Advertisement

لبنان

العسكريون المتقاعدون.. الثورة لن تقف عند حدود

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
20-04-2019 | 02:00
A-
A+
Doc-P-579080-636913437256465736.jpg
Doc-P-579080-636913437256465736.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
للمفارقة، أن المكونات السياسية الاساسية كافة انبرت للدفاع عن الإجراءات القاسية التي ستطال "جيب المواطن العادي"، والتي تجري مناقشتها من أجل تخفيض العجز في الموازنة ربما لان هذه الطبقة السياسية الحاكمة مبنية بالاصل على شبكة مصالح ما بين اصحاب النفوذ واصحاب الاموال، ولم ترتكز يوما على العدالة الاجتماعية. فالسلطة وليس الدولة في لبنان مبنية على المحاصصة الطائفية، فضلا عن القصور في التخطيط الاستراتيجي والحوكمة الرشيدة. 
Advertisement
 
لا ريب أن ثلاثة محاور أساسية تضمنها البيان الوزاري ترتبط ارتباطاً مباشراً بحقوق العسكريين المعنوية والمادية، بدءا من الاعلان عن نية الحكومة إصدار قانون عفو شامل يجب أن يستثنى منه قتلة ابطال الجيش اللبناني، النية لتعديل النظام التقاعدي، والنية لخفض عجز الموازنة من خلال خفض تكلفة الرواتب والاجور في القطاع العام وفي التقاعد.

ومن هنا يمكن القول، بحسب  العميد الركن الطيار المتقاعد اندره أبو معشر، أن ما تسعى السلطة لتنفيذه سيطال عسكريي الخدمة الفعلية والمتقاعدين ضمناً عائلات الشهداء والمعوقين على حد سواء.

وللحؤول دون إقرار أي اجراء تعسفي بحقهم يعمل العسكريون على خطين متوازيين: الأول التحركات المطلبية والتي ستزداد وتيرتها وحجمها وستتنوع اساليبها في الايام القريبة المقبلة، والثاني تمثل باطلاق الكتلة النيابية للدفاع عن حقوق العسكريين والتي ضمت النواب الضباط الستة وستضم مستقبلا كل النواب الذي يؤمنون بأن صون حقوق من تعمدت تضحياتهم  بالدم والشهادة هو واجب وطني مقدس، يقول ابو معشر لـ"لبنان24".

وعليه، فإن تحركات العسكريين المتقاعدين كافة تندرج تحت عنوان معركة "حق العسكر خط احمر" والرسالة التي أرادوا ايصالها بحسب ابو معشر تلخص بما يلي: اذا ارادت السلطة جس نبض الشارع واختبار ارادة المتقاعدين، فما جرى نهار الثلاثاء في 16 نيسان 2019 جاء تحت عنوان فليسمعوا جيدا وليتعظوا. وهذه التحركات هي محاولات استباقية للحؤول دون وقوع المحظور حيث أن أي قرار للاقتطاع من رواتب أو حقوق موظفي القطاع العام وخاصة عسكريي الخدمة الفعلية والمتقاعدين سيؤدي الى ثورة قد لا تقف عند حدود رفض ما يحاك لنا إنما قد تتخطى حدود فرض الارادة اذا جاز التعبير.

يعي العسكريون كافة الازمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها البلد، ويعون أنه من واجبهم المشاركة في تحمل المسؤولية الوطنية لكنهم يطالبون الدولة ايضا، بحسب ابو معشر، باعلان حالة طوارئ تقشفية لوقف مزاريب الهدر والتهرب الضريبي وغيرها من الاجراءات التي من المتوقع ان تؤمن الوفر والايرادات لتفطية عجز الموازنة وتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب.

التدبير رقم 3 لمستحقيه فقط
واذا كان التدبير رقم ثلاثة يُمنح وفقا للحالة الامنية التي تنتشر فيها الوحدات العسكرية، ويُمنح ايضا لكافة الوحدات الامنية من الاسلاك الامنية الاخرى والتي تنفذ مهام امنية تحت اشراف قيادة الجيش، فإن قانون الدفاع الوطني يحدد قواعد وأصول منح الضمائم الحربية بشكل عام والتدبير رقم ثلاثة بشكل خاص.  ولذلك فإن المطلوب اليوم، بحسب ابو معشر، التقيد الحرفي بتطبيق هذه القواعد المنصوص عنها لا بإلغائها وهذا وحده كفيل بتحقيق الوفر المطلوب واهمها العدالة في منح هذا التدبير لمستحقيه حصرا. وإذا ارادت السلطة، في أسوا الاحوال، وقف هذه التدابير، فعليها تطبيق قواعد تقديم البدل العادل عن ساعات العمل الاضافية للعسكريين أسوة بموظفي القطاع العام.

من المؤسف أن النسب المتدنية في السلسلة والتي منحت للعسكريين في الخدمة الفعلية والتقاعد جاءت على قاعدة ان العسكريين ينالون تقديمات ومنحا خاصة. وجاءت السلطة اليوم لتبشرهم بنيتها بخفض هذه التقديمات. لذلك المطلوب اليوم، بحسب ابو معشر، وفي حال قررت السلطة حفض أو وقف هذه التقديمات، اعادة النظر في النسب الممنوحة للعسكريين تحقيقا لمبدأ العدالة والمساواة. ففي الحقيقة إن ما يناله العسكريون من تقديمات ومنح هو نفسه أو اقل مما يناله معظم موظفي القطاع العام، لكن الدولة تتعاطى مع هذا الموضوع على قاعدة العدد وليس على قاعدة الحق، وتغفل احيانا السلطة في زمن السلم عن أهمية المنح والتقديمات التي ينالها العسكري بسبب تضحياته في زمن الحرب.

من الناحية القانونية التشريعية، فإن أي تعديل لقواعد التعاقد يجب أن تطبق على المتعاقدين بعد اقرار التعديل الذي يجب أن يكون مبنياً على مجموع العوامل الاقتصادية والاجتماعية للدولة اللبنانية وليس ان يكون مستقى ومستوحى من قوانين دول اقل ما يقال فيها انها تحترم مواطنيها وحقهم بالعيش الرغيد بعد التقاعد.

وسط ما تقدم، قد يكون تاريخ إقرار الموازنة في مجلس الوزراء أحد محطات التصعيد، ومن الطبيعي أن العسكريين المتقاعدين سيلجأون الى التحرك فور إقرار أي مشروع يطال حقهم لا سيما انهم، وفق ابو معشر، على جهوزية دائمة لتعطيل أية محاولة للانتقاص من حقوقهم.

وعليه، فإن تحركات هذا الاسبوع قد اتت ثمارها، يقول أيو معشر، بحيث أن مبدأ تجميد السلسلة او الاقتطاع ما نسبته 25% من الرواتب قد تم سحبهما من التداول. وبالفعل فقد نفى وزير المالية علي حسن خليل ان يكون هذا الطرح قد تم طرحه اصلا. وسبق ذلك انه سارعت جهات اخرى الى تجميل الطرح من خلال الايحاء بانه كان موجها اصلا وحصرا لذوي الرواتب العالية وسيكون على شكل استدانة مع فوائد وعلى مدى ثلاث سنوات.

واذا كان ما طرحه وزر المالية عبر قناة  الـ mtv يبشر بالخير لجهة ضبط الشوائب في الانفاق على الرواتب او غيرها، بيد أن العسكريين المتقاعدين يعودون بالذاكرة الى عشية اقرار السلسلة التي أقرت على قاعدة الإجراءات الإصلاحية الجذرية. والتساؤلات المطروحة كثيرة بحسب ابو معشر، فلماذا مثلاً لم تطبق المقترحات الجريئة والمتقدمة والتي تقدم بها وزير المالية بالأمس على السلسلة التي سبق وأقرت؟ الجواب بسيط لان السلسلة أقرت على عجلة  ولم يكن الهدف منها الاصلاح انما الرشوة الانتخابية، مع تأكيده أن العسكريين المتقاعدين كانوا اول من اطلق صافرة الانذار. فمن سنتين حاولوا منع اقرارها ولغاية تاريخه يحاولون اصلاح الخلل فيها.

وعليه، فإن الثقة بأداء السلطة السياسي باتت معدومة. فهي تتعاطى مع الحقوق بمنطق البازار التجاري غير المستند الى قواعد علمية اقتصادية او دون دراسة الاثر الاجتماعي ولا تقيم وزنا للعدالة والمساواة ولا تعنيها عدالة التشريع او دستورية القوانين، يؤكد ابو معشر. ومن هنا فان العسكريين المتقاعدين متأهبون للدفاع عن الخط الاحمر في الزمان والمكان والاسلوب المناسب ومهما بلغت التضحيات.

ولما كانت الدولة تفتقد الى منصة تحاكي مؤسسات الامن القومي والتي تعنى عادة بوضع الاطر العامة للسياسات الدفاعية الاقتصادية والاجتماعية، رغم تشكيل المجلس الاقتصادي  الذي لا يزال دوره في طوره الاستشاري غير الملزم وغير الفعال، فإن تطوير القوانين وإصلاح النظام التقاعدي هو أحد بنود البيان الوزاري وهو مطلب محق.  لكن الخوف، بحسب ابو معشر، أن يتوجس العسكريون في الخدمة الفعلية وفي التقاعد وأن ينتج عن اقرار هذا التعديل المزيد من المظلومية والاجحاف بحقهم. فالجندية هي رسالة، إنما عندما يتطوع العسكري فإنها تكون على قاعدة سعيه لتامين مهنة تحقق له الاستقرار الوظيفي والمعيشي. وستبقى وستزداد نسبة الراغبين للتطوع طالما ستزداد كل يوم نسبة البطالة وحجم الطبقة الفقيرة، لكن اللافت أن فئة من الشباب اللبناني ومن طوائف محددة تحجم عن التقدم للتطوع مما ادى الى اختلال كبير في التوازن الطائفي داخل المؤسسات الامنية.

يبقى الاكيد أن أي قرار غير مدروس سيؤدي الى اتساع حجم الطبقة الفقيرة لانه سيطال ذوي الدخل المحدود وسيكون له تداعيات كارثية على امنهم الاجتماعي وعلى الاستقرار الامني في البلد ككل وستتسع بنتيجة ذلك البيئة الحاضنة للارهاب وسيصبح البلد مكشوفاً امنياً مما سيحتم رفع الجهوزية للقوى الامنية وسترتفع بنتيجة ذلك التكلفة المالية لهذه الجهوزية.

بالمختصر ومنذ تاريخ انتهاء الحرب الاهلية ، فإن الدوران في ظل سياسات الدائرة المفرغة سيد الموقف. والمفارقة الوحيدة تتمثل بالتضاؤل المستمر لقطر هذه الدوائر الذي سيصل وقريبا جدا الى لحظة الانفجار الكبير.


المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك