Advertisement

لبنان

عن مركب الموت وبحر التناقضات اللبنانية

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
24-09-2018 | 04:14
A-
A+
Doc-P-513211-636733853381355934.jpg
Doc-P-513211-636733853381355934.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
بفارق ساعات قليلة، وزير المالية علي حسن خليل يحذّر أمام لجنة المال والموازنة من مخاطر المؤشرات المالية المقلقة التي عرضها في تقرير فصلي عن المالية العامة، محذراً من توجه البلاد نحو الانهيار اذا استمر النهج السياسي والأداء الاقتصادي على حاله، يخرج بعدها رئيس الجمهورية ميشال عون ليطمئن إلى متانة الليرة، نافياً أن يكون لبنان على طريق الإفلاس، وما بين هذا وذاك تنشغل البلاد بصحة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومدى "صحة" استقالته!!
Advertisement
وما بين شائعة وصراع ومناكفة تسير البلاد نحو مجهول حتمي. مجهول بات يقصده كثيرون هرباً من ألم الواقع وبؤسه، ولو على مراكب الموت.
النهاية المأسوية التي لحقت بركاب مركب صغير كان يقلّ 38 شخصاً، بينهم 6 لبنانيين، بطريقة غير شرعية إلى قبرص، تعرض للغرق قبالة شواطئ عكار قبل يومين بُعيد انطلاقه، وتسبب بغرق الطفل خالد نجمة (5 سنوات) وموته، مستحضراً صورة غرق رفيقه في المتاهة، الطفل ايلان (3 سنوات) في مثل هذا الشهر قبل نحو 3 سنوات في بحر ايجه على السواحل التركية، تعيد تكرار المأساة عينها، سواء مع لبنانيين أو نازحين سوريين، يهربون براً أو بحراً بحثاً عن الأمن والأمان والأمل والمستقبل الأفضل وإذ بلعنة الموت تلاحقهم، وكل ذلك يعيد طرح الأسئلة المقلقة التي تلف الواقع اللبناني بتناقضاته وتناحراته وسجالاته ومعاركه الوهمية، ماذا بعد؟
إنها قصة اليأس وعدم الثقة في بلد ابتكر أهل السلطة فيه "سلطة رديفة" تحل محل الدستور والنظام والمنطق والحقوق والواجبات والالتزمات والأصول والقيم وكل معاني الانتماء إلى بلد يتمتع بالسيادة ومظاهر الدولة. هنا على اللبناني، المبهور بسحر زعمائه، أن يتعايش مع اللادستور، مع الفراغ الرئاسي والحكومي، مع الانتخابات المعلبة، مع قوانين الانتخاب الممسوخة، مع تصريف الأعمال الأبدي، مع تشريع الضرورة، مع الاستدانة الدائمة، مع ميزانية دون قطع حساب، وهدر وصرف من خارج الموازنة، مع فساد في الإدارة، واستنسابية في تطبيق القوانين، وكيدية في إدارة الشأن العام، مع تبادل المسؤولين اتهامات السرقة وصرف النفوذ، مع غياب الكهرباء والماء وتسلّط مافيات المولدات والخدمات المسروقة، مع تراكم النفايات واستقبال المحارق وتدمير البيئة، مع غياب النمو الاقتصادي وتعثر الاستثمارات وانعدام السياحة وفرص العمل، ووقف قروض الإسكان.. وفوق كل ذلك، مع تدمير علاقات لبنان بأشقائه وأصدقائه كرمى للمحاور والتبعيات. ثم يأتي من يتحدث عن العهود القوية والمسؤولين الأقوياء!!
في الخلاصة، وفي ظل الوضع الهشّ وغياب الحكومة وانتفاء الإصلاحات والتفاهمات؛ المؤشرات السلبية إلى تفاقم، والتطمينات الرئاسية ستبقى بعيدة عن الواقع، ومؤتمرات الدعم الدولية ستبقى غير قابلة للتنفيذ، ومعها كل الخطط والأفكار والطروحات.. وإلى أن يهتدي اللبنانيون إلى طريقة للتعبير عن سخطهم وتغيير واقعهم بدلاً من كثرة "النق".. ستبقى مراكب الموت حلم من لا حيلة له.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك