Advertisement

لبنان

نواف الموسوي.. أبٌ مهزوم أم مسؤول "مستقوي"؟

ايناس كريمة Enass Karimeh

|
Lebanon 24
15-07-2019 | 01:19
A-
A+
Doc-P-607207-636987757570419917.jpg
Doc-P-607207-636987757570419917.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
أثارت قضية السيدة "غدير الموسوي" موجة غضب عارمة لدى الرأي العام الذي تفاعل إيجابياً بغالبيته مع موقف والدها عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب نواف الموسوي معتبراً أن مشاعر الأبوّة لا تخضع لضوابط المراكز والسلطة وقد يحدث أن تتفلّت في كثير من الأحيان من قبضة العقل الذي ينهار أمام حقّ الأبناء على آبائهم في الدفاع عنهم وحمايتهم تحت اي ظرف وبشتّى الوسائل والسبل. 
Advertisement

وإذ أيّد معظم روّاد مواقع التواصل الاجتماعي ردّ فعل النائب الموسوي الذي وصفه البعض بالشجاع، حيث لاقى دعم عدد كبير من المسؤولين والاعلاميين في لبنان، الا أن آخرين قد ذهبوا الى استنكار ما حصل معتبرين أن الأخير قد تخطّى القانون متسائلين: ماذا لو أن مواطناً عادياً واجه الموقف نفسه واضطر أن ينفّذ بيده العقوبة على المعتدي بمنأى عن دولة القانون وعلى مبدأ "عينٌ بعين"؟ 

مما لا شكّ فيه أن ما تعرّضت له غدير الموسوي يحمل من البشاعة ما يكفي لأن يظهّر جزء من معاناة المرأة في مجتمعاتنا الشرقية المحكومة بالذكورية والتي تمنح الرجل تفويضاً بتهذيبها وتأديبها بدون أي ضوابط انسانية أو حدود اخلاقية تردعه عن إهانتها وذلك من خلال استخدام العنف بجميع أشكاله سواء لفظياً او جسديا، والأهم من ذلك كله انعدام القوانين التي تعاقب الرجل على اقترافه نوعاً من أنواع الجرائم المبطنة بغلاف الرجولة! 

وبمعزل عن تعدّد الروايات التي أحاطت بواقع الحادثة، الا أن ما شاهدناه بأم العين عبر تسجيل مصوّر يمثل ظاهرة اجتماعية في معظم الدول العربية ويجسّد ثقافة الذكورية الشرقية بأبشع المفاهيم وأقساها على الإطلاق والتي في أغلب الحالات يقابلها صمتٌ مهين من قِبل المرأة المعنّفة التي تخشى أن تبوح بعذابها لئلا تزداد عليها نقمة الرجل فيعاقبها بسوط العيب على خطيئة رفضها للخضوع. 

وإن كنت أرفض أن تبنى أساسات المجتمع على قاعدة "شريعة الغاب" حيث يلجأ أهل المعتدى عليها الى الثأر وفق مبدأ "البادىء اظلم" ما من شأنه أن يؤدي الى امتناع البعض عن الاحتكام الى دولة القانون، الا أن اهتزاز ثقة هؤلاء بالأجهزة والقضاء يلعب دوراً أساسيا في الوصول الى غلبة "حقّي بإيدي" والذي غالباً ما يبدو نابعاً من الشعور بالغبن تجاه تقصير الجهات المختصة في الوقوف أمام مسؤولياتها وفرض أشدّ العقوبات على كل رجل يتجرّأ على تشويه امرأة من الداخل قبل الخارج عبر التطاول عليها سلوكياً باللفظ او برفع اليد، فيستبيح كرامتها وجسدها ويطلق العنان لوحش ذكوريته فينهال عليها بهمجية التهديد او الضرب، وفي كلتا الحالتين فإن الأداء يصبّ في خانة العنف البغيض. ومن هُنا، فإن النائب نواف الموسوي الذي اختاره الشعب ممثلا عنه، لا يجوز أن يشكل مثالاً لتخطّي القوانين والذي يعطي الحق للفرد بردّ الصاع إن لم تتحرك الدولة لدفع الخطر والأذى عنه، بل كان من الواجب عليه أن يلتزم مبدأ تحقيق العدالة ويسعى الى انصاف ابنته تحت سقف القانون ويبتعد عن الصورة النمطية للمسؤول "المستقوي" في لبنان ولكن وفي الوقت عينه فإن الموسوي وبمعزل عن موقعه السياسي هو أبٌ طعنه جُرح ابنته في صدره، فتأججت عاطفته الأبوية واندفع ليقف على واجباته تجاه من يصوّرها المجتمع جناحاً ضعيفاً، وهبّ لحمايتها واسترداد حقّها. كيف لا؟ والاب هو العزوة والسند والعمود الفقري لأبنائه. كيف لا والأب مهما بلغت مرتبته وسلطته يسقط مهزوماً عند اول ارتجافة خوف أو دمعة قهر تسيل من عين فلذات كبده وتسقط معه كل القوانين والاعراف والمفاهيم.  

بوركت يداه اللتان دافعتا عن كرامته وكرامة ابنته وعسى ان تشكّل هذه الحادثة حافزاً لتبني مشروع قانون "حماية المرأة من العنف" وإجراء بعض التعديلات على قانون الأحوال الشخصية لإنصافها ومنحها أبسط حقوقها في الحياة.



المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك