Advertisement

لبنان

أزمة النازحين... ليس بالنوايا وحدها، ولا المناكفات، تُحلّ القضية

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
25-02-2019 | 03:50
A-
A+
Doc-P-559920-636866889667933321.jpg
Doc-P-559920-636866889667933321.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
يفتتح الأسبوع على استكمال البحث في الملفات السجالية من حيث انتهت؛ حديث عام، متضخّم وغير محدد الأبعاد والزوايا والجهات والتواريخ، حول مكافحة الفساد، ملف سويسرا والأربعين قطعة سلاح مع وعد الوزير المعني بنقل "ترسانة" حمايته إلى بيروت لمعاينتها، حماوة متصاعدة لملف الانتخابات الفرعية في طرابلس، وفتح دورة استثنائية لمجلس النواب تملأ الفضاء التشريعي والرقابي إلى حين حلول الدورة العادية في النصف الثاني من آذار المقبل. أما ملف النازحين الذي فجّر الجلسة السابقة، فمرشح للتصاعد في ظل تمسك كل طرف بمواقفه.
Advertisement

وبعيدا عن السجالات المُستعادة بعد تشكيل الحكومة حول إعادة العلاقات السياسية مع دمشق، وما يرافقها من مزايدات داخلية وخارجية، يبقى ملف النازحين الأكثر إلحاحاً في ظل المواقف المتناقضة الصادرة عن الجهات السياسية الرسمية حول موضوع العودة من جهة، وشبه غياب سياسة حكومية واقعية لإدارة هذا الملف الذي سيعاد طرحه دولياً في مؤتمر "بروكسيل 3" في 12 و13 آذار المقبل، ومن المتوقع أن يطرح أيضاً في القمة العربية – الأوروبية في شرم الشيخ التي افتتحت أمس وتواصل أعمالها اليوم وغداً، وعلى جدولها ملفات حساسة من بينها قضايا اللجوء والهجرة غير الشرعية والأزمة والسورية.

وبانتظار جلسة مجلس الوزراء وما يمكن أن تحمله من جديد في هذا الملف، بقي كلام ‏رئيس الجمهورية ميشال عون خلال الجلسة السابقة والذي حدد فيه الطريقة التي يراها مناسبة للتعاطي مع هذه القضية، محل متابعة، فهو أكد أنّ "سياسة النأي بالنفس هي النأي عمّا يحصل داخل سوريا ‏وليس عن مليون ونصف مليون نازح سوري يكبّدون لبنان خسائر كبيرة ويضغطون على اقتصاده"، فمؤيدوا هذا الكلام يرون ضرورة أن يتولى وزير شؤون النازحين صالح ‏الغريب ايجاد الآليات المناسبة لإعادة النازحين، الأمر الذي يتطلب تنسيقاً ‏وحواراً مع الحكومة السورية‎، ومبادرته ‏تستحق المحاولة، وفي حال فشلها، نلجأ إلى مبادرة أخرى. في مقابل من يرى ضرورة الفصل بين الموقف السياسي تجاه النظام السوري وبين ملف النازحين وضرورة عودة النازحين، بيد أن معبر عودة هؤلاء ليس النظام السوري، ولو كان كذلك لماذا لم ‏تتحقق هذه العودة حتى اللحظة؟ وما الذي يحول دون ترجمتها؟

ويرى أصحاب هذا الرأي أنه لو كان رئيس ‏الجمهورية وكل الدولة اللبنانية والأمين العام لـ"حزب الله" السيد نصرالله قادرين على إعادة النازحين لما قصّروا ‏بذلك، وبالتالي المسألة ليست مسألة علاقة مع نظام بل إنها مرتبطة بالمجتمع الدولي‎".‎

والواقع أن ثمة أسئلة جوهرة متناقضة، ففي مقابل السؤال عما فعلته دمشق من إجراءات لحث النازحين على العودة، أو طمأنتهم إن هم عادوا، هل حرّكت سفارتها في بيروت لتنظيم هذا الأمر، هل وعدت العائدين بتعويضات لإعادة بناء منازلهم التي تهدمت أو تأثيث من تم "تعفيشه" منها؟ هل هيأت لهم أسباب عودة تضمن الحدّ الأدنى من ظروف الحياة الطبيعية؟ تحضر أسئلة للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية، ومعهما المنظمات الأهلية التي تعمل في مقاولات شؤون النازحين، عن أسباب رفع شعارات العودة الآمنة والكريمة والطوعية، وكأنهم يقولون للنازحين بطريقة غير مباشرة لا تعودوا! هكذا تبدو أزمة النازحين بين نارين: عدم رغبة النظام بعودتهم، وعدم العمل الجدي من الجهات الدولية ومن الداعين لعودتهم لتحقيق هذه العودة!!

في الخلاصة، لا مناص من القول إن السياسات التي اعتمدت في مقاربة هذا الملف، والتي تقوم على الشعبوية والتبسيط وتغذية النزعات العنصرية وتضخيم الحوادث، لم تؤثر سلباً على معالجة هذا الملف فحسب، بل ساهمت بتكوّن رأي عام – أو شبه عام – ناقم على الوجود السوري الذي هو وجود متنوع بين مضطرين هاربين من الجحيم، وآخرين غير مضطرين، رتّب وجودهم آثاراً سلبية في أكثر من قطاع، ناهيك عن غياب أي خطة اقتصادية أو إدارة وطنية حكيمة للاستفادة من قدرات النازحين الانتاجية، على غرار ما فعلت تركيا مثلاً من خلال استيعاب ما يمكن استيعابه من كفاءات وحرفيين ويد عاملة في أماكن الحاجة إليها، بعيداً عن إغراق بعض المناطق أو الأسواق أو القطاعات بشكل أثّر سلباً على العامل اللبناني، وزاد من معدلات البطالة والفقر.

استتباعاً لا يمكن لطرف الادعاء بأن حلّ هذا الملف بسيط، كما تروّج بعض الأطراف السياسية، لكنه أيضا ليس ملفاً يُحسم بالارتجال، أو الخطاب التبسيطي لدرجة السذاجة أو التهويلي لدرجة العنصرية، هو ملف شديد التعقيد والتداخل والآلام، وفي كل ذلك يحضر السؤال كيف يطلب من المجتمع الدولي تحمل أعباء استضافتهم من دون الطلب منه الضغط لحل سياسي وتأمين عودة منطقية لهم؟



المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك