Advertisement

لبنان

سياسيونا يعدّون العقد.. وطرقاتنا تَعدّ الضحايا!

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
17-12-2018 | 04:11
A-
A+
Doc-P-538084-636806421477334967.JPG
Doc-P-538084-636806421477334967.JPG photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
بين موجة تشاؤم وموجة تفاؤل أقرب إلى التشاؤم يراوح الوضع الداخلي، وخصوصاً في ما يتعلق بأزمة تشكيل الحكومة في شهرها السابع، من دون أن تلوح في الأفق بوادر حلول منطقية.. دوامة من الشروط والشروط المضادة، والعقد والفيتوات، والحروب الدونكيشوتية والانتصارات الوهمية.. وكأن البلاد في أحسن أحوالها، ولا تغوص يوماً بعد آخر في منزلقات الانهيار والتفتت!
Advertisement

صباح أمس، توفي تلميذ الضابط كريستيان نقولا في حادث سير مفجع على الطريق البحرية في شكا، البترون. وقبل أسبوعين، وتحديداً في يوم عيد الاستقلال، توفي زميله تلميذ الضابط أيضاً اسامة حبلص، وهو توافق مأساوي غريب، ناهيك عن عشرات الضحايا الذين يفقدون أرواحهم بشكل يومي على طرقات، رئيسية وفرعية، يجمع بينها غياب الصيانة والإشارات الإرشادية، وانتفاء الإضاءة ليلاً، وتكاثر المطبات والحفر، وتحولها جميعاً إلى "ثقب أسود" كبير يلتهم حيوات البشر دون شبع.

قيادة السيارات على طرقات لبنان لا ترتكز إلى الالتزام بالقوانين والإرشادات والإشارات، بل على الحظ و"الحربقة" واستسهال مواجهة الموت والفرار منه في كل لحظة وعلى كل درب.. وإذا كان كثيرون جداً لا يلتزمون بقانون السير، فيحدث أن تشاهد عائلة بأكملها، أب وأم وعدة أولاد، محشورين على دراجة نارية وسط طريق رئيسي سريع، معرضين أنفسهم وكل المارين للخطر وما هو أبعد من الخطر، لكن ذلك لا يلغي أن وزارات الدولة المعنية بصيانة الشوارع وإنارتها مقصرة إلى حدّ الإهمال في واجباتها، وهي تتحمل جزءاً كبيراً من المآسي المتكررة.

ولتقصير هذه الوزارات والإدارات الملحقة بها بُعد آخر، يعكس النظرة الدونية للسلطة تجاه الإنسان في لبنان. الإنسان ليس قيمة بحدّ ذاته لتكلّفَ السلطةُ نفسها عناء صوغ سياسات عامة لرفاهيته، وهو يحتاج للوصول إلى أدنى حقوقه جملة اعتبارات تتعلق بالدين والطائفة والمذهب والانتماء السياسي والمستوى الاجتماعي والمالي. المواطنة ليست أساساً للعقد الاجتماعي، وبسبب ذلك نشأت فكرة غياب الدولة وعدم الاحتكام للقانون، بل الاحتيال عليه وتطويعه للمصالح الفئوية والخاصة!! وبسبب غياب ثقافة المواطنة والتزاماتها يستباح الدستور، وتعطل المؤسسات، وتغيب المحاسبة، وتنتشر ثقافة اليأس والاحباط.

لا تفسير منطقياً لغياب الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وكهرباء وماء وطرقات في بلد يفترض أنه يعيش في سلام، ولو "نظري"، إلا انتقاص مواطنيته.. ودَع عنك كلاماً كثيراً ومكرراً ومملاً عن أدبيات بناء الدولة ومحاربة الفساد والنموذج اللبناني الفريد في الأخوة والتلاقي والتسامي! إن شعباً لا يعرف – أو لا يريد – محاسبة سلطاته الفاسدة أو التمرد على جلاديه هو شعب منقوص المواطنة، ومسلوب الحريات.

لأسباب عديدة وكثيرة لا يشعر اللبناني بأنه مواطن، له حقوق وعليه واجبات، وأن فوقه قوانين وأنظمة.. المواطن يشهد على تجاوز أهل السلطة للقوانين من أبسط الأمور إلى أعلاها وأكبرها، ويذوق كل يوم مرارة فشل السياسات في تحقيق النمو والتقدم والرفاهية، وصولاً إلى دفع حياته على الطرقات الرديئة، لكنه فوق كل ذلك، يساهم بإسباغ الشرعية على هذه السلطة من خلال تأبيد وجوهها ومنحهم صكّ براءة في كل مرة تتاح له فرصة المحاسبة عبر الانتخابات!!

في الخلاصة نحن أمام بلد سياساته متأزمة، واقتصاده متدهور، واستقراره مهدد، وأمنه الاجتماعي هشّ، ويعيش أزمة حقيقية ومكتملة العناصر والأسباب والتداعيات، ويبدو مفتوحاً على كل الاحتمالات والسيناريوات والتوقعات. بلدّ يعُدُّ أهل السلطة فيه عقدَ العرقلة، فيما شعبه يعدّ ضحاياه، سواء أماتوا على طرقات الموت أم أبواب المستشفيات أم يأساً وحسرةً على بلد لم يستطيعوا الحفاظ عليه.



المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك