديد يحاكي أحلامهم. الطامة الكبرى أنّ الأمل مفقود في الوقت الراهن، وعندما ينفذ هذا الأمل من الرفوف ومستودعات الأيام، تخلو الحياة من أي معنى. عندما ينفذ هذا الأمل من الرفوف، يصبح الناس أقلّ مناعة وقدرة على مقاومة الطفيليات والفيروسات والأوجاع، فيختنقون في الشوارع ويشعرون بالحاجة إلى نزع الحناجر من أمكنتها. وهذه النزعة الأخيرة (نزع الحناجر من أمكنتها) تنمّ أيضاً عن شعور بالذنب وندم على ما لم يُفعل في أوانه وما لم يُقطف في موسمه. لا أمل يمكن إيجاده، ولو بالصدفة، ولا مهرب من ثقل الذنب والندم. لقد ولّى زمن الانتخابات. اليوم، كيف يمكن تغيير ما كان يمكن فعلاً تغييره في صندوقة اقتراع ولحظة ضمير؟! ضاعت الفرصة، وعلينا بتحمل التبعات في السنوات المقبلة مجهولة العدد. فهل من يضمن حقاً عدم عودة التمديد؟!

وإلى ذلك الحين، سيبحث الناس عن وطن بديل. قد لا يجدونه في حقيبة هجرة ولا في حلم مشتت يُصنع في وضح النهار. قد يبتكر اللبنانيون وطناً بديلاً أقلّ بشاعة من الموجود، في محاولة للبقاء على قيد الحياة وانتظار ترجّل الأمل من قطارها البعيد. سوف يواظبون على صوغ شكل "الأكثر قراءة" كهواية يومية لا تقدّم ولا تؤخر. وسوف يقضون أيامهم غير مكترثين إن تشكلّت حكومة أم بقي البلد ملعب كرة قدم. وكمن يحصي أعداد القتلى في معركة غير متكافئة، سوف يبدأون بالعدّ: عشر فضائح وحوادث مكروهة أو ربما أكثر في أسبوع من أيلول. تقنين الكهرباء إلى تفاقم وباخرة المجان وحيدة في عرض البحر. نهر الليطاني أضخم مجرور في العالم. ضرائب جديدة تفرض على اللبنانيين، عمالا وأصحاب مؤسسات. وزراء يتراشقون بموظفين أبرياء. ملهى ليلي في وزارة. القضاء على حرش بيروت وقضم الجبال. الطرقات تحصد الأرواح يومياً. الأمطار قادرة على ابتلاع قرى (والله يستر من الآتي). مطار لبنان يطوف بالناس والسبب ليس مفرحاً. الموتورات تحكم وأصحابها هم الأقوى. المدارس تستحيل مقرّات لممارسة البلطجة والأهالي عاجزون عن دفع الأقساط وما عاد معروفاً من الظالم ومن المظلوم. الرواتب لا تصمد لأسبوع والأسعار في ارتفاع ولا رقابة. الجميع يكره الحاضر ويخشى المستقبل، أما الماضي فليس عبرة ولا ذكرى تستحق أن "تُبروز".

رجاء، اقرأوا "الأكثر قراءة" واقلبوا الصفحة.

 
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك