Advertisement

لبنان

إهانة الناس تبدأ وتنتهي.. بالتفاهة!

نانسي رزوق

|
Lebanon 24
12-11-2018 | 02:58
A-
A+
Doc-P-527321-636776134980238564.jpg
Doc-P-527321-636776134980238564.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
بينما تقود سيارتك في الصباح متوجهاً الى العمل، ستجبرك زحمة السير على البقاء وقتاً طويلاً وأنت شبه محتجز بين السيارات. بالكاد "برمة دولاب" كما نقول بالعامية. تشعر بالحنق. تحاول أن تتحايل على نفسك بأن تسمع الموسيقى. ستتأكد من أنك مللت من السي دي الذي بحوزتك. عندها، تقرر أن تتوجه مباشرة إلى الراديو فتقوم بتشغيله لعلك تحظى بما يسليك ويحرق الوقت بدلاً من أعصابك. تشهق ثم تزفر. "ريلاكس". تنتظر أن يفاجئك الراديو بأغنية لم تسمعها من قبل، أو بأخرى تحبها لكنك نسيتها وربما هذا هو الوقت المناسب لمعاودة سماعها مرة ثانية. 
Advertisement

لكن الأماني لا تسير كما تطمح. فأنت ستكون أمام كميّة من التفاهة لا نظير لها، تشعر معها وكأنك تحيا في كوكب آخر. ليس كوكباً يخرجك من بؤسك اليومي، بل آخر يجعلك تعتقد للحظة أنك في حفرة عميقة وبحاجة لمن ينقذك ويخرجك منها بأي ثمن. أن ينبت لسيارتك جناحين وتطير من مكانك، كأنك تقتلع نفسك اقتلاعاً وتذهب إلى أي وجهة أخرى، لا يهم. يحدث هذا مع الكثير من اللبنانيين، الذين لا تقدم لهم الإذاعات صباحاً سوى أغان لا يعرفون من هم أصحابها ولماذا تذاع أصلاً، مثل تلك الأغنية التي يقول مطلعها "وجّك تعبان... مبيّن عليك ضعفانة"؟! حيث الصوت النشاز واللحن الركيك والكلمات التي تجبرك أن تسدّ أذنيك فوراً كي لا تضحي بسمعك أكثر. 

هذا في ما خص الاغاني الركيكة التي تستمر بعض الإذاعات في تكرارها على مسامعنا أكثر من 10 مرات في اليوم وفي كل الاوقات، في حين ان الفقرات الصباحية على تلك الاذاعات لا تقل سوءاً. من الدلع غير المبرر لبعض المذيعات "والفلسفة" الفارغة التي يتجرعها منها المستمع صباحاً، وهو لم يزل يكابد النعاس ويفرك جفونه كل بضع دقائق لعله يصحو. إلى البرامج التي كان أحدها قبل أيام يناقش فوائد استعمال الــ sex toys، لانجاح العلاقة بين الزوجين، كأن العلاقة لا تقوم إلا على نجاح هذا الجانب، وليس الضغوط الحياتية اليومية التي يتعرض لها الطرفين.

صحيح أن بعض البرامج الصباحية لم تزل لها نكهتها، ويقدمها أشخاص محترفون ولهم تاريخهم، لكنها تتحول مع الوقت إلى مساحة "للنقّ" المتبادل. من رسائل الواتساب التي تصل ونسمعها الى تفاعل المذيعة او المذيع معها. حفلة "نق" صباحية تعكر مزاج المستمع وتدوس على ما بقي له من امل يجترّه كي لا يدخل في اليأس نهائياً. 

ويبقى السؤال، لماذا على اللبناني صباح كل يوم أن يكون بين خيارين؟ اما أن ينغمس في سماع الأغاني والبرامج الاذاعية التافهة؟ او الانتقال لسماع "النق"؟ لماذا لا تقوم الاذاعات ببرمجة تضخ بعضاً من تفاؤلنا المفقود؟  فكما يقول الكاتب الروسي أنطون تشيخوف "لا يوجد مَا هو أكثر فظاعة وإهانة ومدعاة للكآبة مثل التفاهة".
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك