Advertisement

لبنان

هؤلاء هم الفاسدون: ح.خ - ط.ظ - ص.ض - ر.ز- س.ش!

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
23-03-2019 | 01:09
A-
A+
Doc-P-569171-636889255322970976.jpg
Doc-P-569171-636889255322970976.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم نشك يومًا بأن ثمة إرادة لدى جميع المسؤولين في مكافحة الفساد. ولم نشك أيضًا بأن لا بدّ من إتخاذ الإجراءات الرادعة لوقف الهدر والسرقات. ولم نشك بأن الفساد المستشري هو علّة العلل. ولم نشك بأن بناء الدولة، أو إعادة بنائها يجب أن يكون على أسس واضحة وسليمة. ولم نشك، ولو للحظة، بأن لا مكان للفاسد في الإدارات العامة، بل في مكان آخر.
Advertisement

ومع كل ذلك نسمح لأنفسنا بأن نشك بالتوقيت، الذي دفع برافعي لواء مكافحة الفساد في هذا الوقت بالذات، مع العلم أن الفساد ليس بالأمر الجديد، وهو كان منذ أن كانوا هم في السلطة. ومع ذلك لم يحرّك أحد منهم ساكنًا وتركوا الأمور تتفاقم إلى أن وصلت الحال إلى ما وصلت إليه.

فالشك بالنوايا حق لكل مواطن، لأنه سيقود حتمًا إلى اليقين، على ما كان يقوله ديكارت. من هنا نسأل مع المواطن، الذي يحلم بأن يرى إدارات الدولة "نظيفة" من كل ما يسيء إلى سمعتها، مع التأكيد أن ثمة موظفين، وهم الأكثرية، غير فاسدين ولا مفسدين، لماذا تُرك الفلتان على غاربه حتى الساعة، ولماذا لم نكن نسمع بكل هذه التصريحات المطالبة بإجتثاث الفساد من جذوره من قبل، وقد أصبحت هذه النغمة على كل لسان مسؤول وشفة كل نائب، حتى أن كلمة فساد وردت في جلسة منح الثقة للحكومة أكثر من ألف مرّة؟

كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير نوردها عن حسن نية، وربما يطرحها البعض عن سوء نية لغايات في نفس يعقوب، ولكن النتيجة تصّب في النهاية في مكان واحد، خصوصًا عندما يُجهّل الفاعل ويصبح الفاسد من دون إسم ومن دون هوية ويتحّول إلى نوع من الالغاز أو ما يشبه الكلمات المقاطعة أو الحزازير والفوازير، فيصبح السارق والمرتشي والمزِّور مجردًّا من الالقاب والصفات، وتكثر الرموز لتصبح الأحرف الأولى للفاسدين تنطبق على كل مواطن يصادف أن يبدأ إسمه بحرف الحاء وإسم عائلته بحرف الخاء أو الثاء أو التاء، وبذلك يصبح جميع الذين يحملون هذه الأحرف متهمين بالفساد أمام الناس.

ما يقوم به المسؤولون في الدولة اليوم سبقهم إليه كثيرون من قبلهم، وكانت تطلق على هذه الحملات أسماء أخرى كـ"التطهير" مثلًا، أي تطهير الإدارات من الفاسدين، فكانت النتيجة أن مطلقي هذه الحملات ذهبوا وطواهم النسيان فيما بقي الفاسدون يسرحون ويمرحون، وهم لم يكونوا ليجرأوا على التمادي في فسادهم لو لم يكونوا "مغطيين" ممن هم "أكبر" منهم، وفي أيديهم مفاتيح الحلّ والربط.

فمكافحة الفساد لا تكون بالتفتيش عن أكباش محرقة، وهم في النهاية إما ضحايا وإما أدوات تنفيذية لمن يعتبرون أنفسهم فوق القانون.
الفساد يُكافح بشطف الدرج من فوق، وعدم التمييز بين الفاسدين الصغار وبين الفاسدين الكبار، لأن فساد السمكة يبدأ من رأسها وليس من ذنبها.
وعلى رغم كل ذلك، لا نزال نؤمن بأن ثمة إرادة لدى بعض المسؤولين بإصلاح ما أفسده الدهر والعطّار معًا، ولكن ليس بهذه الطريقة، التي تبقي الفاسد مختبئًا وراء الأحرف الأولى لإسمه.
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك