القاعدة العامة تقول أن "الضغط يولد الإنفجار"، وفي المنطقة الكثير من الضغوطات والتشنجات السياسية والاقتصادية التي قد تؤدي إلى وقوع انفجار على شكل حرب عسكرية، وهذا ما يتوقعه البعض الكثير من المتابعين.
لكن ماذا إذا لم يكن الضغط وحده هو الذي سيؤدي إلى اندلاع الحرب؟ وماذا لو كانت جميع الأطراف تجد نفسها مستفيدة من نشوب معركة عسكرية؟
لم تكن معركة غزة الأخيرة خارجة عن السياق العام للتطورات الإقليمية المتسارعة، فكل التوقعات كانت توحي بأن إيران لن تسكت عن العقوبات الأميركية عليها، وستسعى إلى ممارسة ضغط مضاد، ووفق مصادر مطلعة فإن المعركة العسكرية في غزة تصبّ في المصلحة الإيرانية، لأن إيران تحاول التصعيد في وجه حلفاء واشنطن، والإيحاء بأنهم معرضون للنار في حال ارتفاع وتيرة الضغط الأميركي عليها وعلى حلفائها.
وأشارت المصادر إلى أن إيران تجد في إشتعال الحرب بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، من شأنه ان يؤدي إلى نتيجة أساسية، هي تجييش الرأي العام العربي وعرقلة أي إعلان وتسييل لصفقة القرن، لأن الشارع العربي لن يعود جاهزاً لأي مبادرة بهذا الخصوص، الأمر الذي قد يخفف عنها عبء عرقلة الصفقة بوسائل وساحات أخرى.
وترى المصادر أن طهران تحاول إشغال إسرائيل في جبهات متعددة، وإستنزافها لمواجهة الإستنزاف التي تقوم به إسرائيل لإيران في سوريا، وعبر العقوبات الأميركية، لذلك قد تستفيد إيران من انشغال إسرائيل بحرب القطاع، ليصبح لديها هامشاً أوسع للتحرك في سوريا.
من جهة اخرى، لا يبدو أن إسرائيل غير مستفيدة من الحرب، بل على العكس، فهي ترى في كسرها لحركة حماس، مقدمة عملية لمشروع المواجهة مع إيران، وكسر اليد الإيرانية الطولى داخل الأراضي المحتلة، مما يجعلها تتفرغ للمعركة مع "حزب الله"، او الأصح المعركة في الجبهة الشمالية (جنوب لبنان والجولان).
وتعتبر المصادر أن إسرائيل تحاول بدورها الاستمرار في مسار إضعاف قدرات الصمود لدى المجتمعات المعادية، فبالإضافة إلى العقوبات والحصار الاقتصادي، تسعى إلى إثارة البيئات الحاضنة ضدّ حركات المقاومة، ولذلك تدأب إسرائيل دائما على تدمير غزة، لزيادة الضغط على المدنيين وإثارتهم ضدّ حركة حماس.
لكن، ووفق المصادر نفسها، بالرغم من أن الطرفين يجدان مصلحة من الذهاب إلى الحرب، غير أنهما يتجنبانها، نظراً لمخاوفهم من نتائجها، فإسرائيل لا تزال قلقة من جبهة "حزب الله" وتحاول عدم الدخول في جبهات جانبية وكذلك المحور الإيراني الذي يرى نفسه غير مستعد لحرب قد تدفع نحو حرب شاملة في ظل إستمرار الحرب على اليمن وسوريا.