Advertisement

لبنان

عن لعنة وزارة الصحة وعصفورية البلد الفالت

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
18-02-2019 | 04:30
A-
A+
Doc-P-557603-636860855828222447.jpg
Doc-P-557603-636860855828222447.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
المشاهد المنقولة، صوتاً وصورة، من مستشفى الفنار للأمراض العصبية والنفسية في المصيلح في الجنوب، وتكشف الوضع المزري في ذلك المكان الذي يفترض أنه يؤوي أشخاصاً بسطاء ابتلوا بالاضطراب النفسي وحرموا نعمة الوعي الكامل، وقد تحوّل بفعل الجشع وغياب الإنسانية، إلى ما يشبه المعتقلَ حيثُ يُسام من بداخله سوء العذاب؛ فضيحة تكشف فساداً وقحاً ليس من ذلك النوع الذي قامت وتقوم عليه الدولة في لبنان، ويعتاشُ منه السياسيون، وتعوّد على سماعه اللبنانيون.. بل هو جريمة مكتملة الأوصاف والأركان.
Advertisement

ليس ما نقلته التقارير الإعلامية فحسب، ثمة روايات عن "تعذيب المرضى وربطهم بالجنازير"، تحاكي، بهولها وفظاعتها، فيلم الرعب "Doctor Death" (Roger Bamford, 2002)، أو تتفوق عليه هوساً وخيالاً مريضاً. والتحدي الآن بعد زيارة وزير الصحة الجديد جميل جبق أمس للمستشفى ومعاينته الوضع وكلامه من أمام "المستشفى"، هو بكشف كامل الحقيقة ومحاسبة المسؤولين كخطوة في طريق طويل وشائك لكل ما يتصل بهذه الوزارة لتكون نموذجاً لغيرها من الوزارات، خصوصاً وأننا نعيش "زمن محاربة الفساد" بشهادة كل الأفرقاء.

وطالما الشيءُ بالشيءِ يُذكر، يمكن إنعاش الذاكرة الطرية قليلاً بملف آخر. في تموز 2017، كشفت تقارير إعلامية أيضاً فضيحة صحية صدمت المجتمع اللبناني حينها ولا تقل خطورة عما يجري في مستشفى الفنار، وتتعلق باستيلاء موظفة - مسؤولة مع شركاء لها على كميات من أدوية الأمراض السرطانية من مستشفى حكومي واستبدالها بأدوية منتهية الصلاحية أعطيت لمرضى سرطان بينهم نساء وأطفال؛ وقيل إن تلك الممارسة القذرة تعود للعام 2009.

الملفت أنه وبالرغم من كشف حقائق صادمة تستحق لهولها أن تتحرك الأجهزة الأمنية والقضائية لتوقيف المرأة والتوسع في القضية للوقوف على كامل ملابساتها وكشف الشركاء والمتورطين.. إلا أن شيئاً من ذلك لم يحصل بالرغم من مضي نحو سنة ونصف على الإضاءة على تلك الفضيحة، وهو أمرٌ مريبٌ، أشبه بلعنة فرعونية، يضاف إلى علامات الاستفهام الكبيرة والكثيرة حول ملفات وقضايا فساد أخرى!!

إلى الصحة، هناك ملفات عديدة وضاغطة في البيئة والأشغال والتعليم الرسمي والاتصالات والبلديات والمصانع وغيرها تكشف فضائح واختلالات وتجاوزات وغياب رقابة.. و من الضروري القول وقد تبارت الكتل النيابية في رجم الفساد خلال المناقشات النيابية، أنه ما عاد ممكناً مهاجمة الفساد لتمرير استحقاق معين ثم الالتحاف بعباءته، ما عاد ممكنا وسط طوفان التجاوزات، ضرائبياً وخدماتياً وأمنياً ودستورياً، في بلد يجعل من تفصيل بسيط أزمة وطنية يهرب من خلالها إلى الأمام تجنباً لمساءلته في واجباته تجاه المواطنين، انتهاج التسويات الظرفية طريقة عمل، بديلاً عن السياسات العامة كمنهج للإدارة والحكم والتخطيط.

الواقع أن للقضايا التي نحن بصددها وجوها عدة، كلها بشعة، وتعكس مستوى الفساد وغياب الدولة وعشق المال حتى لو انتهاباً من جيوب المواطنين وعلى حساب حيواتهم وأوجاعهم، إذ لا يمكن لتجاوزات كهذه أن تحصل من قبل شخص بمفرده، بل تفترضُ وجودَ شركاء مجرمون يجب كشفهم حتى تتوضح الصورة كاملة وينالوا جميعاً العقاب المستحق؛ وهذا ليس منّة بل حقّ للشعب، وحقّ لكل متضرر... وهو أيضاً حق عام لحفظ ما تبقى من صورة الدولة، وهيبة القضاء، وسمعة لبنان التي سئمت من وعود الاصلاح وشعارات الشفافية ومحاربة الفساد.

 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك