Advertisement

لبنان

إذا أردتم فعلًا مكافحة الفساد... هكذا تكون البداية!

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
02-03-2019 | 03:30
A-
A+
Doc-P-561781-636871112975317897.jpg
Doc-P-561781-636871112975317897.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
إذا كان الناس العاديون يؤخذون عادة بمظاهر الأمور، التي يعتقدون أنها صائبة وقد تعود عليهم بالفائدة، فهم معذورون. أما أن يستمر المسؤولون، أيًّا كانت مستوياتهم، وأيًّا كانت المهام الملقاة على عاتقهم، في غش أنفسهم قبل أن يغشوا الناس، الذين لأسباب عدة وثقوا بهم وظنوا أن "المن والسلوى" قد يأتي على أيديهم، وهم الذين توالوا منذ إتفاق الطائف على إنتاج أنفسهم بأنفسهم، فلا عذر لهم، لأن البعض منهم ربما يدرك أكثر من غيره ما يجري خلف الكواليس وفي الصالونات المغلقة.
Advertisement

لقد صدّق اللبنانيون، ولكن ليس لفترة طويلة، أن الطبقة السياسية الحاكمة، والتي تتحمّل وحدها مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلد من تقهقر وتراجع مخيف على كل المستويات، وبالأخص على المستويين الإقتصادي والمالي، جادّة في مكافحة الفساد، وقد قيل فيه كلام في الأسابيع الأخيرة أكثر مما قاله مالكٌ في الخمرة، وهو كلام لا يشبه إلى حدّ كبير الشيك الذي يكون بلا رصيد. فـ"الحكي ما عليه ميري".

وعلى رغم إقتناع الكثيرين من اللبنانيين ومن السياسيين أنفسهم بأن تكبير حجر الفساد لن يوصل إلى المكان المستهدَف، فإن بعض الذين عايشوا أزمات الوطن على مدى سنوات، يرون في هذا الكلام، الذي بات يشكّل قاسمًا مشتركًا بين الجميع، رادعًا لبعض الذين تمادوا في إستباحة القوانين وضربها بعرض الحائط وفتحوا دكاكين على حسابهم الخاص، أقله في المدى المنظور، حيث الأنظار شاخصة من كل حدب وصوب على أداء كل وزير في حكومة ألزمت نفسها بـ"العمل".

وعلى رغم صعوبة الوصول بملف الفساد إلى خواتيمه المرجوة، إنطلاقًا من مقولة "حاميها حراميها"، فإن المواطنين العاديين يريدون أن يأكلوا عنبًا لا أن يقتلوا الناطور، وهم لا يريدون أن تكون خاتمة هذا الملف على الطريقة اللبنانية " لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم"، وهي مقولة موروثة من جيل إلى جيل، وهي تعني أمرًا واحدًا لا غير، وهو القائم على فكرة المحاصصة وذهنية "مرقلي تمرقلك"، مع ما يقتضيه هذا الأمر من لفلفة عدد كبير من الملفات وضبضبتها في أدراج النسيان، فيبقى الفاسد يعيث في الأرض فسادًا، وهو عادة ما يكون محمّيًا من الذين هم "أكبر" منه، ويحظى بحماية خفية لا وجه لها ولا يدان، وتبقى المحاسبة مقتصرة على عدد من الموظفين، الذين يحاولون "تظبيط" وضعهم المعيشي بطرق غير شرعية للتعويض عن تقصير الدولة معهم في أماكن كثيرة، فيكونوا كبش محرقة فيما يبقى الفاسد الأكبر يسرح ويمرح من دون محاسبة.

إذا أردنا فعلًا مكافحة الفساد فلنأخذ كلام الرئيس نبيه بري على محمل الجدّ ولنبدأ من مكان ما ويوضع من تثبت إدانته في القضاء وراء القضبان، وليكن عبرة لغيره. هكذا نكون قد وضعنا الحصان قبل العربة وليس العكس. ومن هنا تكون البداية الصحيحة.

ولكن، ووفق المنطق السائد، فإن لا أحد من أهل السلطة، بإستثناء قلة بالطبع، فوقه خيمة، وأن بيوت الذين يطالبون اليوم بمكافحة الفساد ليست سوى من زجاج يسهل رشقها بالحجارة.

وإذا أراد من يطالب بالمحاسبة فإن السجون لن تستوعب الأعداد الكبيرة من الفاسدين، وهم موجودون في كل مكان، وعندها لن "يظمط" أحد، وستعمّ الفوضى ولن يكون إصلاح.

ربّ قائل "عفا الله عمّا مضى"، ولتكن البداية منذ هذه اللحظة، ولتكن المحاسبة على أساس ما يُرتكب اليوم من مخالفات، بعد أن يوضع خطٌ أحمر فاصل بين الماضي والحاضر، وليرفع الغطاء السياسي عن كل مرتكب أو فاسد. إنها البداية وليست النهاية.



تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك