لم تخرج زيارة نائب وزير الخارجية الاميركي دايفيد ساترفيلد لبيروت من المسار الموضوع لها، والذي كان مرسوماً منذ ما قبل الإنتخابات الإسرائيلية، إذ أن التعنّت الإسرائيلي والدعم الأميركي "الفج" له ضد لبنان آنذاك، كان يخدم سياسة نتنياهو الإنتخابية.
يومها علقت المساعي الأميركية في مسألة الحدود البحرية، وضرب وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو موعداً لـ"مبعوثين" أميركيين سيعودون للحديث عن الترسيم بعد أسابيع.
أمس، جاء ساترفيلد بإيجابية وحيدة هي التنازل الإسرائيلي عن شرط التفاوض المباشر مع لبنان، وتم الإتفاق على تفاوض غير مباشر برعاية الأمم المتحدة.
لكن ساترفيلد الذي وصل إلى لبنان، حاملاً ملفه الأساس (ترسيم الحدود) ورسائل أخرى متفرقة حاول ضرب عصفورين بحجر التنازل الإسرائيلي، وبحسب المصادر فإنه حمل معه ملحقاً على الملف الرئيسي، حيث حذر من تحويل لبنان إلى عراق ثانٍ.
وأشارت المصادر أن واشنطن ترى أن إيران تحاول إيصال رسائل واضحة المعالم عبر الساحة العراقية، وعبر إستهداف السفارة الأميركية من جهة، وعبر تهديدات الفصائل العراقية القريبة من إيران للقوات الأميركية، وصولاً إلى فتح باب التنسيق بوساطة الحكومة العراقية.
لكن واشنطن تجيب أن الورقة الإيرانية في لبنان أخطر بكثير من الورقة العراقية، فإذا كانت بعض الميلشيات العراقية قد تستهدف قاعدة أميركية، فإن "حزب الله" في لبنان قد يستهدف إسرائيل وقد يجرها إلى حرب، إذ إن إسرائيل التي قد تسمح بكسر قواعد الإشتباك مع "حماس" في غزّة، لا تحتمل كسر قواعد الإشتباك في جنوب لبنان وتالياً ستصبح مجبرة على الردّ.
وترى المصادر أن واشنطن تتوقع ردوداً إيرانية على العقوبات الإقتصادية في أكثر من ساحة، أولاً في افغانستان والعراق، وثانياً في اليمن ومضيق هرمز، وأخيراً في غزّة ولبنان، لذلك أرفق ساترفيلد إيجابيته في موضوع ترسيم الحدود بتحذير من دخول لبنان إلى ملعب التوترات الإقليمية بين الولايات المتحدة وإيران.
ولفتت المصادر إلى أن واشنطن ستحاول عزل لبنان عن الصراعات في المنطقة، وإحداث شرخ بين صورة "حزب الله" بوصفه حركة مقاومة لبنانية، وبين صورته بوصفه جزءاً من المشروع الإيراني الإقليمي.