Advertisement

لبنان

تحويرة حصرون..

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
08-10-2018 | 04:32
A-
A+
Doc-P-517116-636745952411435591.JPG
Doc-P-517116-636745952411435591.JPG photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
ينام البلد ويصحو على موجة تفاؤل من هنا تبددها موجة تشاؤم من هناك. وحاله، التي وصفها رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ "مطرحك يا واقف"، باتت محكومة بمعادلة "الباب بدو المفتاح، والمفتاح عند الحداد، والحداد بدو البيضة.." وما بين التفاؤل والتشاؤم ضاعت الطاسة، أقله في المدى المنظور.
Advertisement

البلد معطل من دون سلطة تنفيذية، والتحديات الاقتصادية والإقليمية تحتاج الدعم الدولي الذي يمثله مؤتمر "سيدر"، وسيدر يحتاج حكومة، وتأليف الحكومة يستلزم توافقاً داخلياً، والتوافق مفقود لأن أطرافه عندهم مطالب، والمطالب لا تفتأ تكبر وتتضخم.. وتضخم المطالب يعيدنا إلى المربع الأول.. تعطيل البلد، وهكذا.

بين التمثيل العادل وأحقية الأطراف، ونوعية الحقائب، ومطامح الإلغاء، وأحلام الرئاسة، وقدرة التعطيل، يسبح أهل السلطة بالبلد على حافة هاوية لا يدركون، أو لا يريدون أن يدركوا أنها قد تكون هذه لمرة قاتلة، وما الإشارات التي يطلقها أصدقاء لبنان بين الحين والآخر بشأن مخاطر وتداعيات الصراعات الداخلية على الاستقرار السياسي والنقدي والاجتماعي وضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة للتفرغ لمواجهة التحديات، إلا دليل إضافي على جدية الأزمة.

لكن المفارقة أن كل النصائح والتحذيرات والتمنيات تصطدم بالجمود الكبير الذي تتعاطى به الأطراف تجاه مساعي حلحلة الوضع الحكومي، الكل متمسك بموقفه السلبي ووضع العراقيل ولا يريد التنازل حتى لو أدى ذلك لخراب البلد، وكلما لاحت إيجابية من طرف تكفّل طرف آخر بنسفها! فبعد الكلام التفاؤلي الأخير للرئيس المكلف سعد الحريري وتحديده سقفاً زمنياً قريباً لإنجاز التأليف، خرج وزير الخارجية جبران باسيل ليحدد ما يعتبره "التمثيل العادل" للأطراف في الحكومة، علماً أن "المعيار التمثيلي" الذي تحدث عنه باسيل، ومن قبله جعل الحكومة مجلساً نيابياً مصغراً، أمر لم ينص عليه الدستور ولم يقرّه العرف. فما بعد الطائف، الحكومة وفاقية وتضم أوسع تمثيل لشرائح المكونات السياسية، وليس جميعها بالضرورة. وبالتالي كل الكلام عن المعايير والشروط والأحجام لا تُلزم الرئيس المكلف، الذي بالمناسبة هو من يشكل الحكومة وليس وزير من هنا أو مسؤول من هناك... لكننا في زمن ضياع المعايير ولأجل ذلك ينبري أيّ كان لوضع ما يعتبره معايير تناسبه ويلبسها لبوس الوطنية الخالصة!

الواقع أن المسألة أكثر تعقيداً. سابقاً أدّى التنظير السياسي حول "الديموقراطية التوافقية" و"حكومات الوحدة الوطنية" إلى تعطيل دور المعارضة، وكل ذلك جعل من الحكم جوائز ترضية، ما سمح بتعميم الفساد وصونه بالاصطفافات الطائفية وتقديم حقوق الجماعات الطائفية على حساب حقوق المواطنين، وصولاً إلى "معجزة" اعتماد قانون انتخاب يشتت صوت الناخب بحجة النسبية، والصوتٍ التفضيلي الطائفي.

أمس، قال الرئيس نجيب ميقاتي خلال افتتاحه "تحويرة حصرون" في بشري (وحصرون مصيف شمالي يختزن سحر طبيعة لبنان وجمال تنوعه) إن "لبنان الذي نريده هو الذي يعبّر عنه وجودنا معاً"، وشدد على أن "الكلام الطائفي لا يساعد على حل المشاكل في البلد، إذ لا حلّ إلا بأن نكون معاً"، منتقداً "البعض الذي يحاول أن يأكل كلّ شيء ويعتقد بأنّ لبنان سيبقى"، وكلام تحويرة حصرون واضح وضوح الأزمة وأسبابها وأبطالها، ومن لا يدرك معنى أن نواجه "معاً"، لن يهتم أبقي البلد أم زال.   

في الخلاصة، عندما غابت الدولة؛ تعثر الحكم واضمحل الانتماء وحضرت سلطة المجموعات التي رفعت "الطائفية" دستوراً لحفظ امتيازاتها وجشعها الذي تعاظم على حساب المصلحة العامة والمصالح الوطنية لدرجة تجفيف موارد الدولة عبر الانتهاب المقونن الذي راكم الديون وأوصل للعجز.

ما نشهده من صراعات المصالح والمكاسب، لا يعيق تشكيل الحكومة فحسب، بل يؤشّر في جزء معبّر منه إلى إعلان فشل كل التجربة السابقة في توفير الحلول للمشكلات القائمة فضلاً عن التحديات الراهنة، حتى تسعير الخطاب الطائفي ما عاد ينطلي على المتألمين والمتضررين من الانهيار التدريجي والانزلاق نحو المجهول. ولعله بات مطلوباً اليوم أكثر من أي وقت مضى التفكير بالمستقبل من خلال إعداد البدائل، وهذا الأمر منوط بكل المهتمين بالتغيير المنشود من مراكز وناشطين، أفراداً أو مجموعات.




المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك