Advertisement

لبنان

جعجعة الفساد.. معركة أشباح!

نوال الأشقر Nawal al Achkar

|
Lebanon 24
14-03-2019 | 02:23
A-
A+
Doc-P-565814-636881524141253915.jpg
Doc-P-565814-636881524141253915.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم يكن الرأي العام اللبناني بحاجة إلى إعتلاء العشرات من نواب الأمة منبر المجلس النيابي أثناء جلسات الثقة وكشفهم لحجم الفساد والمفسدين، ليتيقّنوا أنّ بلدهم احتل المراتب الأولى في قائمة الدول الأكثر فسادًا. ولم يكن اللبنانيون بانتظار وثائق النائبين حسن فضل الله وابراهيم كنعان حول الحسابات المالية المغلوطة والتوظيفات الإنتخابية ليقطعوا شكّهم باليقين.
Advertisement

هذا "الإكتشاف" العظيم للفساد يختبره اللبنانيون في يومياتهم، مع كلّ مرة يتجرأون فيها على الوصول بمريضهم إلى طوارىء إحدى المستشفيات بجيوب فارغة، وبلا بطاقة صحية لا زالت تجول بين لجنة نيابية وأخرى منذ سنوات بانتظار حلّ معضلة تمويلها. ويختبرونه أيضاً في قطاعٍ كهربائي تُصرف له مليارات الدولارات من جيوبهم ولا يجنون سوى العتمة. لبنانيون بعضهم يلهث وراء طلبات الهجرة، وبعضهم يرمي محصوله الزراعي المكدّس، وآخرون يقفلون مؤسساتهم المفلسة ويطردون العاملين. وفي المقلب الآخر لبنانيون أيضا من طائفة المفسدين يلوثون البحر والأنهر والمياه الجوفية بنفاياتهم، ويستدعون الأمراض المستعصية ولا من يوقف إجرامهم، يبرعون وبنجاحات قلّ نظيرها بصنع ثروات وبفترات زمنية قياسية، فيتفوقون على خطط ماكيزي في تحقيق الربحية الفائقة السرعة، في وقت لم نعد نسمع بالخطّة التي قدّمتها ماكيزي للبنان البلد المأزوم ودفعنا لبارعيها ما طلبوه من مليارات من جيوبنا. 

اللبنانيون ليسوا بحاجة إلى من يخبرهم عن حجم الصفقات وسرقة المال العام، بل هم بحاجة أن يصدّقوا أنّ هؤلاء السارقين والمرتشين إمّا حلت عليهم نعمة التوبة بين ليلة وضحايا، وإمّا ارتضوا بمبدأ المحاسبة وقرروا أن ما جنوه لغاية اليوم من ثروات يكفي، ولم تعد نفوسهم القنوعة بحاجة إلى المزيد، فانخرطوا جميعها في الحرب الكلامية ضد الفساد.

بعبارة أخرى لن يصدّق عاقل أنّ حملة القضاء على الفساد انطلقت في لبنان، وأنّ الفاسدين لن يجدوا من يحميهم بعد اليوم، وأنّ السلطة القضائية ستنتفض على السلطة السياسية، وستقفل بوجهها خطوط الهاتف، وتوصد الأبواب أمام أيّ محاولات لتغطية الفاسدين، وأنّ المعركة ستودي برؤوس كبيرة وصغيرة إلى حيث المقصلة، لتُحاسب عما اقترفته بحق وطن وشعب ومؤسسات.

جردة الفضائح حتى وإن وضعت بعهدة قضاء جريء ونزيه لن تكون سوى معركة أشباح، وسنبقى نسمع جعجعة ولا نرى طحينًا، ما لم تتوافر المقومات الثلاثية للمعركة، التي تبدأ بتوافر إرادة سياسية جامعة بعيدًا عن نوايا تصفية حسابات من فريق ضدّ آخر، وضغط شعبي مترافق ووعي جماعي لتطويق محاولات مذهبة وتطييف القضايا، وتفعيل إجهزة الرقابة ومدّها بالكادر البشري والتقني وبالصلاحيات اللازمة. فإلى ذاك اليوم سنبقى نتطلع مع علمنا أنّه لا زال بعيدَ.     
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك