هلل العكاريون لزيارة وزير الصحّة جميل جبق لمنطقتهم، بل وأكثر، تداولوا بغبطة العبارة اللاذعة التي وجهها الوزير لنواب التيارات السياسية الممثلة في المنطقة، عندما توّجه لمدير مستشفى حلبا الحكومي بالقول ممتعضاً "بعكار كلها ما في بنك دم!! انت كيف بتستقبل هالنواب عندك اليوم".
استطاع جبق، في زيارته الميدانية أمس، أن يقول لأهالي عكار "لنوابكم الأقوال ولنا الأفعال". وحول استقبال الأهالي له وهو الخصم في السياسة، حسم المسألة بتأكيده أمام وسائل الإعلام جميعها "المرض لا يعرف لا طائفة ولا منطقة ولا مذهباً، أنا ابن بعلبك الهرمل الذي أتشاطر مع أهالي عكار نفس المياه ونفس المناخ وأنا أشعر هنا أنّي بين أهلي".
وزير الصحّة، وهو يكاد الوزير الوحيد في الحكومة الذي تسلّم حقيبة تتماهى واختصاصه، لم يترك الزيارة من دون مواقف تحسب له، وتسجّل عليه لحين النفاذ، فهو أكّد انه لن يسمح لأي مستشفى برفض أي مريض، مشدداً على أنّه ستتم إقالة اي مدير في حال حصلت اي حادثة وفاة على ابواب المسشتفى لأسباب مالية.
وأعلن جبق أيضاً، رفع سقف الموازنة لمستشفى عكار الى 7 مليارات ليرة مشيراً إلى أنّ عكار هي اولوية، ولافتاً إلى أنّ العمل سيبدأ لفتح جناح خاص لأمراض القلب في مستشفى حلبا، وأنّ مسألة نقص التجهيزات ستعالج خلال 6 اشهر كحد اقصى. وقرر أيضاً إلغاء السقف المالي لمستشفى عبدالله الراسي الحكومي كلياً.
الواقع الطبّي في عكار
كما البقاع "خزّان المقاومة"، يمكن القول عن عكار أنّها الخزّان الداعم لتيار "المستقبل". فـ"التيار الأزرق" لطالما كان قوياً في هذه المحافظة والأهالي أثبتوا الوفاء له في الإستحقاقات، الواحد تلو الآخر، ولكن وفاءهم لم يقابل بأيّ فعل يترجم ميدانياً، فعكار حالياً لا تضم إلا مستشفى حكومياً وحيداً، وهذا المستشفى هو خارج المعادلة الصحيّة نظراً إلى نقص المعدات.
إلى جانب المستشفى الحكومي المهمل تضم محافظة عكار أيضاً ثلاثة مستشفيات خاصة، إلا أنّها لا تستوعب الضغط، وقد سجّل العام 2018 أكثر من حالة وفاة حرّكت الرأي العام.
ولا بد من الإشارة هنا، إلى أنّ عكار في كل الحكومات التي تعاقبت في السابق، كانت تحسب في الاعتمادات ضمن محافظة الشمال لا كمحافظة مستقلة، وأكثر من ذلك، فإنّ قراءة الأرقام حتى العام 2017، تكشف أنّ حصّة عكار من وزارة الصحة يجب ألا تقل عن 15% فيما هي لا تحصل بالواقع إلاّ على 8%.
البقاع وعكار واقع إنتخابي واحد
على الرغم من وعي الأهالي في عكار إلاّ أنّهم لم يسجلوا في الصناديق ما يخالف قناعاتهم، وهذا ما ترجمته الإحصاءات الانتخابية، ومن هنا التشابه بين عكار والبقاع، إذ لم يترجم الناخبون الصرخة والامتعاض في الصناديق بما يخالف مصلحة الزعيم، سواء أكان أصفر بقاعياً أم أزرق عكارياً، ولعلّ هذا ما دفع جبق لإطلاق رصاصة العمل في عكار. فالوجع بين القضاءين واحد.
بعيداً عمّا سبق، فإنّ وزير الصّحة جميل جبق، وجّه صفعة للمسؤولين في عكار، صفعة قوبلت بترحيب وتشجيع من أبناء المنطقة المنكوبة.
إضافة إلى ذلك فإنّ الوزير قد سجّل منذ توليه الحقيبة أكثر من حراك جدّي تحت عنوان "الرجل في المناسب في المكان المناسب"، على أمل أن يتابع في هذا الشأن، لا أن يختفي لاحقاً إلا في مجالس العزاء والأفراح، شأنه شأن باقي أهل السياسة في لبنان.