Advertisement

لبنان

طرابلس أيقونة الثورة وعلامتها الفارقة

نسرين مرعب

|
Lebanon 24
22-10-2019 | 05:45
A-
A+
Doc-P-637830-637073451735138415.jpg
Doc-P-637830-637073451735138415.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
"الثورة" في طرابلس مختلفة، وكأنك تسأل متى نهضت هذه المدينة المنكوبة من ركامها؟ متى خلعت عنها ثوب الحزن والإحباط والاستسلام.. وأين كان كلّ هذا التمرد نائماً!
في لحظة، اتخذت طرابلس قرارها، من دون تنسيق، أو تخطيط مسبق، اندفع الجميع إلى ساحة النور، شبان وشابات، عجزة وأطفال، ترّاصوا معاً بصوت واحد، تآخوا، وحملوا لواء المدينة، وهم ورثة تاريخها ومجدها وحافظو وصايا الأباء، الذين كانوا يعيشون معًا لا يفرق بينهم إختلاف العقائد.
Advertisement

المشهد في طرابلس هو الأجمل، ليس لأنّها مدينتنا، ولكن لأنّها انتفضت على نفسها قبل سياسييها، مستعيدة بذلك زمنها الجميل، متحررة من كل الحقبات السوداء التي تركت ثقلها على قلوب ساكنيها.. صور الفقر لم تعد هي صورة طرابلس، ولا المباني التي خردقها الرصاص. تهمة التطرف باتت "مضحكة" ومهزلة، وتهميش المدينة لم يعد ممكناً، فصوتها وصل من ساحة النور إلى كل لبنان وإلى كل الدول.

طرابلس بمتظاهريها الذين حملوا فقط العلم اللبناني، سرقت اهتمام الإعلام محلياً وعربياً ودولياً، فتصدرت صورتها "الواشنطن بوست"، وتحوّلت إلى حديث الساحات، حتى تمنّى بعض اللبنانيين لو أنّهم من شوارعها، ولعلّ هذه النقطة التي"تكبّر القلب"، فطرابلس الخجولة التي كان البعض يخشاها منذ أسابيع قليلة، هناك اليوم من يتمناها مدينته، من يتمنى أن يشارك شعبها "ثورته".
 
 
"ثورة الفرح"!

طرابلس التي أطلقت سابقاً "ثورة الجياع"، و"ثورة المحرومين"، لم تعد تألف سياسة النواح وجلد الذات، وهذا ما ميّزها اليوم، فهي لا تبكي .. بل ترقص، لا تقف على الأطلال بل تهتف للمستقبل.. لا ترتهن لا لحراس الهيكل ولا لـ"أبواق" السلطة، بل تثور عليهم وعلى موروثاتهم رقصاً وغناءً وفرحاً.


المشهد في ساحة النور مذهل، ساحة كبيرة ومجموعات صغيرة تعبّر عن نفسها بأساليب مختلفة، هنا من يهتف ضد السلطة، وإلى جانبهم شبّان وشابات يدبكون على الأغاني الوطنية، في الخلفية شاحنة صغيرة تبث أغاني حماسية وحولها شبان يرقصون.
هناك في الساحة من التف فقط بالعلم اللبناني، وهناك من وضع قناع "La casa de papel"، وهناك من غطّى وجهه، لا لأنّه "أزعر"، ولكن لأنّه اختار أن يعبّر عن نفسه كما يحب من دون أيّ قيود، فالثورة هي أيضاً ضد القيود.
 
 
"المطالب تتحدث"
في الساحة الوجع واحد هو وجع صنعته السلطة، وإن اختلفت المطالب، فالجامعي يتظاهر لأنّ كلّ ما يريده هو تعليم "محترم"، في دولة أهملت قطاعها الرسمي لقطاع خاص "يمص دم المواطن"، أما الموظف فيبحث عن حد أدنى للأجور في مؤسسات استعبدت العامل وانتهكت حقوقه، في حين يسأل العاطل عن العمل دولته عن حقّه في استثمار شهادة تحوّلت إلى لوحة حائط.
الأطفال في الساحة مشهد آخر، يتحدثون كما الكبار بعنفوان، يعبّرون عن وجع ذويهم ببراءة، وخلفهم ينكسر القلب بـ"كبار السن"، الذين يسألون بغصّة عن كرامتهم في هذا الوطن.
آلاف المطالب تزدحم، إن في ساحات النور أو في ساحات لبنان ككل، وهي في حقيقتها "حقوق"، على الدولة أن تؤمنها لمواطنيها، فالمتظاهرون لا يريدون "منّة" من سياسي، وإنّما يريدون ما هو حق مكتسب سرق منهم!

الورقة الإصلاحية سقطت..
"ما عاد حدا يضحك علينا"، بهذه العبارة يعبّر كثر من المتظاهرين عن رأيهم بالورقة الإصلاحية التي أعلن عنها الرئيس سعد الحريري بعد مهلة الـ72 ساعة، هم يرون أنّ البنود "خرافية" وأنّ الهدف منها هو حقن الشعب بالمورفين.
الثورة مستمرة، هذا ما يؤكده الجميع، فيما كشفت مصادر لـ"لبنان 24"، أنّ المتظاهرين شكلوا لجنة من 40 شخصية لإدارة الحراك.

طرابلس "الأفقر" لن تهدأ

لعلّ أجمل ما في مشهد طرابلس، أنّ الفقر لم يدفع ابناءها للتذمر لا من قطع الطرقات ولا من الإضرابات، الشعب في طرابلس اتخذ قراراً بأن يجوع يوماً وشهراً لأجل الكرامة، على أن يجوع دهراً في ظلّ سلطة لا خير منها.

تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك