Advertisement

لبنان

بيروت ترسم معالم العمل المدني لـ"ثورة 17 تشرين"

Lebanon 24
23-10-2019 | 05:16
A-
A+
Doc-P-638150-637074297909430073.jpg
Doc-P-638150-637074297909430073.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كتب وليد حسن في "المدن": مع استمرار توافد عشرات الآلاف من اللبنانيين إلى وسط بيروت للمشاركة في التظاهرات الشعبية، التي تعمّ جميع المناطق اللبنانية، بدأت معالم جديدة ترتسم في وسط العاصمة، لناحية تشكيل أطر سياسية على قاعدة الاتفاق على جامع مشترك، يتمثل في اسقاط الحكومة كمرحلة مفصلية. في الموازاة بدأت المجموعات والتجمعات تأخذ أبعاداً تنظيمية تجلت في دخول حافلات مكبرات الصوت، التي انتشرت بكثرة في اليومين الأخيرين، والمنصات لإطلاق المواقف والخطب والخيم، التي راحت تنتشر وصولاً إلى تمثال الشهداء، كدليل على أن الإقامة ستطول.

بيروت هايد بارك
ولعل ما يميز التظاهرات الشعبية في العاصمة عدم وجود قوى سياسية أو مدنية قادرة على تأطير الناس، أو صوغ خطاب موحّد. إذ يعتقد الناشطون أن أي تحرك في توحيد الخطاب أو المطالب سيبوء بالفشل في المرحلة الحالية، إذ ما زالت الجموع تنزل إلى الساحات من تلقاء نفسها. ما جعل وسط بيروت يبدو كمساحة للتعبير الفردي والجماعي، أكثر منه ساحة منظمة تستطيع تلك القوى والمجموعات الاستثمار فيها. فالشارع متروك ليعبر عن نفسه ويبوح بمكنوناته بلا ضوابط. وعلى هذه القاعدة ترى المجموعات اليسارية أن تطلق العنان لإسقاط النظام، بينما تذهب مجموعات سياسية أخرى إلى عقلنة الخطاب لإسقاط الحكومة.
Advertisement

بيروت هايد بارك مفتوح للجميع ولكل الاحتمالات. إذ ترى فيه مجموعات تقرر التحرك أمام المصرف المركزي، فتفعل من تلقاء نفسها، كما حصل اليوم مع إحدى المجموعات التي قررت الاعتصام أمامه تحت شعار "من هناك بدأ الفساد ومن هناك يبدأ الاصلاح الفعلي".

جمع التواقيع
وترى مجموعات أخرى تذهب إلى جمع تواقيع المواطنين لاختيار الشخصيات السياسية الذين يرغبون بهم لتسلم زمام السلطة في المرحلة المقبلة. وقد جرت محاولات، من قبل بعض الأطراف السياسية، لتعويم بعض الشخصيات السياسية لتبوء مناصب وزارية في الحكومة الانتقالية، التي يطمح البعض للوصول إليها، لكن تم دفنها في مهدها، خصوصاً أن هناك وعياً سياسياً فطرياً أخذ العبر من حراك العام 2015 وصراع المجموعات المدنية في ما بينها، والذي أطاح بالحراك من دون تحقيق أي إنجاز يذكر.

كذلك ترى مجموعات تجوب الشوارع الجانبية للعاصمة مرددين هاتف "هيلا هيلا هيلا هيلا هو.." فقط لا غير. أو ترى بعض المحامين وقد نصبوا خيمة للدفاع عن المتظاهرين في حال تعرضوا لأي انتهاك، أو في حال إرغام الموظفين على الذهاب إلى العمل، في وقت أعلنت الانتفاضة الإضراب.

 

إلى ذلك بدأ بعض الأفراد يعملون على تأسيس "عامية بيروت"، كما حصل مساء في ساحة سمير قصير. وهذه مبادرة يراد لها أن تعم جميع المناطق اللبنانية، وذلك على قاعدة جعل المواطنين يطرحون هواجسهم وأفكارهم ومخاوفهم في المرحلة المقبلة. ففي تجربتها الأولى جمعت الجلسة المسائية نحو عشرين شخصاً كانوا يناقشون أفكاراً حول أفق التظاهرة، وسرعان ما تحلق حولهم أكثر من مئتي شخص صودف مرورهم في المكان، عبّر أكثر من عشرة أشخاص منهم عن هواجسهم وتطلعاتهم وطرحوا أفكاراً لتنظيم تحركات نوعية، مثل الاعتصام أمام بيوت السياسيين والمسؤولين لإرغامهم على التنحي من مناصبهم.

"الشارع مكاننا الطبيعي"
بيروت تتسع للجميع، أفكاراً ومجموعات، وأفراداً بدأوا بالتحرك الجماعي دافعهم الوحيد ربما التخلص من التركة الماضية رموزاً وسياسات، وتصرفات تعبّر عن الاستخفاف بهم. فما كاد رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب يصدر تعميماً لاستئناف الدروس والأعمال الإدارية حتى انتفض بعض الأساتذة المستقلين وأعلنوا الإضراب، ومثلهم فعل الطلاب الذين أعلنوا: "شو ما صرح رئيس الجامعة مكاننا الطبيعي بالشارع". وإسوة بأساتذة الجامعة وطلابها، انتفض أفراد في الهيئة التعليمية في المدارس الرسمية والطلاب وأهلهم، ورفضوا قرار وزير التربية أكرم شهيب بفتح أبواب المدارس يوم الأربعاء، ليعود شهيب عن قراره ويترك الخيار للمدراء ليروا ما هو مناسب لهم في فتح المدارس من عدمها. لكن الأساتذة والطلاب والأهل رفضوا هذا التعميم أيضاً وقرروا تنظيم اعتصام أمام وزارة التربية، الأربعاء.

في بيروت، كما في بقية المناطق، بدأت ترتسم معالم جديدة للعمل المواطنيّ المدني الجماعي، ينطلق من مبدأ الخلاص من الطبقة السياسية التي جثمت على قلوبهم في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية. فثمة خيوط تواصل، لم تكن مرئية، حبكها اللبنانيون على مدى السنوات بين كل المناطق، ظهر في التظاهرات التي تعمّ كل المدن والقرى، وأثمرت تكاتفهم الحالي لعدم التضحية بما يعتبرونه إنجاز "ثورة 17 تشرين".

 
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك