يواصل مجلس الوزراء البحث في موضوع الموازنة، سعياً الى الانتهاء منها في موعدها الدستوري اي في 15 من الشهر الجاري وصولاً الى 22 منه كأبعد تقدير. الاّ ان موضوع الاصلاحات لا يزال يستحوذ على الكثير من الأخذ والردّ وسط صعوبة في اقراره نظراً لضيق الوقت.
وفي هذا الاطار، كشفت المصادر لصحيفة "اللواء" ان مجلس الوزراء لم ينته بعد من دراسة أرقام الوزارات بشكل كلي، لا سيما وان وزير المال وعد باطلاع الوزراء في الجلسة المقبلة التي حددت عصر الاثنين المقبل على كامل أرقام موازنات الوزارات بعدما تمّ تعديلها، موضحة بأن نقاشاً جرى في بعض النقاط المقدمة من بعض الأطراف، وتم التوافق على بعضهاو تأجيل البعض الآخر.
وبحسب المعلومات، فإن الحزب يرفض الالتزام بأي ارتباط باصلاحات مسبقة، خصوصاً وأنه يرى ان لا تأثير مباشراً حالياً لهذه الإصلاحات على الموازنة.
ولفتت المصادر الى ان النقاش الاساسي في الجلسة المقبلة سيتركز على موضوع المؤسسات العامة، والتي يجب ان يتم الغاء قسم كبير منها، خصوصا ان عددها يتجاوز المئة مؤسسة حسب ما اظهر وزير المال، وتعتبر ان هناك الكثير من المؤسسات لا جدوى من بقائها ويجب اتخاذ الاجراءات اللازمة لالغائها، اما اذا كنا بحاجة لها فيجب الحاقها بالوزارات المعنية ويجب ان تخضع للرقابة الكاملة من خلال ضبط نفقاتها ام ربما تشرك وتخصص.
وتؤكد المصادر ان هناك توافقا على المبدأ ولكن لا توافق حتى الان على المؤسسات التي يجب الغاؤها، وترى المصادر ان هناك 15 مؤسسة على الاقل يمكن الاستغناء عنها فورا.
سجالات بالجملة
وشهدت مناقشات مجلس الوزراء أمس حول مشروع الموازنة مستوى لافتاً من السخونة. وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن الموازنة بالأرقام أنتهت، لكن التخبط مستمر في الاصلاحات، ومجلس الوزراء سيعود الاثنين ليعرض تقارير الوزراء عن دمج مؤسسات عامة أو الغائها.
وأعلنت ان فريقي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" يصران على ادراج الاصلاحات في صلب الموازنة، فيما فريق آخر يعتبر ان اصلاحات مثل إنهاء خدمة مؤسسات تحتاج الى إصدار قوانين ومسار زمني طويل. أما وزير المال علي حسن خليل فيصر على احالة الموازنة كما هي ضمن المهلة الدستورية. وهو وفريقه يعتبران الاصلاحات عناوين فضفاضة بعضها يحتاج درسها الى أشهر. وبتوجيه من رئيس الوزراء اتفق على التزام الحكومة الإصلاحات في فذلكة الموازنة.
وتحدثت المصادر عن سجالات عدّة شهدتها جلسة مجلس الوزراء أمس في مسائل مختلفة:
- سجال حول الإيرادات بين فريق دعا الى زيادة المحسومات التقاعدية، التي رفضها وزراء "أمل" و"حزب الله"، ووزراء اقترحوا رفع تعرفة الكهرباء التي رفضها الوزير جبران باسيل.
- سجال حول التدخل التركي في سوريا. فالوزير وائل أبو فاعور انتقد مخالفة بيان وزارة الخارجية للنأي بالنفس، فيما انتقد باسبل منطق ابو فاعور، كأنه يؤيد الهجوم التركي على دولة عربية.
- سجال حول طرح باسيل ان تكلف الحكومة شخصاً زيارة سوريا للبحث في ملف النازحين والمعابر، فرد عليه الوزير كميل أبو سليمان: "خلي الوزراء اللي بيطلعوا على سوريا هني يعطوا مواقفن ونحنا نضل على الحياد لنضل حاسبين خط الرجعة".
- سجال حول التعامل مع النظام السوري في شأن معبر البوكمال، الذي رأى فيه الوزيران محمد فنيش وباسيل مصلحة اقتصادية لتخفيف الرسوم على الشاحنات.
وفي هذا الاطار، لفتت صحيفة "الأخبار"الى ان الوزير محمد فنيش وضع مسألة انعكاس فتح معبر البوكمال بين سوريا والعراق كمعطىً وجب على الحكومة التعامل معه. كلام فنيش، الذي طرحه من خلفية اقتصادية، أحدث لاحقاً سجالاً كبيراً بين الوزراء، اشترك فيه الحريري، الذي طلب أن لا يخرج الأمر إلى الإعلام. لكن على الرغم من تمنّيه، حاول الوزير وائل أبو فاعور ووزراء القوات استثمار ما حصل في الجلسة لتحويله إلى "انتصار" شعبوي إعلامي.
وبحسب المعلومات، فإن فنيش اقترح أن تتم الاستفادة من فتح المعبر عبر الانفتاح على السوق العراقي الكبير، وخصوصاً أن المنتوجات اللبنانية مطلوبة عراقياً، والتكلفة عالية لمرور البضائع عبر معبر نصيب الأردني (في جنوب سوريا)، والتي تصل إلى 1800 دولار للشاحنة الواحدة، كما أكد وزير الزراعة حسن اللقيس. وطَرْحُ فنيش الذي يقوم على أساس أن الحكومة معنية بمعالجة هذه المسألة مع سوريا، أيّده سريعاً وزير الخارجية جبران باسيل، الذي كشف أنه تحدّث بالأمر مع الحريري قبل يومين واقترح أن يتمّ تكليف وزير محدّد بشكل رسمي من قبل الحكومة للتفاوض مع سوريا. بدوره، أكّد الحريري أن الوزير يوسف فنيانوس كان قد فاتحه بالموضوع قبل أسبوع. بينما لم يتوقّف وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد منذ أشهر عن طرح موضوع نصيب، ولاحقاً البوكمال، في التداول الإعلامي، مطالباً بالحوار مع سوريا بشأن تفعيل هذه الخطوط التجارية المهمة.
وعلّق الوزير فنيش في اتصال مع "الأخبار" على ما دار في الجلسة، مؤكّداً أن "بعض الفرقاء يعيشون في أوهام وعصبيات ولا تفرق معهم مصلحة البلد". وقال وزير الشباب والرياضة: "نحن كفريق سياسي مستهدفون أميركياً بشكل مستمر، ومع ذلك لا نطالب الحكومة بمواجهة هذا الاستهداف، وعندما يطرح أحد مسألة تخصّ العلاقة مع أميركا ويقول لنا من أجل مصلحة البلد، فنحن لا نعرقل، مع اقتناعنا بأن كل ما يأتي من أميركا ضد مصلحة البلد. انطلاقاً من هذا الموقف، طرحنا ضرورة بحث مسألة معبر البوكمال مع سوريا، لكن يبدو أن البعض يسعى إلى القول إنه "يتصدّى"، لا نعرف يتصدّى لماذا أو لمن؟".